قرر المجلس الاعلى للدفاع الذي التأم قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون "رفع انهاء الى مجلس الوزراء يتضمن الاغلاق الكامل اعتبارا من الساعة 5:00 من صباح يوم السبت الموافق فيه 14/11/2020 ولغاية الساعة 5:00 من صباح يوم الاثنين الموافق فيه 30/11/2020، مع مراعاة الاستثناءات التي تم تحديدها في قرار مجلس الوزراء رقم /1/ تاريخ 15/3/2020 المتعلق باعلان التعبئة العامة لمواجهة انتشار فيروس كورونا".
وطلب المجلس الاعلى للدفاع من الوزارات المعنية كل بحسب اختصاصها "التنسيق في ما بينها"، ومن الاجهزة الامنية كافة "العمل على اتخاذ جميع التدابير التي من شأنها وضع هذا القرار موضع التنفيذ الفوري، واعطاء التوجيهات اللازمة للتشدد في تطبيقه".
وقد سبق الاجتماع لقاء بين الرئيسين عون ودياب للبحث في الوضح الصحي في ظل ارتفاع عدد الاصابات بوباء "كورونا" واجراءات مواجهة تطور انتشار هذه الجائحة على مستوى الوطن.
رئيس الجمهورية
وأكد الرئيس عون في مستهل الاجتماع، أن "ثمة إجراءات يجب أن تتخذ لمواجهة انتشار الوباء"، لكنه شدد على أن "الأهمية تبقى في تجاوب المواطنين وادراكهم لأهمية الوقاية والتعاون مع الجهات المختصة لانجاح الهدف من الاقفال الذي سيتخذ على مستوى الوطن، لأن الوقاية هي الدواء الاول والمجاني"، مشيرا الى أن "مؤتمرا وطنيا سيعقد قريبا يضم جميع المعنيين بموضوع وباء "كورونا" لدرس الخطوات الواجب اعتمادها بعد انتهاء فترة الاقفال بحيث تكون المسؤولية جامعة وعلى مستوى الوطن".
دياب
بعد الاجتماع، تحدث الرئيس دياب فقال: "تكثر هواجس اللبنانيين وهمومهم وأسئلتهم... فالتحديات التي يواجهونها كبيرة جدا وعديدة واستثنائية. الخوف من الحاضر تسلل إلى قلوب اللبنانيين والقلق على المستقبل هو الهاجس المشترك. وبين الحاضر والمستقبل، ينشغل الناس بتأمين لقمة عيشهم ولو على حساب صحتهم. لكن الحقيقة أنه من دون وقاية صحية، فإن لقمة العيش لا تكون مضمونة".
وأضاف: "أنا أتفهم جيدا هواجس الناس وقلقهم وأسئلتهم، لكن الحرص على حياة آبائنا وأهلنا وأولادنا يحتل أولوية على ما عداها. إن البشرية كلها تواجه اليوم خطرا كبيرا من هذا الوباء الذي يجتاح العالم ويخطف حياة الناس ويعطل اقتصاديات أكبر الدول. نحن في لبنان، كنا نسير على الطريق الصحيح في عملية احتواء هذا الوباء، وتجاوزنا الموجة الأولى بنجاح، واحتل لبنان المرتبة 15 من بين الدول التي نجحت في مواجهة هذا الوباء، لأن الناس التزموا بنسبة عالية آنذاك بالإجراءات. لكن الانفجار في مرفأ بيروت أطاح بهذه الإجراءات وتسبب بفقدان السيطرة على انتشار الوباء، فضلا عن أن عدم التزام قسم من اللبنانيين بقواعد الحماية الذاتية من الوباء عبر وضع الكمامات والتعقيم والتباعد الاجتماعي، ساهم إلى حد بعيد بانفلات الوباء وانتقاله بسرعة ليتفشى بين اللبنانيين. ربما حتى اليوم هناك من يعتقد أن كورونا ليس وباء قاتلا، وهذا ما يساعد في تعطيل الإجراءات التي تتخذها الدولة لحماية اللبنانيين".
وتابع: "على مدى الأسابيع الماضية، اعتمدنا خططا عديدة لاحتواء الوباء، عبر الإقفال الموضعي للمناطق التي ترتفع فيها الإصابات. لكن هذه الخطط كانت تصطدم بعدم التزام قسم من الناس والالتفاف على الإجراءات، وكأن الأمر مجرد مخالفة. الواقع غير ذلك تماما. نحن اليوم بلغنا الخط الأحمر في عدد الإصابات، وبلغنا مرحلة الخطر الشديد في ظل عدم قدرة المستشفيات، الحكومية والخاصة، على استقبال المصابين بحالات حرجة، لأن أسرة المستشفيات أصبحت مليئة بحالات حرجة، ونخشى أن نصل إلى مرحلة يموت فيها الناس في الشارع في ظل عدم وجود أماكن في المستشفيات لمعالجة المصابين، أو تكون هناك مفاضلة بين شخص وآخر".
ولفت الى أن "كل البلد أصبح في وضع حرج. لا يمكننا الاستمرار بتطبيق خطة الإقفال الموضعي. هذا الأمر لم يحقق الهدف المطلوب. لقد كنت قد حذرت في شهر نيسان الماضي، أي منذ سبعة أشهر، من أن عدم التزام الناس بالإجراءات سيؤدي إلى ارتفاع كبير جدا بعدد الإصابات في الموجة الثانية. أعرف أن هناك انقساما في الرأي بين مؤيد للإقفال التام وبين معارض له. ولكل رأي حجته. هذا النقاش يحصل في معظم دول العالم، وهناك انقسام في العديد من الدول الأوروبية حول هذا الموضوع".
واردف: "أعلم جيدا حجم الأضرار الاقتصادية بسبب الإقفال، وأسمع بوضوح أصوات الاقتصاديين والتجار وهم يصرخون ضد قرار الإقفال وتداعياته على أعمالهم. كما أسمع بوضوح أصوات الأطباء والمستشفيات وكل القطاع الصحي، وهم يدقون ناقوس الخطر ويطالبون بإقفال البلد لمدة شهر كامل، كي يتمكنوا من تخفيف سرعة الانهيار الصحي. للأسف، لو أن الناس التزموا بإجراءات الوقاية منذ أشهر، كنا وفرنا على البلد هذا القرار الصعب في ظل ما يعيشه البلد من صعوبات. والآن وصلنا إلى هنا، إلى هذه المرحلة الحساسة جدا من انتشار الوباء، ولم يعد لدينا خيارات أخرى نلجأ إليها. ولذلك اتخذنا اليوم قرار الإقفال التام اعتبارا من يوم السبت 14 تشرين الثاني ولغاية يوم الأحد 29 تشرين الثاني الحالي".
ولفت الى انه "إذا التزم اللبنانيون بالإجراءات ونجحنا باحتواء الوباء عبر تخفيض عدد الإصابات، فإننا نكون قد أنقذنا الناس وربما نكون قد أنقذنا الاقتصاد أيضا، لأننا نكون قد استبقنا موسم الأعياد بفترة جيدة. أما إذا لم يلتزم اللبنانيون واستمر مؤشر الإصابات مرتفعا، فإننا قد نضطر لتمديد الإقفال فترة إضافية".
اضاف الرئيس دياب: "طلبنا من وزارة الصحة رفع الجهوزية في القطاع الصحي في هذه الفترة. كما طلبنا من الأجهزة العسكرية والأمنية التشدد في تطبيق قرار الإقفال في كل المناطق من دون استثناء. يجب أن يكون الإقفال تاما وشاملا لجميع المناطق اللبنانية. طبعا ستكون هناك استثناءات في قرار الإقفال للقطاعات الصحية والحيوية، وسيعلن عنها بعد قليل. لكن هناك قرار حازم بمواجهة تفشي هذا الوباء وإعادته إلى السيطرة، حتى يتسنى للقطاع الصحي التقاط أنفاسه ومنع انهيار الواقع الصحي في البلد بمواجهة وباء كورونا".
وتابع: "أناشد اللبنانيين أن يلتزموا بالإجراءات الصحية والتدابير التي اتخذناها لحماية أنفسهم وعائلاتهم. رهاننا على وعي اللبنانيين للخطر، وأن يكونوا شركاء في هذه المواجهة الصعبة. وأنا أعلم جيدا أن اللبنانيين تقوى عزيمتهم في التحديات وأنهم قادرون على الانتصار في هذه المواجهة. وفقنا الله لخدمة لبنان وحماية اللبنانيين".
اللواء الأسمر
ثم تلا اللواء الاسمر البيان التالي: "بدعوة من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، عقد المجلس الاعلى للدفاع اجتماعا عند الساعة 11,00 من قبل ظهر اليوم الثلثاء الواقع فيه 10 تشرين الثاني 2020 في القصر الجمهوري، لمتابعة آخر التطورات والإجراءات للحد من انتشار فيروس كورونا، في ظل ارتفاع أعداد المصابين والوفيات من جهة ومن جهة أخرى النقص في عدد أسرة العناية الفائقة في المستشفيات الحكومية والخاصة، حضره دولة رئيس مجلس الوزراء، ووزراء: المالية والدفاع الوطني والخارجية والمغتربين والداخلية والبلديات والاقتصاد والتجارة والاشغال العامة والنقل والصحة العامة.
كما حضر الاجتماع، كل من: قائد الجيش، المدير العام لرئاسة الجمهورية، المدير العام لقوى الأمن الداخلي، المدير العام لأمن الدولة، الامين العام للمجلس الأعلى للدفاع، المدير العام للامن العام بالوكالة، معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالانابة، المستشار الأمني والعسكري لفخامة الرئيس، مدير المخابرات في الجيش، رئيس شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي، نائب المدير العام لأمن الدولة، مستشارة رئيس الحكومة الدكتورة بترا خوري، الدكتور وليد الخوري، نقيب اصحاب المستشفيات السيد سليمان هارون، نقيب الاطباء الدكتور شرف ابو شرف.
في مستهل الاجتماع تحدث فخامة الرئيس عن أهمية الاجتماع الذي يعقد اليوم للبحث في الاجراءات الواجب اتخاذها لمواجهة انتشار وباء "كورونا" في مختلف المناطق اللبنانية، لافتا الى ضرورة العمل للتخفيف من الإصابات وتمكين المؤسسات الصحية من القيام بدورها في معالجة المصابين.
واشار فخامة الرئيس الى ان ثمة إجراءات يجب ان تتخذ لكنه شدد على ان الأهمية تبقى في تجاوب المواطنين وادراكهم لأهمية الوقاية والتعاون مع الجهات المختصة لانجاح الهدف من الاقفال الذي سيتخذ على مستوى الوطن، مع مراعاة أوضاع بعض الشركات والمصانع والمؤسسات الاستشفائية لتمكينها من القيام بالمسؤوليات المترتبة عليها.
وشدد فخامة الرئيس على أن الوقاية هي الدواء الاول والمجاني، وعلى ضرورة التنسيق بين الوزارات والادارات المختصة، مشيرا الى أن مؤتمرا وطنيا سيعقد قريبا يضم جميع المعنيين بموضوع وباء "كورونا" لدرس الخطوات الواجب اعتمادها بعد انتهاء فترة الاقفال بحيث تكون المسؤولية جامعة وعلى مستوى الوطن.
ثم تحدث دولة الرئيس دياب فقال:"ان لبنان اليوم امام تحد خطير لان وباء "كورونا" سيصبح خارج قدرتنا على السيطرة، وبالتالي فان المجتمع سيصبح تحت خطر شديد. لقد تجاوزنا الخطوط الحمر، واصبح واجب علينا رفع مستوى الإجراءات وللأسف فان قسما من اللبنانيين يتحمل جزءا أساسيا من المسؤولية في الوصول الى هذه المرحلة، ولو حصل التزام بالاجراءات التي كانت تتخذها الحكومة لما كنا مضطرين اليوم لرفع سقف هذه الإجراءات".
وأضاف دولة الرئيس: "كنت حذرت بعد الموجة الاولى من وباء "كورونا"، أن الموجة الثانية سوف تكون أقوى إذا لم يلتزم اللبنانيون بإجراءات الوقاية. إن القطاع الصحي اليوم يدق ناقوس الخطر الشديد بسبب عدم وجود أسرة كافية لاستيعاب الحالات الحرجة، وهذا القطاع بكامله يطالب بإقفال البلد لمدة شهر. لقد حاولنا بكل الوسائل تفادي هذا القرار، لكن عدم إلتزام قسم من اللبنانيين هو الذي اوصلنا الى ما نحن عليه. وأنا أعرف ان أضرار الاقفال كبيرة، ليس فقط على الاقتصاد بل أيضا على الوضع المعيشي لبعض الفئات الاجتماعية كما على الدولة. لكن هذا الاقفال هو لتفادي رؤية الناس تموت في الشارع ولا أمكنة في المستشفيات لمعالجتها.
وتابع دولة الرئيس: نحن مرغمون اليوم لاتخاذ قرار الاقفال لحماية اهلنا وأبنائنا من الخطر الكبير القادم الينا . من هنا، أقترح اقفال البلد اعتبارا من يوم السبت 14 تشرين الثاني، لإعطاء فرصة للناس أن تتحضر للاقفال، ولغاية صباح الاثنين 30 تشرين الثاني الحالي.
هكذا، يمكن أن نحمي موسم الاعياد والاقتصاد إذا التزم الناس، ونجحنا بتخفيض الاصابات وإحتواء الوباء، كما حصل في البداية حين استطعنا أن نكون من بين 15 دولة في العالم نجحت باحتواء الوباء.
أضاف دولة الرئيس:" أعرف ان هذا القرار صعب، لكن إذا لم نلجأ للإقفال سيكون الواقع أصعب. وهذا القرار يجب أن ينفذ، والمطلوب من كل الاجهزة العسكرية والامنية أن تكون مستنفرة بكل المناطق للتشدد بتنفيذه. لا يجب أن تكون هناك مناطق لا تتقيد بالاجراءات. أنا أعلم انه ليس من السهل تطبيق الاقفال التام، لكن الدولة وأجهزتها معنيتان بحماية اللبنانيين. من دون أن نتكلم عن هيبة الدولة، فإننا نتكلم عن حماية أهلنا. لذلك يجب على كل الاجهزة ان تتعاون وتضع خطة وتوزع المسؤوليات لملاحقة تنفيذ القرار. إذا لم ننجح باحتواء الوباء خلال فترة الاقفال، سوف نمدد فترة إضافية. لذلك علينا أن نحاول التوفير على البلد تمديد الاقفال".
ثم عرض وزير الصحة واقع القطاع الصحي والاستشفائي ومطالب القطاعات المعنية التي قضت بضرورة اتخاذ القرار اللازم بالاقفال العام. كما شدد على أهمية ان تواكب الاجهزة العسكرية والامنية هذا القرار لحسن تطبيقه. كما أكد وزير الصحة ضرورة رفع الجهوزية الاستشفائية لزيادة عدد الاسرة لمعالجة المصابين.
وقد أبلغ وزير الصحة الحضور ان الاتصالات جارية لتأمين اللقاحات اللازمة التي تبين أنها مجدية.
ثم عرض نقيب اصحاب المستشفيات الخاصة الواقع الاستشفائي وشدد على الوضع الحالي الصعب الذي يعاني منه هذا القطاع وعلى أن المستشفيات لن تتهاون لتأمين اللازم للمرضى إنما ضمن إمكانياتها المادية والتجهيزية والتشغيلية، وتم التداول بهذه المسألة وسيتم السعي لتأمين الموارد المالية اللازمة للمستشفيات.
أخيرا، شدد نقيب الاطباء على ضرورة ان يتم التنسيق بين مختلف الجهات المعنية وأن يلتزم الجميع بالتدابير والاجراءات الوقائية في اطار الاقفال العام لما له من انعكاسات إيجابية على إنجاح قرار الاقفال العام.