نقلا عن الجزيرة نت - أيمن فضيلات
"13 ساعة من الانتظار في قسم الطوارئ بأحد المستشفيات الحكومية لإدخال والدي للمستشفى بعد إصابته بكورونا، لم نتمكن خلالها من الحصول على سرير، مما اضطرني لإدخاله لمستشفى خاص طلب مني دفع 4 آلاف دينار (5600 دولار) قبل تقديم أي إجراء طبي لوالدي المريض"، بهذه الكلمات يصف الأربعيني يونس الزعبي وضع والده الطبي للجزيرة نت.
معاناة الزعبي في رحلته لعلاج والده السبعيني لم تتوقف فصولها عند هذا الحد، فقد أصيب يونس بالعدوى جراء مخالطته لوالده وللمرضى في المستشفى ذاته، ونقل الفيروس إلى زوجته الحامل في شهرها التاسع، مما اضطره لتوليدها في المستشفى الخاص نفسه بشرط دفع ألفي دينار (2800 دولار)، في حين تبلغ تكلفة الولادة بالوضع الطبيعي 400 دينار (560 دولارا).
وعلى بوابة أحد المستشفيات الخاصة وسط العاصمة عمّان تحدث ذوو مرضى للجزيرة نت عن مبالغ مالية باهظة دفعت لهذه المستشفيات مقابل الحصول على علاج لكورونا.
الأربعيني هشام سوالمة دفع 18 ألف دينار (25 ألف دولار) مقابل علاج والدته على مدى 20 يوما، وخرجت جثة هامدة.
أما العريس الشاب يوسف السعود (28 عاما) فقد أدخل عروسه بعد شهرين من الزواج للمستشفى ولمدة 4 أيام، ودفع نحو 4 آلاف دينار (5600 دولار) رغم أنها غير مصابة بالفيروس.
ولم يكن اللاجئ السوري يوسف الحمصي أحسن حالا من سابقيه، فقد بلغت تكلفة علاج ابنته ذات الـ20 ربيعا 9 آلاف دينار (12 ألف دولار) بعد أسبوعين من العلاج في مستشفى خاص، وينتظر الحبس بسبب عدم دفعه المبلغ.
وسجل الأردن حتى نهاية أول أمس السبت 210 آلاف إصابة بكورونا، وبنسبة 2% من عدد السكان البالغ 10 ملايين مواطن، تماثل للشفاء منهم ما نسبته 68%، وبلغ عدد الوفيات 2570، وبنسبة 1.2% من المصابين، وتجري وزارة الصحة يوميا فحوصات مخبرية تتراوح بين 25 و30 ألف فحص، تظهر نسب الإصابة منها بين 17 و20%.
تغوّل ووضع يد
أمام حالة "التغول من قبل مستشفيات خاصة" -حسب وصف مرضى- أصدرت السلطات الأردنية أمر دفاع يحمل رقم 23 سمح لوزارة الصحة بوضع يدها على أي مستشفى خاص بشكل كلي أو جزئي ومحتوياته، وتكليف إدارته والعاملين فيه بالاستمرار في تشغيله لاستقبال المصابين بفيروس كورونا المحولين من وزارة الصحة.
قرار أزعج جمعية المستشفيات الخاصة، ورأت بأنه "غير مبرر ولا حاجة له"، خاصة أن المستشفيات الخاصة شريك مع القطاع الحكومي والعسكري في التصدي لجائحة كورونا منذ انتشارها في المملكة منتصف مارس/آذار الماضي، وفق رئيس الجمعية فوزي الحموري.
وبشأن ارتفاع تكلفة العلاج في المستشفيات وبشكل باهظ، قال الحموري للجزيرة نت إن هذه "حالات فردية"، أما بقية القطاع الخاص فملتزم بتسعيرة العلاج المحددة من قبل وزارة الصحة، لكن تكلفة العلاج في القطاع الخاص غالية بالنسبة لمرضى كورونا، خاصة ما يتعلق بأقسام العناية المركزة والتنفس الصناعي والأجهزة والأدوية والأطباء الاستشاريين وغيرها من التكاليف تتحملها المستشفيات، على حد قوله.
ترحيب شعبي
القرار لاقى ترحيبا من الأردنيين الذين يعانون من شح الأسرّة في المستشفيات الحكومية وطول الانتظار، في ظل أوضاع معيشية صعبة ورواتب متدنية، وارتفاع في نسب البطالة وأعداد العاملين المسرحين من أعمالهم، إضافة إلى حالة التخوف الرسمي من زيادة عدد المصابين المحتاجين للعلاج داخل المستشفيات، خاصة مع إشغال بعض المستشفيات الحكومية بنسبة 100%.
وتشير المعطيات الصحية مع دخول الأردن في الأسبوع الوبائي الـ48 إلى بوادر استقرار مع انخفاض للحالة الوبائية وتسطح للمنحنى الوبائي تمهيدا لتراجع عدد الإصابات، وذلك لزيادة التزام المواطنين بأساليب الوقاية، خاصة ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي.
تحديد أسعار
وزارة الصحة تلقت شكاوى من مرضى وذويهم على مستشفيات خاصة بسبب ارتفاع تكلفة العلاج فيها، وقدم بعضهم شكاوى للأجهزة الأمنية والقضاء، حتى أن بعض المستشفيات منعت مرضى من الخروج من المستشفى إلى حين دفع المبالغ المترتبة عليهم أو توقيع شيكات بنكية بقيمة المبلغ.
ولمعالجة تلك المشكلات توصلت وزارة الصحة وجمعية المستشفيات الخاصة إلى اتفاقية تم بموجبها تحديد سعر فحص كورونا بـ25 دينارا، وتقديم العلاج للمرضى المحولين من وزارة الصحة للمستشفيات الخاصة على نفقة الوزارة، وتحديد سقوف سعرية لعلاج المرضى على حسابهم الشخصي لكل ليلة إقامة في المستشفى ضمن بروتوكول طبي محدد، وذلك وفق مصدر مسؤول في وزارة الصحة تحدث للجزيرة نت.
مواجهة بأسلحة متعددة
السلطات الأردنية سلكت عدة طرق لتأمين المصابين بالعلاج في خطة مواجهتها للفيروس، أهمها زيادة عدد الأسرّة في المستشفيات الحكومية بواقع ألف سرير، وزيادة غرف العناية الحثيثة بواقع 200 غرفة، واستئجار مستشفى خاص بالكامل لعلاج المصابين، واستخدام أسرّة العناية الحثيثة لدى 30 مستشفى خاصا في حال زيادة الحالات، وشراء خدمات عدد من أطباء الاختصاص العاملين في القطاع الخاص، ولا سيما اختصاصيي الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة.
يضاف إلى ذلك إنشاء مستشفيات ميدانية عسكرية ومدنية في أقاليم شمال ووسط وجنوب المملكة، منها ما بدأ بتقديم الخدمة، ومنها ما هو تحت التجهيز، وتعاقدت وزارة الصحة الأردنية مع شركات طبية عالمية لحجز لقاح كورونا بنسبة 15% من الفئات المستهدفة من المواطنين، ومن المتوقع توفر اللقاح خلال الربع الأول من العام القادم 2021.