نقلاً عن الجزيرة نت - أيمن فضيلات
على مدى 27 عاما عمل في إنعاش المرضى وإمدادهم بالأكسجين عبر أجهزة التنفس الاصطناعي، جاء دوره، بعدما تمكّن فيروس كورونا من إصابته بمقتل، ليخضعه زملاؤه الأطباء لرحمة أجهزة التنفس الاصطناعي، بعدما فقد القدرة على التنفس.
ولم يمهل فيروس كورونا طبيب التخدير سميح عمرو (57 عاما) لاستكمال تدريب طلبته من أطباء الاختصاص حتى ينهي تعليمهم، فأنهى حياته صباح السبت الماضي بالمستشفى الإسلامي، لينضم إلى 7 أطباء سبقوه بسبب كورونا، ويعاني القطاع الطبي من ضغط وإنهاك، نتيجة ارتفاع الحالات المصابة بالفيروس ودخولهم المستشفيات.
وبعد أن قدم الأردن نموذجا في التعامل مع وباء كورونا، إبان انتشاره في المملكة منتصف مارس/آذار الماضي، وتصريحات وزير الصحة السابق سعد جابر بأن الفيروس "نشف ومات" وتسجيل صفر حالات لأسابيع، عاد الفيروس منتصف أغسطس/آب ليضرب في الأردن من جديد، ولكن بعنف هذه المرة.
فقد بلغ عدد الإصابات حتى مساء أمس الأربعاء 91 ألفا و234 حالة، منها 1029 حالة وفاة، و1617 تحت العلاج في المستشفيات.
%6 من المصابين بالمستشفيات
مازال عدد الإصابات يسجل ارتفاعا يوميا بالمئات، دون تقديرات لموعد بلوغ ذروة هذا الارتفاع، قبل تسطيح المنحنى نزولا نحو تسجيل أقل بأعداد الإصابات، في حالة من الضغط على القطاع الصحي الحكومي والعسكري والخاص، وهو ما دفع بمختصين للتحذير من انهيار القطاع الصحي، وعدم قدرته على مواجهة أعداد الإصابات المتزايدة.
ويتوقع عضو لجنة الأوبئة بسام حجاوي أن يصل الأردن ذروة موجة الانتشار الثانية خلال الشهر القادم، لتعود الإصابات للانخفاض، مرجعا -في حديثه للجزيرة نت- سبب زيادة الحالات المصابة إلى حالة التراخي وعدم المبالاة وإنكار المرض، التي يتعامل بها المواطنون، مما يعيق عمل القطاع الصحي ولجنة الأوبئة في السيطرة على حالة الانتشار المجتمعي.
ويبين حجاوي أن وضع القطاع الصحي مطمئن حتى الآن، خاصة أن الحالات المحتاجة للدخول للمستشفيات نسبتهم 6% من المصابين، فعدد الحالات المصابة المتلقية للعلاج داخل المستشفيات 1617 مرضى، منهم 374 حالة بالعناية الحثيثة، مشددا على أن 50% من المصابين لا تظهر عليهم الأعراض، ويمثلون بؤرا ساخنة في نقل العدوى للآخرين، خاصة مع عدم التقيد بإجراءات الوقاية من كمامات وتباعد اجتماعي وتعقيم.
منظومة طبية منهكة
رئيس لجنة الصحة بالمركز الوطني لحقوق الإنسان إبراهيم البدور شكك في عدد الإصابات المعلن عنها يوميا من قبل وزارة الصحة، مؤكدا أن "عدد الإصابات أضعاف ما يصرح به، فنسب الإصابة تزيد على 25% من عدد الفحوصات المعلن عنها، مع قلة عدد الفحوصات التي لا تتجاوز حاجز 30 ألف يوميا، فلو أجرينا 100 ألف فحص لسجلنا نحو 25 ألف إصابة".
وتابع البدور حديثه للجزيرة نت بأن الزيادة المضطردة بأعداد الإصابات تشكل عبئا على القطاع الصحي والمنظومة الطبية المنهكة أصلا، متسائلا هل يستطيع القطاع الصحي التعامل يوميا مع 1500 إصابة بحاجة لدخول مستشفى، منها 150 مريضا بحاجة لعناية حثيثة وتنفس اصطناعي، هذا إضافة للمرضى المصابين بأمراض أخرى، وحوادث السير والكسور، وغيرها.
ويشدد على أن "الأمر بحاجة لجدية واهتمام أكبر في التعامل مع الوباء من قبل الحكومة ووزارة الصحة والمواطنين، خاصة أولئك الذين مازالوا يتعاملون مع الوباء باستهتار ودون الالتزام بالإجراءات الوقائية".
وسجل الأردن من منتصف مارس/آذار وحتى منتصف أغسطس/آب 1800 حالة تخللها أسابيع كان يسجل صفر حالات، لكن الوضع تغير من بداية سبتمبر/أيلول وحتى الأربعاء الماضي فسجل نحو 90 ألف حالة خلال شهرين تقريبا.
خطة حكومية
مع ارتفاع أعداد الإصابات أعدت الحكومة خطة استجابة سريعة لمواجهة حالة التفشي الوبائي المتصاعدة، وتتكون من شقين، وفق رئيس لجنة تقييم الوضع الوبائي وزير الصحة السابق سعد الخرابشة.
وتتمثل الخطة في شقها الأول بزيادة عدد أسرة المستشفيات الحكومية لاستقبال الحالات المحتاجة للعلاج، وتدريب مكثف لأطباء الصحة على مواجهة الفيروس، وتعيين كوادر طبية إضافية من أطباء وممرضين، مع توقيع عقود من أطباء القطاع الخاص للعمل بالقطاع الحكومي.
ويضيف الخرابشة للجزيرة نت أنه تم الاتفاق أيضا على معالجة المرضى بمستشفيات القطاع الخاص وعلى نفقة وزارة الصحة، وإنشاء مستشفيات ميدانية بأقاليم الشمال والوسط والجنوب، وقد بدأ العمل بها بإنشاء مستشفى ميداني بسعة 200 سرير في مستشفى الملكة علياء العسكري، ويتم تجهيز مستشفيين بالزرقاء والكرك.
أما الشق الثاني للخطة فيتمثل بإجراءات رادعة بحق المخالفين للتعليمات من غير الملتزمين بلبس الكمامات والتباعد الاجتماعي، وإغلاق المقار الانتخابية، وزيادة ساعات الحظر الليلي، والحظر الشامل لأيام الجمعة، وحظر لمدة 4 أيام بعد الانتخابات النيابية.