(موقع العهد الإخباري)
حتى مساء الجمعة كان قد تجاوز العدد التراكمي للمصابين بفيروس كورونا في قضاء صور الألفين وسبعماية مصاب بعد تسجيل سبع وتسعين إصابة جديدة، في عدد هو الأعلى منذ بداية تفشي الوباء في لبنان. ولعل من الصدف التي تأتي على هيئة فرص نجاة، دخلت مرحلة الإقفال التي أعلن عنها المجلس الأعلى للدفاع بتوصية من اللجنة الوزارية الخاصة بمكافحةِ فيروس كورونا حيز التنفيذ لعلها تفلح في فرملة الانتشار ولملمة أوضاع الجسم الطبي الذي اُنهِك وبات على شفير عدم القدرة على مواصلة التصدي لشرار المرض، الأمر الذي لطالما حذر منه وزير الصحة العامة د. حمد حسن خلال جولاته في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية بمختلف المناطق اللبنانية لا سيما في منطقة الجنوب.
قرار الإقفال رافقته اجراءات استثنائية اتخذتها القطعات المنتشرة لقوى الأمن الداخلي والتي كانت منذ صباح السبت تنفذ الحواجز الثابتة والطيارة وتعمل على ارشاد المواطنين لضرورة التقيد باجراءات التعبئة العامة قبل بدء التشدد بتطبيق القرارات الصادرة عن وزارة الداخلية والبلديات وتسطير محاضر الضبط والغرامات للمخالفين فيما نفذت جولات أيضاً داخل القرى للغاية نفسها. وعلى خط موازٍ وفي اجراء لم يكن معتمداً خلال الأشهر الأولى من معركة مكافحة انتشار الوباء، فقد لوحظ دخول الجيش اللبناني على خط تطبيق الإجراءات إذ نفذ عناصر من اللواء الخامس حاجزاً عند المدخل الشمالي لمدينة صور للتدقيق بالسيارات الداخلة والخارجة منها وبإلتزام السائقين والمتنقلين بارتداء الكمامة، مع العلم أن الجيش كان ولا زال يتخذ اجراءات مماثلة مع دخول منع التجول المسائي حيذ التنفيذ وعند الحواجز الرئيسية الثابتة فقط والتي تعد معابراً إلى المنطقة. كل ذلك ترافق أيضاً مع دوريات نفذتها الشرطة البلدية في مختلف القرى والمدن، وبيانات أصدرتها البلديات والجمعيات واللجان المكلفة بمتابعة الأزمة في التجمعات السكنية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين لحث المواطنين على ضرورة اتباع الإجراءات التي قد تحمي الناس وتمنع عنهم شرور الوباء.
وفي هذا السياق أشار مدير وحدة ادارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور مرتضى مهنا لموقع "العهد" الإخباري إلى أن اجتماعاً عقد في الوحدة عشية الإقفال العام مع قيادة قوى الأمن الداخلي في المنطقة، حيث جرى الإتفاق معها على ضرورة التعاون من خلال تنفيذ حواجز عند الطرق الرئيسية والتقاطعات في القرى، وتيسير دوريات بشكل متواصل ودائم لتسطير محاضر ضبط تقمع المخالفين والرافضين الالتزام بالقوانين والاجراءات التي تحميهم بالأصل وتمنع اصابتهم. ولفت مهنا، إلى أن ما اتفق عليه الجمعة بدأ تطبيقه بالفعل منذ صباح السبت خاصة لناحية الدوريات السيارة في القرى التي اشتكى عدد من رؤساء بلدياتها من رفض العديد من أصحاب المؤسسات الامتثال لقرار الإقفال.
وعن حجم الإلتزام يشير مهنى إلى أن الوحدة راضية إلى حد ما عن النسبة التي وصلت إلى 60 بالمئة خلال اليوم الأول، داعياً الأهالي إلى التعاون ووضع حد للسهرات العائلية خلال هذه الفترة كي نُخرج نصف مليون شخص يقيمون في قرى القضاء من عين الخطر المحدق والذي تجلى بالارتفاع العامودي لأعداد الإصابات فيه خلال الأيام الأخيرة.
ومع هذه الإجراءات يتواصل العمل لوضع اللمسات الأخيرة لتجهيز مستشفى قانا الحكومي بغرف عناية مركّزة مخصصة لمرضى كورونا والتي كان وزير الصحة قد وضعها على السكة الصحيحة منذ أشهر، بانتظار وصول المستشفى الميداني الذي قدمته دولة قطر كهبة للبنان لمواجهة انتشار الوباء والذي من المتوقع أن يصل إلى بلدة جويا خلال الأيام القادمة ليجري افتتاحه ويبدأ باستقبال الحالات التي يمكن معالجتها فيه.
ولا يختلف الوضع كثيراً في بقية أقضية الجنوب عنه في صور، لا سيما في مدينة النبطية ومحيطها والتي شهدت أيضاً التزاماً بنسبة مرتفعة بقرارات الإقفال، وفق ما يؤكد عضو مجلس بلدية المدينة محمد جابر لموقع "العهد".
ويشير جابر إلى أن تجاوب المواطنين لم يقتصر على إقفال المؤسسات والمحال التجارية في أسواق المدينة، بل وبدا واضحاً من خلال حركة السير التي تراجعت بشكل كبير وبالتزام من خرجوا لقضاء حوائجهم بارتداء الكمامة والقفارات واتباع اجراءات الوقاية التي باتت معروفة، متمنياً على الأهالي مزيداً من التعاون خلال الأيام القادمة للتخفيف من أعداد المصابين وتجاوز المرحلة الحساسة والخطيرة التي يمر بها وطننا.
وعن الإجراءات الأمنية المتبعة يؤكد جابر أن القوى الأمنية تقوم بما يلزم لتطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الدفاع الأعلى، وأن البلدية وأجهزتها حاضرون لمؤازرتها ومواكبتها في أي وقت تطلب ذلك.
مع حلول ساعات المساء ودخول فترة حظر التجوال حيز التنفيذ سجل التزام واسع في مختلف القرى الجنوبية التي يُشهد بأنها كانت تتحلى بمستوى عالي من الوعي منذ اللحظة الأولى لبداية تفشي الوباء في لبنان وبالتعاون بين مختلف أطياف مجتمعها ومؤسساته لحماية المواطنين فيها من خطر كورونا الذي لن يبقي لهذا الوطن من فرحة إذا لم يُحاصر ويُفرَل في أسرع وقت.