المصدر: وكالة الأنباء الألمانية
نقلا عن الجزيرة نت
مع رصد أول حالة إصابة بفيروس كورونا في اليمن في أبريل/نيسان الماضي، لم يستسلم السكان لهذا الوباء الذي فتك بأرواح الكثيرين في العالم، بل عملوا كل ما في وسعهم للحد من انتشاره في بلد يعاني من أسوأ الظروف الإنسانية والصحية جراء حرب مشتعلة منذ 6 أعوام.
وبرزت في ظل انتشار هذا المرض بعض المبادرات الشبابية التي عملت على دعم المجتمع لمكافحة وباء كورونا، الذي أودى بحياة أكثر من 600 يمني وأصاب أكثر من ألفي شخص، وسط تقديرات بأن الرقم أعلى من ذلك بكثير لافتقار البلد لأجهزة الفحص.
ومن بين هذه المبادرات، جاءت مبادرة الشابة سلوى الساري بافتتاح معمل لإنتاج أدوات الوقاية من فيروس كورونا، ومنها أغطية الوجه والكمامات بأنواعها القماشية والطبية، والبدلات الواقية وأغطية القدم والرأس.
تسرد سلوى حكايتها بسعادة ورضا كبيرين، وتقول إنها ساهمت ووفرت السلع الوقائية من فيروس كورونا في السوق المحلي بشكل جيد جدا، وكانت أسعارها رمزية جدا وتكاد لا تذكر.
مساعدة المجتمع هدف إنساني
وتقول سلوى في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية، إنها اختارت هذا المشروع في العاصمة صنعاء لأنه كانت هناك حاجة ملحة لإنقاذ ومساعدة المجتمع، وهو ما يمثل بالنسبة لها هدفا إنسانيا، وليس من أجل الربح.
وبيّنت أن التمويل للمشروع كان تمويلا شخصيا بقرض مالي، وكان ذلك أثناء حظر الواردات لليمن وإغلاق الموانئ بسبب فيروس كورونا، الذي تسبب في انعدام مواد الوقاية ومنها الكمامات من السوق، وهذا ما خلق خوفا وهلعا في المجتمع، وجشعا وطمعا لدى التجار الذين بالغوا في أسعار تلك المواد لدرجة جنونية.
الأزمة والفرصة
وتشير إلى أنها استطاعت مع فريقها تحويل الأزمة إلى فرصة من خلال استقطاب عشرات الأيادي العاملة من الأسر المنتجة، وتوفير فرص عمل ومصادر دخل لهم.
كان من أبرز أهداف سلوى توفير أدوات الوقاية بأسعار رمزية وجودة عالية، وتقول: "أوصلنا منتجاتنا لجميع المحافظات اليمينة، ودعمنا المرافق الصحية العامة كمراكز الحجر ومكاتب الصحة والمستشفيات في المناطق النائية من دون مقابل، كاستجابة إنسانية طارئة، إضافة إلى توزيع ما يقارب 10% من الإنتاج على الأحياء والأسر الفقيرة بالمجان".
فرص عمل
وإلى جانب قيام مبادرة سلوى بإعانة المجتمع في التخلص من الوباء، كان نشاطها أيضا سببا في حصول البعض على فرص عمل في بلد يعاني معظم شبابه من البطالة.
تقول سلوى: "وفرنا ما يقارب 200 فرصة عمل وبأجور ممتازة، واستهدفنا الأسر المعدمة والشباب العاطل عن العمل والمعيل لأسرته".
وكان نظام الكسب والمبيعات في المشروع يعطي ما قدره 50% من قيمة السلعة للمنتج، و50% تتوزع على المواد الخام ودعم ومساهمة إنسانية وتكاليف ونفقات أخرى.
طموحات وقوانين
وتطمح سلوى لتحقيق الكثير، وتقول "نأمل بيع كمية المنتج المخزون حاليا، واستمرار مثل هذه المشاريع التي توفر عددا كبيرا من فرص العمل، وتعود بالفائدة على المجتمع والاقتصاد، وتساهم في تحسين المنتج المحلي". ولفتت إلى أن "ذلك لن يتم إلا من خلال سن قوانين تحد من الاستيراد وتدعم الإنتاج المحلي".
وتحدثت سلوى عن أنه مع قدوم المنتجات التجارية من الخارج تراجع إنتاج معملها، وأصبح الإنتاج حاليا بمعدل أقل بكثير من السابق.
وربما يأتي تراجع الإقبال على شراء الكمامات وأدوات الوقاية مع استمرار انحسار فيروس كورونا في اليمن خلال الأشهر الماضية، حيث يلاحظ عزوف الكثير من الناس عن ارتداء أدوات الوقاية بعد التراجع الكبير للفيروس.
إنتاج الزي المدرسي
وحتى اليوم، لا تزال سلوى تحاول إنعاش المشروع مجددا بصنع منتجات أخرى وعرضها في السوق، بعد تراجع مبيعات أدوات الحماية من كورونا.
تقول سلوى إنها سعت في مشروع إنتاج الزي المدرسي كبديل مؤقت وجيد من حيث توفير فرص العمل، ولكن أعاقتها السيولة النقدية لشراء أقمشة الزي.
وأفادت بأن إنتاج قرابة 10 آلاف زي مدرسي يحتاج لمواد بقيمة 40 مليون ريال يمني (الدولار يساوي 600 ريال)، وهذا مبلغ كبير يعيق ما تسعى إليه، وتضيف: "جربت إنتاج حوالي ألف زي مدرسي بعد أن حاولت إقناع ممول بإقراضي مليون ريال يمني وكانت تجربتي ناجحة.. وكان المنتج متميزا ومنافسا بالجودة والسعر، بالإضافة إلى أن المدارس أعطت الأولوية للشراء منا كون المشروع لدعم تعليم الأيتام".
وتابعت: "حققنا نجاحا على صعيدين: توفير فرص عمل وكفالة أيتام، واسترداد رأس المال، بالإضافة إلى توقيع عقود إنتاج للعام القادم".
وشكت من أنه ينقصها حاليا المواد الخام أو رأس مال لشرائها، وقالت: "نحاول جاهدين البحث عن جهة تمويل، وإذا لم نجد فسنعتذر ونلغي تلك التعاقدات إلى أن يأتينا الفرج".
3 رسائل
وتوجه سلوى رسالتها إلى الجهات الرسمية المعنية، تشدد فيها على أنه لن يكون هناك اقتصاد "ما لم تقوموا بتشجيع الإنتاج، وتوجدون بيئة داعمة ومساعدة من خلال إعطاء منح وقروض للمشروعات الصغيرة".
وفي رسالتها للمواطنين اليمنيين تقول: "لن تقضي على الفقر ولن ترى وطنك مكتفيا ذاتيا ما لم تشجع المنتج المحلي بالشراء، وحتى لو كان أقل جودة، فمن خلال الشراء سنحسن الإنتاج ونسهم في توفير فرص عمل ونحارب الفقر والبطالة".
ووجهت سلوى أيضا رسالة ثالثة للمنظمات والمؤسسات الدولية قائلة: "لو أن جزءا من تلك المليارات التي تنفق على الإغاثة يخصص لدعم المشاريع الصغيرة لحققنا تنمية مستدامة واكتفاء ذاتيا، ولن نكون بحاجة لإغاثة أو دعم، بل سنصبح من الدول التي تمنح وتساعد".