(موقع العهد الإخباري)
ذهب لبنان مرغماً نحو الإقفال العام بعدما لامس الوضع "الكوروني" الخطوط الحمراء. خطوط لامست معها القدرة الاستيعابية للمستشفيات الحدود القصوى، ليبدأ البحث عن مخرج يقي لبنان شر السيناريو الأسوأ القادم. سيناريو لم يعد خافياً أنه أكبر من طاقة لبنان على التحمل. البلد المعدم اقتصادياً ومالياً وجد نفسه ما بين خيارين أحلاهما مر. إما الإقفال مع ما يحمله من تبعات اقتصادية، وإما إبقاء منافذ تسلل الفيروس مفتوحة على مصراعيها مع ما تحمله من أعباء ثقيلة جداً. توجّه لبنان نحو الخيار الأول مع الإيمان بأن كافة الإجراءات والتدابير لن تؤتي أكلها اذا لم يتحمل كل فرد مسؤوليته ويتعامل مع الآخرين على أنه مصاب. كل مواطن عليه أن يكون خفيراً يتسلّح بالوعي اللازم لحماية نفسه والآخرين.
وفيما يُعوّل على الإقفال التام لخفض عداد الإصابات، أعرب البعض عن استغرابه بقاء الأرقام المرتفعة بعد أيام على الإقفال، ليسجل العداد 2048 إصابة يوم الأربعاء (19-11). فكيف يقرأ مراقبون النتائج بعد ستة أيام على الإقفال العام؟.
البزري: ظهور النتائج يحتاج من سبعة الى عشرة أيام
عضو اللجنة العلمية المتابعة لـ"كورونا" الدكتور عبد الرحمن البزري يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنه من المبكر أن تظهر نتائج الإقفال حالياً، ففترة حضانة فيروس "كورونا" تمتد من يومين حتى 14 يوماً، وكي نعتبرها وسطية نحتاج حوالى الأسبوع. وعليه، يشير البزري الى أنّ البلاد أقفلت فعلياً السبت ما يعني أنّ النتائج الجيدة -إن وجدت- لن نلمسها قبل أيام الجمعة والسبت والإثنين أيضا. وفق البرزي، يجب أن تمر فترة من سبعة الى عشرة أيام لنرى نتائج الإقفال، وهذا ما يفسّر من وجهة نظره الأرقام المرتفعة التي شهدناها خلال اليومين الأخيرين اذ من المبكر الحديث الآن عن فائدة الإقفال من عدمه.
فترة الإقفال يجب أن تكون أقلها أربعة أسابيع
ويلفت البزري الى أننا كخبراء نحث على ضرورة أن تكون فترة الإقفال أقلها أربعة أسابيع حتى تؤتي أكلها كما يجب، لكن لبنان لا يحتمل هذه المدة بسبب الأوضاع الاقتصادية. وفيما يتعلق بنسبة الالتزام بالإقفال العام، يلفت البزري الى أنها تبدو ظاهرياً وحتى اللحظة جيدة وهناك تقارير لوزارة الداخلية تقول ذلك، ولكن في الباطن لا نتمكّن من تقييمها. لكن البزري يلفت الى أنه وحتى لو كان الالتزام جيدا فالفترة الطويلة تختبر مدى محافظة الناس على هذا الالتزام. كما يوضح البزري أن الالتزام وحده غير كاف، وعلى الدولة أن تجهّز نفسها جيداً لمرحلة ما بعد الإقفال. وهنا يشير البزري الى أن معلوماته تقول إن الحكومة ترفض النقاش في مرحلة ما بعد الإقفال على أساس أن الطاقم الموجود في رئاسة الحكومة يرى أنه عمل كل ما بوسعه حتى الساعة، بحسب البزري.
وفي معرض حديثه، يشدّد البرزي على أن تجهيز المستشفيات يشكّل أحد الأمور التي يجب العمل عليها، مع الإشارة الى أن بعض المستشفيات رفعت مستوى تجهيز أقسامها، لكن الوضع يستدعي العمل أكثر في هذا السياق. ورداً على سؤال حول ما إذا كان القطاع الطبي قد شهد ارتياحا في فترة الإقفال، يلفت البزري الى أنه وطالما الإصابات لا تزال على حالها، فإن القطاع الطبي لا يزال تحت الضغط.
الإقفال قرار غير شعبي لكنه ضروري
وخلال مقاربته الواقع الحالي، يلفت البزري الى ضرورة عقد اجتماع يضم ممثلين عن كافة المهن والمصالح التي يتكون منها المجتمع اللبناني للبحث في السبل التي يجب العمل عليها في مرحلة ما بعد الإقفال، وإلا ذاهبون نحو إقفال جديد قريباً، يضيف البزري. ويشدّد البزري على أن الإقفال قرار غير شعبي ولن يرضي الناس، لكنه ضروري رغم أنه غير كاف حتى ولو تم الالتزام به. وفق البزري، يجب أن تتحضر الحكومة لمرحلة ما بعد الإقفال حتى لا تتكرر الإقفالات. ويناشد البزري كل مواطن أن يكون خفيراً على نفسه وعائلته ومجتمعه فبالتضامن المجتمعي نربح المعركة، فيما المطلوب من الدولة أن تقوم بواجباتها.
ولا ينكر البزري أن لبنان يخوض معركة "الكورونا" وهو في أسوأ ظرف اقتصادي يمر به بعدما نهبت الطبقة السياسية البلد، وبعدما سحب المصرف المركزي وحاكمه "العظيم" الأموال، منتقداً بيروقراطية الدولة التي لم تتغيّر حتى اليوم، ويعطي مثالا على ذلك الأدوات الطبية التي لا تزال عالقة في المرفأ ونحن بأمس الحاجة لها. وعليه، يرى البزري أن الشيء الوحيد الذي "نمون" عليه هو أنفسنا فلنلتزم ونعمل بما تمليه علينا المسوؤليات على أمل أن تقوم الدولة بواجباتها مع اعتقادي بأن العقلية التي يسير بها البلد لا تنبئ بالتغيير، يختم البزري.
الشنقيطي: أي إقفال عام يجب أن يتراوح بين أربعة الى ستة أسابيع
ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتورة إيمان الشنقيطي تشدّد على أنّ أي إقفال عام يجب أن يتراوح بين أربعة وستة أسابيع، ويجب أن يكون مصحوباً بالالتزام كي يعطي النتائج المرجوة. ما الأسباب؟ توضح الشنقيطي أننا نحتاج الى دورتين، وكل دورة عبارة عن أسبوعين. لنفترض أن شخصاً نُقلت اليه العدوى في آخر يوم من الدورة الأولى، حينها علينا الانتظار أسبوعين كي يتعافى -تقول الشنقيطي- التي تؤكّد أنه ولكي نضمن التخفيف من انتقال العدوى فإن من أربعة الى ستة أسابيع هو الوقت المثالي.
وتلفت ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان الى أنّ أسبوعي إقفال في لبنان من الممكن أن يساعدا في التخفيف من عدد المرضى الموجودين في المستشفيات حيث يتم توفير بعض الأسرة، لكن عدا ذلك لن يكون لهذه الفترة من الإقفال تأثير كبير على عدد الحالات المصابة في المجتمع.
وعي المواطن يحدث فرقاً
وفي الختام، تلفت الشنقيطي الى أنّ وضع لبنان لناحية "كورونا" صعب شأنه في ذلك شأن البلدان المجاورة. تعوّل بشكل رئيسي على المواطن ليرفع من نسبة الوعي ويلتزم بالإجراءات الوقائية اللازمة. وفي الوقت نفسه، تشدد على ضرورة أن يصاحب وعي المواطن العمل الدؤوب من قبل المؤسسات لحماية الكادر الطبي، فضلاً عن تجهيز القدرات الاستشفائية في البلد. وفق الشنقيطي، فإنّ هذه العوامل الثلاثة مهمة ولكن التزام كل فرد منا هو العامل الرئيسي الذي يحدث فرقاً.