نقلاً عن صحيفة "الأخبار"
تشكّل فحوصات الـ PCR مصدر كسب للمختبرات الطبية التي تحقق نحو 90 ألف ليرة ربحاً عن كل فحص تجريه. فيما لا تتوانى بعض «المختبرات - الدكاكين» عن تزوير نتائج هذه الفحوصات طمعاً بمزيد من الأرباح على حساب الأزمة التي تزداد تفاقماً مع وصول لبنان الى مرحلة الخطر.
مُتخلّفاً عن الصين بمرتبتين فقط، بات لبنان يحتّل المرتبة 58 عالمياً لجهة تسجيل الإصابات بفيروس «كورونا»، مع تجاوز إجمالي المصابين الـ83 ألفاً، أكثر من 39 ألفاً منهم حالات نشِطة. وقد سُجّلت أمس 1080 إصابة (1058 محلية و22 وافدة)، من أصل 6565 فحصاً، كما سُجلت تسع وفيات ضمن سياق تصاعدي بات «روتينياً»، علماً بأن الـ 1080 إصابة لا تعدّ تراجعاً عن عدد الاصابات الذي ناهز الـ 2000 إصابة يومياً في الأيام الماضية، إذ إن هذا «الانخفاض» سببه قلة عدد الفحوصات المخبرية (تتجاوز معدّلاتها في الأيام العادية عشرة آلاف فحص، في حين أن أيام الآحاد تقل نسبتها مع إغلاق كثير من المختبرات أبوابها في عطلة نهاية الأسبوع).
وفيما باشرت دول أوروبية إجراءات الإغلاق، لا يزال لبنان في غير هذا الوارد. على الأقل، هذا ما أشار إليه بيان وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي أمس، عندما نفى خبراً تداولته مواقع التواصل الاجتماعي عن الإقفال التام وحظر التجول بدءاً من الخميس المُقبل، لافتاً إلى ضرورة التقيّد بالإجراءات التي صدرت عن الوزارة أو التي ستصدر لاحقاً. وكانت «الداخلية» أعلنت، أمس، تشديد الإجراءات وتسيير دوريات لمراقبة منع التجول الذي أعلن عنه قبل يومين من التاسعة مساءً حتى الخامسة فجراً.
وفي ظلّ تفاقم أعداد الإصابات وإشارة وزير الصحة حمد حسن، أول من أمس، إلى أن «80% من المصابين لا تظهر عليهم عوارض ويتحركون بيننا»، تبرز أهمية خفض كلفة فحوصات الـ PCR التي حدّدتها وزارة الصحة بـ150 ألف ليرة، بعدما تحوّلت هذه الفحوصات الى مصدر ربح كبير لأصحاب المختبرات على حساب الهدف منها، وهو دفع أكبر عدد من المُقيمين إلى إجرائها. وفي هذا السياق، تبرز مبادرة «الفحص المدعوم» التي أطلقتها بلدية الغبيري في السادس من الشهر الماضي. و«لأن كلفة إجراء الفحوصات لعائلة من خمسة أشخاص توازي الحد الأدنى للأجور»، بحسب رئيس البلدية معن خليل، «وضعنا سعراً مدعوماً للفحص يبلغ 90 ألف ليرة بالاتفاق مع عدد من المراكز الصحية والمختبرات». خليل أكد أن هذا السعر «عادل ويدرّ ربحاً على المختبرات؛ إذ إن سعر الفحص أساساً هو 25 دولاراً (40 ألف ليرة وفق سعر الصرف الرسمي)، ويمكن إضافة 20 ألف ليرة كلفة تشغيلية و20 ألفاً ربحاً للمختبر، وفي الوقت نفسه توفير 60 ألف ليرة على الراغب في إجراء الفحص». وأكد أن البلدية لم تتكبّد أي مصاريف بموجب الاتفاق «وخلال أقل من شهر أجرينا 2300 فحص، واستقبلنا كثيرين من غير المقيمين في نطاقنا البلدي، وحققنا وفراً على الناس بنحو 160 مليون ليرة... وهذه تجربة يمكن تعميمها على بقية البلديات وعلى المستوى الوطني، إذ يمكن لوزارة الصحة أن تتخذ إجراءً مماثلاً لخفض الكلفة وتقليص أرباح المختبرات وضبط مطامع أصحابها».
الى ذلك، عادت الشكوك المتعلقة بنسب الإصابات بعد بروز عشرات الشكاوى من أشخاص أجروا فحوصات أعطت نتائج ايجابية قبل أن يعيدوا الفحص وتأتي نتائجهم سلبية. وزارة الصحة التي أكّدت سابقاً أن نسبة الفحوصات المغلوطة تقع ضمن هامش الخطأ «الطبيعي» المحدد بـ1% من الفحوصات (مثلاً، من بين كل عشرة آلاف فحص يمكن أن تصدر نتائج مغلوطة لـ100 فحص)، تقرّ حالياً بوجود أخطاء يتسبّب فيها بعض «المختبرات - الدكاكين»، مُشيرةً إلى أن اللغط الأبرز يدور حول تعداد الحالة أكثر من مرة «نتيجة قيام الشخص المشتبه في إصابته بإجراء الفحص أكثر من مرة»، وهو «ما يحتّم التنبه إلى هذه الحالات منعاً لتعزيز مزاج التشكيك في الأرقام الرسمية».
وعلمت «الأخبار» أن وزارة الصحة تحقّق في ملفات بعض المختبرات التي تسجل نتائج مغلوطة. وتُشير مصادر في الوزارة إلى أن بعض أصحاب المختبرات يزوّرون نتائج فحوصات للعمال السوريين المُضطرين إلى مغادرة لبنان، مؤكدة أن «هؤلاء سيُحالون إلى النيابة العامة».
الى ذلك، أعلن حسن من السراي الحكومي، بعد لقاء مع نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون، «أننا عمّمنا إلزامية استعداد المستشفيات الخاصة، في كل الاراضي اللبنانية، لتخصيص أسرة للعناية الفائقة لمرضى كورونا»، لافتاً الى أن هناك 133 مستشفى خاصاً، 18 منها فقط كانت تعمل على معالجة المصابين». وأكد إجراء «سلسلة اتصالات، أوّلها مع مصرف لبنان، لتأمين مساعدة المستشفيات الخاصة، ومع ديوان المحاسبة، لتسريع العقود»، مؤكداً أن «95 في المئة من مرضى كورونا لا يحتاجون الى دخول المستشفيات. ولكن ليس مبرراً أن يموت مريض على باب المستشفى».