(موقع الخليج الجديد)
من "فايزر" و"مودرنا" إلى "سينوفاك" و"سبوتنيك"، ومن "أكسفورد" و"كورونا فاك" إلى "نوفافاكس" و"سينوفارم"، تتسارع خطى العالم لإنتاج لقاح مؤثر وفعال لمواجهة "كورونا".
وبينما تتسابق الشركات العالمية على إعلان نجاح التجارب السريرية على لقاحاتها، وتقديم طلبات حصول على تصريح طوارئ لاستخدامها، تتوالى طلبات من دول عربية لنيل حصة من هذه اللقاحات عبر فواتير الاستيراد الباهظة.
ويحمل تسارع خطى العالم، نحو إنتاج لقاح لمواجهة "كورونا" دلالات عدة أبرزها تصدر البحث العلمي والدوائي أجندة دول بعينها، في مقابل تذيل العالم العربي سباق البحث عن طوق النجاة من الوباء العالمي.
10 لقاحات عالمية
يترقب العالم لقاح شركة "فايزر" (Pfizer) الأمريكية و"بيونتك" (BioNTech) الألمانية، الفعال بنسبة 95% للوقاية من"كورونا"، بالاستناد إلى التجارب التي أجرتها الشركتان.
وتعد الشركتان أول الجهات التي تقدمت بطلب إلى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية والجهات الأوروبية لترخيص لقاحهما، الذي يعمل على ضخ جزئيات من الإرشادات الجينية تسمى "الرنا المرسال" في الخلايا؛ لدفعها إلى تصنيع بروتينات أو "مضادات" موجهة ضد "كورونا".
وتتصدر الولايات المتحدة، السباق، بلقاح آخر تنتجه شركة "مودرنا" (Moderna) الأمريكية، التي تقول إن فعاليته تبلغ 94.5%، وهو يقوم أيضا على تقنية "الحمض النووي الريبوزي المرسال".
وتطور شركة "نوفافاكس" (Novavax) الأمريكية، لقاحا يعتمد على بروتين معاد التركيب، يمكن إدخاله إلى النظام المناعي لدفعه إلى الاستجابة ضد الفيروس، وهو قيد المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.
وهناك لقاح شركة "جونسون أند جونسون" (Johnson & Johnson) الأمريكية، المكون من فيروس معدل بالاعتماد على تقنية النواقل الفيروسية؛ وينتظر إصدار النتائج في الفصل الأول من العام 2021.
أما بريطانيا فتخوض السباق بلقاح جامعة أكسفورد (Oxford University) وشركة الأدوية "أسترازينيكا" (AstraZeneca)، الذي قد تصل فعاليته إلى نحو 90%، ودون أي آثار جانبية خطرة.
ويتميز اللقاح البريطاني بأنه أقل كلفة وأكثر سهولة للتخزين لانعدام الحاجة إلى حفظه في درجات حرارة منخفضة، ومن المتوقع أن تتاح منه 3 مليارات جرعة في 2021.
تنافس روسي صيني
ويبرز ضمن القائمة، لقاح "سبوتنيك في" (Sputnik V) الروسي، الذي طوره مركز أبحاث الأوبئة "جاماليا"، مع وزارة الدفاع الروسية، وجرى الإعلان عن أنه فعال بنسبة 92%، وهو أرخص من اللقاحات الأمريكية، وقد تلقت منظمة الصحة العالمية طلبا لتسجيله.
وتصارع على المراكز الأولى في السباق، الشركات الصينية، بلقاح "كورونا فاك" من إنتاج شركة "سينوفاك" (Sinovac) الذي يخوض تجارب المرحلة الثالثة.
وهناك لقاح صيني آخر من إنتاج شركة "سينوفارم" (Sinopharm)، بالتعاون مع معاهد أبحاث صينية، وكذلك لقاح "أد5 أن كوف" الذي تنتجه شركة "كانسينو بايولوجيكال" (CanSino Biologics) الصينية، بالتعاون مع الجيش الصيني.
وتتوقع الحكومة الصينية أنها ستتمكن بحلول نهاية العام من إنتاج 610 ملايين جرعة من عدة لقاحات مضادة لـ"كورونا".
وتشارك الهند في السباق، بلقاحها "كوفاكسين" (Covaxin)، الذي يجرى تطويره من قبل شركة "بهارات بيوتيك" (Bharat Biotech)، وبدعم من الحكومة الهندية، وتتوقع أن يصبح متوفرا في الربع الأول من عام 2021، ويعتمد لقاحها على تكنولوجيا اللقاح الخامل أيضا.
ولم يتواجد في السباق من دول العالم الإسلامي، سوى تركيا التي أعلنت نجاح لقاحين محليين في الاختبارات التي أجريت على الحيوانات خلال الفترة الماضية، وشرعت في إجراء التجارب البشرية لاختبار مدى فعاليتهما في مواجهة "كورونا".
فئران تجارب
عالميا وعربيا وخليجيا، برزت البلدان الغنية، التي سارعت إلى إبرام صفقات ضخمة مع "فايزر" و"موديرنا" للحصول على اللقاح، فور اعتماده صحيا.
بينما تمكنت بعض البلدان ذات الدخل المتوسط، ولديها قدرة تصنيعية على التفاوض بشأن اتفاقيات شراء كبيرة كجزء من صفقات التصنيع.
أما الدول الفقيرة وذات الكثافة السكانية، ومنها مصر مثلا، فهي تتفاوض لاستضافة التجارب السريرية، كوسيلة لضمان الحصول على حصة من اللقاحات المستقبلية.
والشهر الماضي، أعلنت شركة "جي 42" الإماراتية، نهاية المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح صيني، جرى اختباره على أكثر من 31 ألف شخص في الإمارات ومصر والبحرين والأردن؛ ما يعني لجوء دول عربية إلى استخدام مواطنيها كفئران تجارب.
وتأمل بكين في أن تصبح مصر مركزا لتصنيع اللقاحات للسوق الأفريقية، في ظل الشراكة التي تمت بين البلدين للقيام بتجارب على البشر، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وإلى الآن، لم تعلن أي دولة عربية بشكل رسمي عن التوصل إلى لقاح فعال لمواجهة "كورونا"، باستثناء تونس التي أعلنت بشكل خجول عن تطوير لقاح ما زال في المراحل ما قبل السريرية، دون نتائج فعلية إلى الآن.
نفاد المخزون
وفي ظل الغياب العربي اللافت عن سباق الوصول إلى لقاح "كورونا"، تبرز المخاوف من صعوبة الحصول على اللقاح، لا سيما مع تداول تقارير عن بيع تعاقد "فايزر" بالفعل على بيع 82% من طاقتها الإنتاجية المقررة من اللقاح لعدد من أغنى دول العالم.
وتشير اتفاقات الشراء المسبق، الموقعة مع شركة "فايزر" إلى أن هناك 1.1 مليار جرعة، تم شراؤها من قبل الدول الغنية، وهو ما يعني عدم تبقي شيء للدول الفقيرة.
ووفق صحيفة "الإندبندنت"، فإن البلدان التي اشترت مئات الملايين من الجرعات لا تمثل سوى 14% من سكان العالم، وهي الولايات المتحدة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة واليابان.
وتؤكد "العدالة العالمية الآن" (مجموعة ناشطة في مجالات الصحة مقرها المملكة المتحدة)، أن الناس في الدول الفقيرة قد لا يتمكنوا من الوصول إلى الجرعات المنقذة للحياة.
وكانت كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية "سوميا سواميناثان" صرحت مؤخرا بأن الشباب والأصحاء، قد يضطرون للانتظار حتى عام 2022 للحصول على اللقاح، في إشارة إلى أن اللقاح لن يكون متاحا للجميع، وأن كل دولة ستقرر من من فئاتها ستكون له الأولوية.
وتذهب تقديرات جامعة "ديوك" الأمريكية إلى أنه تم بالفعل شراء 6.4 مليارات جرعة من اللقاحات المحتملة، وأن هناك 3.2 مليار جرعة أخرى إما قيد التفاوض أو محجوزة كطلبيات اختيارية، حسب ما أوردته "بي بي سي".
يبقى العرب إذن في تنافس على توقيع دفاتر الشيكات؛ لاستيراد مخزون كاف من اللقاح، للنجاة من الموجة الثانية من الفيروس التي ضربت الولايات المتحدة وأوروبا، وقد تعصف بدول المنطقة مع قرب حلول فصل الشتاء.