(موقع العهد الإخباري)
قلب فيروس "كورونا" الحياة رأساً على عقب. بدّل الكثير من تفاصيلها. كثر غيّروا من نظام حياتهم ويومياتهم، طبعاً باستثناء الذين لا يزالون يعيشون تحت شعار "كورونا المزحة". وفيما تضيق صدور كثيرين من التغييرات المستجدة، محاولين التعايش معها، يترقّب سكان العالم بفارغ الصبر صدور لقاح يحميهم ويعيدهم الى حياتهم الطبيعية. ولا شك أنّ حرباً خفية وأخرى معلنة تجري في هذا السياق. حرب لقاحات تقودها بعض الدول لغايات مختلفة. وبغض النظر عن السباق المحموم وحرب المختبرات بين بعض الدول، يبقى الأهم لدى الناس العثور على لقاح يكفيهم شر الفيروس الخبيث. ولا شك أنّ لبنان واحد من الدول التي تترقّب فوز لقاح بالمواصفات المطلوبة بعدما حجزت وزارة الصحة حصة لبنان منه. ومن الآن حتى ذلك الحين، تبقى العين على عداد الإصابات الذي يسجّل أرقاما قياسية لامست أمس عتبة الألفي إصابة، مع تسجيل وفيات لحالات في منتصف العمر، وسط استهتار مجتمعي غير مبرّر.
بموازاة ذلك، نكاد نسمع بشكل شبه يومي عن لقاحات متنوعة الجنسية. بعض الدول تعلن أنّها قدمت طلباً لمنظمة الصحة العالمية للتأهيل المسبق للقاحها، وبعضها الآخر يعلن أنه لا يزال يجري التجارب عسى ولعل يفوز بالاعتماد. فهل سنشهد اعتماد لقاح رسمي للكورونا قبل نهاية العام؟ ما مواصفات اللقاح كي يحظى بالموافقة لاعتماده؟ ما الآلية للحصول على لقاح؟ وأين موقع لبنان من الحجوزات؟.
عراجي: لبنان حجز حصّته بانتظار اعتماد لقاح
رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي يؤكد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ لبنان حجز عبر منصة كوفاكس "التجمع العالمي للقاحات كورونا" بالتحالف مع منظمة الصحة العالمية حصة من اللقاحات ضد فيروس كورونا ودفع أموالاً مقابل هذه الحجوزات. هذه المنصة وضعت شرطاً -وفق عراجي- يقضي بحجز كمية 20 بالمئة من عدد السكان. ويشدّد عراجي على أنّ أي لقاح يبقى صدوره رهن أخذ الإذن والموافقة من منظمة الصحة العالمية، اذ يمنع على أي دولة أن تأخذ لقاحاً من هذه المنصة إلا بموافقة منظمة الصحة العالمية. الأخيرة لا تعطي الإذن سوى بعد أن تتوافر الشروط في اللقاحات. الأمان هو الشرط الأولي ومن ثم الفعالية.
القرار لمنظمة الصحة العالمية
ويلفت عراجي الى أنّ هناك أخبارا متضاربة بالنسبة لانتاج اللقاحات، اذ تجرى تجارب في هذا السياق من قبل دول عدة. هذه التجارب تتم عبر عدة مراحل. كثر باتوا في المرحلة الثالثة لاكتشاف ما اذا كان اللقاح فعالاً أم لا. وهنا ينوّه عراجي بخطوة لبنان بحجز حصته من اللقاح بانتظار إجراء التجارب على عدد من اللقاحات منها الروسي والصيني والأميركي. نحو 8 لقاحات باتت في المرحلة الثالثة من التجارب، على أن تقرر منظمة الصحة العالمية لاحقاً أي لقاحات ستعتمد.
الوضع في لبنان سيصبح أصعب..
وفي معرض حديثه، يلفت عراجي الى أنّ الوضع "الكوروني" في لبنان صعب حيث باتت الوفيات تطال شباناً بمنتصف العمر. نحن الآن في الموجة الاولى -يقول المتحدّث- وعندما يبدأ فصل الشتاء سنذهب الى الموجة الثانية التي بدأت تضرب بعنف في أوروبا، وسط معطيات تتحدث عن قدوم طفرة جينية من إسبانيا. أما في لبنان، فيشدّد عراجي على أنّ الوضع سيصبح أكثر صعوبة اذ سنبدأ بالموجة الثانية ونحن نعاني اليوم من نقص في الأسرة، فماذا تركنا لفصل الشتاء؟ يسأل عراجي الذي يوضح أن كثرا ومن بينهم أطباء يبحثون عن أماكن لهم في المستنشفيات اليوم ولا يجدون.
ويلقي عراجي باللوم على بعض المستشفيات الخاصة التي قصّرت في فتح أبوابها، وفي هذا الصدد، يلفت الى أنّ وزير الصحة الدكتور حمد حسن وجه كتاباً لوزارة العدل بخصوص المستشفيات الخاصة. فلنتخيل أنّه من أصل 130 مستشفى خاصًا لم يفتح سوى 20 فقط أقساما للكورونا، ولنتخيّل أنّ قضاء كالمتن لم يفتح فيه أي مستشفى خاص قسماً للكورونا. ماذا يريدون؟ أن تموت الناس في الشوارع؟ يسأل رئيس لجنة الصحة النيابية الذي يشدّد على ضرورة وجود حس وطني بعيدا عن الاستهتار المجتمعي الحاصل فوضع لبنان المنهار اقتصاديا لم يعد يحتمل المزيد من المغامرات.
شنقيطي: لبنان حجز حصته ودفع 4.7 مليون دولار
من جهتها، ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتورة إيمان شنقيطي تتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن الآلية المتبعة لاعتماد اللقاح ومواصفاته، لافتةً الى أنّ عملية الحجز تتم عبر منصة "الكوفاكس" التي تدار من قبل " GAVI" أي التحالف العالمي للقاحات والتحصين، والتي تتولى مهمة توزيع اللقاح عندما يتوفر عالمياً بعد أن تتم الموافقة عليه من قبل منظمة الصحة العالمية. حينها يتم توزيعه عبر مختلف الدول شرط أن يحصل عليه الجميع.
وتوضح شنقيطي أن وزارة الصحة اللبنانية حجزت مكانها عبر المنصة ودفعت 4.7 مليون دولار كدفعة أولية لعشرين بالمئة من سكان لبنان. كل دولة لها حصة 20 بالمئة من عدد سكانها، ولكن حتى اليوم هناك بحث في الفئات التي ستأخذ هذا اللقاح، بحيث يتم التركيز على الفئات المعرضة أكثر من غيرها ككبار السن والعاملين الصحيين وغيرهم. كل هذه التفاصيل ستراعيها الآلية التي سيتم الاتفاق عليها في الأسابيع المقبلة، بحسب شنقيطي.
من سيدرس هذه المواصفات ويحدّد الآلية؟ تجيب شنقيطي عن هذا السؤال بالإشارة الى أنّ الاتفاق سيتم بين منظمة الصحة العالمية و"اليونيسيف" والبنك الدولي تحت قيادة وزارة الصحة. نحن كشركاء نعمل لدعم وزارة الصحة، تضيف المتحدثة.
لا لقاح قبل العام المقبل
متى سيتوفر اللقاح في الأسواق؟، وفق شنقيطي، اللقاح غير موجود، وهناك حوالى 10 من اللقاحات تعطي نتائج جيدة، لكن التجارب السريرية لم تنته بعد، وقبل أن تنتهي هذه التجارب من المستحيل أن يكون هناك اعتماد لأي لقاح. المفروض التأكد من مواصفات اللقاح الجيدة والمتمثلة بالفعالية والأمان. وهنا تجزم شنقيطي بأنه قبل نهاية العام من غير المتوقع أن يُعتمد أي لقاح. وفق حساباتها، من المرجّح أن يشهد العام المقبل صدور لقاح للحماية من "كورونا".
فيروس "كورونا" سيكمل معنا...
وفيما تلفت شنقيطي الى أنّ هناك 10 لقاحات عالمية تجرى عليها الاختبارات، وقد يكون هناك أكثر من هذا الرقم، توضح أن لقاحا أو أكثر قد يفوز بالموافقة للتداول في الأسواق، ولكن هذا الأمر يعتمد على الموافقة على التداول تبعاً للمعايير ونتائج الاختبارات. وتوضح ممثلة منظمة الصحة العالمية أنّ اللقاح لا يزال بحاجة الى وقت، وفيروس "كورونا" سيكمل معنا، متمنيةً أن نعثر على لقاح في أقرب وقت لحماية الأشخاص المعرضين للإصابة.
وفي الختام، تؤكّد شنقيطي أنّ الوضع في لبنان كالوضع في البلدان المجاورة وأوروبا. هناك انتشار مجتمعي وعلى كل فرد منا مسؤولية تضاف الى مسؤولية وزارة الصحة والشركاء لحماية نفسه وأهله ومجتمعه.