حذر اتحاد شركات الأعمال البريطانية من أن إعادة فرض الإغلاق العام في بريطانيا -التي يمكن أن تغرق البلاد مرة أخرى في الركود- تمثل تهديدا "مدمرا" للاقتصاد البريطاني الذي ألحق به كوفيد-19 ضررا كبيرا.
ووجهت المديرة العامة للاتحاد كارولين فيربيرن كلمة مثيرة للقلق في افتتاح المؤتمر السنوي لكونفدرالية الأعمال المنعقد عبر الإنترنت هذا العام قبل أيام قليلة من بدء تنفيذ إغلاق جديد في البلاد الخميس، بهدف وقف الانتشار السريع للفيروس.
وشددت فيربيرن على أنه "من الضروري إبقاء الاقتصاد مفتوحا قدر الإمكان".
وخلال المؤتمر، وجّه زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر انتقادات حادة لأسلوب تعامل الحكومة مع الأزمة الصحية، وأكد أنه يقف إلى جانب الشركات. وقال ستارمر: "لم يتعلموا، ولم يصغوا، ولم يقودوا، النتيجة مأساوية لكنها متوقعة للغاية"، متهما الحكومة بأنها تأخرت كثيرا في اتخاذ إجراءات لاحتواء الفيروس.
وفي السياق، غرد حزب العمال على تويتر قائلاً إن البرلمان سيناقش اليوم الثلاثاء دعما اقتصاديا من الحكومة للشركات والأفراد.
وقال الفريق المكلف بالشؤون البرلمانية في الحزب إن رئيس السياسة المالية بالحزب سيستغل نقاشا بخصوص "مسألة عاجلة" ليطلب من وزير المالية ريشي سوناك الإدلاء ببيان بشأن "الدعم الاقتصادي المتاح للأفراد والشركات أثناء وبعد الإغلاق الذي أُعلن في الآونة الأخيرة".
تأتي القيود الجديدة في أسوأ الأوقات، خاصة بالنسبة لشركات التوزيع؛ إذ إن الشهرين الأخيرين من العام يكونان الأكثر ازدحامًا تقليديًّا مع يوم الجمعة "الأسود" ثم عيد الميلاد.
وتحدث اتحاد تجار التجزئة البريطانيين عن "كابوس ما قبل عيد الميلاد". وقالت مديرته العامة هيلين ديكنسون "سيلحق هذا أضراراً لا توصف بالمحلات التجارية في مراكز المدن، وبالوظائف، وسيؤخر تعافي الاقتصاد، مع تأثير ضئيل على انتقال عدوى الفيروس".
في مواجهة هذه الصدمة الجديدة للاقتصاد، قررت الحكومة على الفور تمديد آلية تعويض البطالة على نحو جزئي لمدة شهر واحد، حتى نهاية الشهر الجاري، والتي تدفع بموجبها الدولة أغلب أجور العاملين المحرومين من العمل.
لكن فيربيرن تطالب "بمزيد من الوضوح بشأن الجدول الزمني"، خشية موجة جديدة من إلغاء الوظائف بمجرد سحب الآلية.
وتتجه الأنظار حالياً إلى بنك إنجلترا، الذي من المقرر أن يكشف النقاب عن نتائج اجتماع السياسة النقدية الخميس. ويمكن أن تعزز المؤسسة النقدية برنامج إعادة شراء الأصول من أجل دعم الاقتصاد وطمأنة الأسواق، مع الاستمرار في التفكير في تنفيذ معدلات الفائدة السلبية.
ولن يكون الوباء الموضوع الوحيد على قائمة مناقشات مؤتمر أصحاب الشركات، الذين يشعرون بالقلق من تباطؤ المناقشات بين لندن وبروكسل بشأن العلاقة بعد "بريكست".
فقد دعت فيربيرن مجدداً إلى الإسراع في إبرام اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، وقالت: "نحن في أمس الحاجة إليه" من أجل تجنب حدوث صدمة مزدوجة للاقتصاد.
ومن المرجح أن يشهد الاقتصاد البريطاني نهاية صعبة للغاية هذا العام، مع انخفاض النشاط الاقتصادي الشهر الجاري بسبب تدابير الاحتواء، مما يؤدي إلى انتكاسة في الربع الأخير بعد انتعاش سُجل في الصيف.
ويشير اقتصاديو "دويتشه بنك" إلى أن "العواقب على النمو ستكون كبيرة". متوقعين انخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي بما بين 6 و10% الشهر الحالي، وانكماشاً مرجحاً خلال الربع الأخير.
في غضون ذلك، أفاد مسح بأن المصانع البريطانية فقدت مزيدا من الزخم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا سيما المصنعة للسلع الاستهلاكية، وهو ما يعزز المؤشرات على تباطؤ الاقتصاد، في الوقت الذي يتصاعد فيه عدد الإصابات بفيروس كورونا.
ورغم ذلك، بلغ مؤشرٌ لمدى التفاؤل لفترة سنة مقبلة أعلى مستوياته في 3 أعوام.
وهبط مؤشر "آي إتش إس ماركت/سي آي بي إس" (IHS Markit/CIBS) لمديري المشتريات بقطاع الصناعات التحويلية إلى 53.7 نقطة، مقابل 54.1 نقطة في سبتمبر/أيلول الماضي. لكنه يظل أعلى بشكل طفيف من القراءة الأولية، وفوق عتبة 50 التي تشير إلى تحقيق نمو.
وسجلت صناعات السلع الوسيطة والاستثمارية أداء قويا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن شركات إنتاج السلع الاستهلاكية -وهي الأكثر حساسية للتغيرات الاقتصادية على المدى القصير- شهدت تراجعاً في الإنتاج والأنشطة الجديدة، وذلك للمرة الأولى منذ بدء التعافي من صدمة كوفيد-19 في وقت سابق هذا العام.
وتوقعت أكثر من 60% من الشركات زيادة الإنتاج على مدار السنة المقبلة، وذلك مقابل 10% توقعت النزول.

