نقلا عن صحيفة الأخبار
تعود البلاد، اليوم، إلى حالتها الطبيعية بعد قرار فك العزلة الذي استمر أسبوعين. عملياً، لا تعني هذه العودة أن أمور فيروس كورونا تسير على ما يرام، فما يجري اليوم هو تسليم بواقعٍ لا بديل منه، وخصوصاً في ظل الفشل الذي رافق أسبوعَي الإقفال وتخبّط السلطات المعنية في إيجاد بدائل توقف الاتجاه التصاعدي للإصابات بالفيروس. وقد بدا ذلك جلياً في جلسة اللجنة الوزارية المكلفة لفيروس كورونا التي عقدت، أمس، لتقييم ما جرى في الأسبوعين الفائتين، إضافة إلى مناقشة خطة الخروج التدريجي التي وضعتها وزارة الصحة العامة. فقد كان في الجلسة تياران، أحدهما يرفض إعادة فتح البلاد دفعة واحدة مقترحاً انتقاء القطاعات التي عليها أن تفتح، والتيار الآخر يتخذ من النموذج الأوروبي نهجاً لناحية فتح البلاد والتعايش مع الفيروس، كما في فرنسا وبريطانيا. وفي النهاية، خرجت القرارات بمجملها متوائمة مع توجهات التيار الثاني، فتقرر دفع «الإقفال العام إلى ما بعد العاشرة ليلاً»، على أن يترافق ذلك مع حظرٍ للتجول بدءاً من الحادية عشرة ليلاً حتى الخامسة فجراً. أما بالنسبة إلى العودة، فقد أعطت اللجنة الوزارية الضوء الأخضر للمدارس للعودة إلى التعليم المدمج (حضورياً وعن بُعد)، ولمعظم القطاعات الاقتصادية من محال ومطاعم التي حددت نسبة الإشغال فيها بـ 50%، فيما استثنيت من العودة الملاهي الليلية والحانات. ومن بين القرارات أيضاً، إلغاء نظام «المفرد والمزدوج» في حركة السيارات والذي جاءت نتيجته عكسية لناحية زيادة الاكتظاظ في النقل، على أن يلتزم الناس بارتداء الكمامات «حتى بين أفراد الأسرة الواحدة أثناء تنقلهم في السيارة».
إذاً، فُتحت البلاد، وفتحت معها الاحتمالات التي تفضي في معظمها إلى ازدياد أعداد الإصابات في فيروس كورونا، التي من المفترض أن تبلغ ذروتها في الشهرين المقبلين. أضف إلى ذلك، ثمة خوف كامن لدى البعض من عودة المدارس إلى فتح أبوابها «والتي من المتوقع أن تتسبب بأزمة، وخصوصاً أن لا أحد قادر على ضبط أعداد الإصابات التي يمكن أن تحدث»، على ما يقول رئيس لجنة الصحة النيابية، عاصم عراجي. وهو خوف لا يأتي من فراغ، وإنما من «بروفة» أزمة حدثت قبل مرحلة الإقفال، حيث أقفلت مدارس عدة أبوابها مع انتشار الإصابات فيها، فيما أخفت مدارس أخرى أعداد الإصابات فيها لضمان استمرار فتح أبوابها. فهنا، لا ضمانة لعدم تفشي الفيروس، وخصوصاً في ظل ضآلة الإمكانات التي من شأنها أن تعزز من إجراءات الوقاية، وخصوصاً في المدارس الرسمية. ويضاف إلى هذه أماكن التجمعات التي سمح لها بالعودة، ومنها المطاعم، فمن يضمن التزامها بنسب الإشغال المحددة؟ ومن سيراقب هذه العودة؟
إلى ذلك، شهدت جلسة أمس نقاشاً حول ما أفضت إليه أسابيع الإقفال السابقة، وقد خرج المجتمعون بخلاصة أن ما حدث كان دون الطموحات، إذ لم يفض قرار الإقفال إلى خفض نسبة الفحوص الموجبة التي استقرت عند الـ 15%، وهو رقم مرتقع جداً، أضف إلى أن نسبة الالتزام بالإقفال لم تتخطّ الـ 50%، وهي أدنى مما حصل في الإقفالات السابقة، لأن «الجميع يعرف كم كان هناك من تذاكٍ على القرارات!»، على ما أشار وزير الصحة العامة، حمد حسن. مع ذلك، لا يزال حسن يملك شيئاً من التفاؤل لناحية تحصيل نتيجة الإقفال، لجهة انخفاض أعداد الإصابات بعض الشيء، مشيراً إلى أن «نتائج مرحلة الإقفال ستظهر بدءاً من الغد».
وفي انتظار ظهور «نتيجة» الإقفال، لا يزال عداد كورونا فوق عتبة الألف إصابة يومياً، وقد سجل أمس 1266 إصابة. وصحيح أن الرقم ينخفض عما كان عليه أول من أمس، إلا أن ذلك يعود إلى انخفاض أعداد الفحوصات المخبرية التي جرت أمس والتي بلغت 8814 فحصاً، والتي تنخفض بمعدل 3 آلاف فحص تقريباً عما كانت عليه أول من أمس. وغالباً، ما تسجل نهاية الأسبوع أعداداً منخفضة من الإصابات بسبب إقفال العديد من المختبرات. أما بالنسبة إلى عداد الوفيات، فلا يزال هو الآخر يسجل أعداداً مرتفعة، وقد سجل أمس 13 حالة وفاة إضافية رفعت العدد الإجمالي إلى ألف و4 ضحايا. ومن المرجح أن يرتفع العدد أكثر مع ازدياد أعداد الحالات الحرجة التي سجلت أمس 352 حالة، من بينها 135 حالة موصولة إلى أجهزة التنفس.