نقلا عن الجزيرة نت - ماري هارون
شهدت المملكة المتحدة أمس الثالث من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أول أيام رفع إجراءات الإغلاق العام الذي دام قرابة شهر، ويرافق قرارات رفع الحظر تدابير احترازية جديدة أكثر صرامة تطبق بحسب تقسيم جغرافي طبقا للمناطق الأكثر تضررا.
وتنقسم مستويات الخطورة إلى 3 فئات، تبدأ بالأولى ثم المتوسطة وتنتهي بالفئة شديدة الخطورة. وتعتمد بصورة مباشرة على المعدل "آر" (R أو rate) الذي يعد مؤشرا إحصائيا لمستويات نقل العدوى من الشخص إلى المجتمع. وكلما كانت معدلات نقل العدوى أقل من رقم واحد، أصبحت فرص انحسار الوباء أكبر، ومن ثم تصنف المنطقة بأنها أكثر أمانا.
ويعد المعدل آر من أهم المؤشرات الدالة على انتشار أو انحسار الوباء، وقد شهد تغيرا إيجابيا طفيفا في الأيام الأخيرة الماضية، حيث أظهرت أحدث إحصائيات رسمية أعلنتها الحكومة البريطانية أن المعدل الآن يقدر ما بين 0.9 و1، مع انخفاض عدد الحالات اليومية في الأسبوع الماضي بنسبة تبلغ 25% أقل من الأسابيع الماضية.
وقد وصلت أعلى درجات تفشي الوباء في لندن إلى 3 في الشهور الماضية حسب المعدل آر، ويذكر أن مدينة ووهان الصينية التي بدأ منها تفشي جائحة كورونا قد وصلت إلى المستوى الخامس من المعدل آر.
التدابير الجديدة
تتميز التدابير الجديدة بفتح كافة أنواع المتاجر في جميع أنحاء البلاد، في حين يقتصر فتح المطاعم على المناطق المصنفة بين الفئة الأولى والمتوسطة، وتلتزم المطاعم في المناطق شديدة الخطورة بتقديم الطلبات والتوصيل دون استخدام صالات المطاعم.
كما قدمت الدولة مجموعة من التدابير المتعلقة بفتح الصالات الرياضية من جديد، ولكن بشرط اتباع قواعد التباعد الاجتماعي المتعارف عليها، كما تفرض عدم اجتماع أكثر من 6 أشخاص معا، ويطلق عليها قاعدة "الستة أشخاص".
وتطبق القاعدة نفسها على دور العبادة، وتستثنى حفلات الزفاف حيث يسمح بحضور 15 شخصا فقط.
التقسيم الجغرافي لفئات الخطورة
3 مناطق فقط تندرج تحت فئة المناطق الآمنة بالمملكة، وهي جزيرة وايت وكورنوال وجزر سيلي، وتقع هذه المناطق الثلاث بالجنوب. وبينما تصنف غالبية المناطق في فئة "التأهب" وأبرزها لندن ويوركشاير وويست ميدلانز وساري وساسكس ومدينة ليفربول، تستمر العديد من المدن مثل مانشستر وكنت وبريستول ونوتنغهام ضمن تصنيف فئة "الإنذار شديد الخطورة"، مما يعني استمرار غلق المدن ومنع السفر منها وإليها إلا في حالات العمل والدراسة.
ورغم إعادة فتح المتاجر بمحاذير، فإن الصالات الرياضية في تلك المناطق ما زالت مغلقة، وتمنع التجمعات والزيارات بصورة تامة لحين خفض مؤشر الخطورة بالمنطقة الجغرافية.
استعدادات أعياد الميلاد
يأتي هذا في ضوء استعدادات المملكة المتحدة التدريجية للتجمعات في عطلات أعياد الميلاد بنهاية الشهر الجاري، حيث أبرمت الحكومة وإداراتها في أسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية اتفاقا من شأنه أن يخفف من القيود المفروضة على السفر خلال فترة الأعياد حتى يتمكن الأصدقاء والأسر من التواصل المباشر معا.
وخلال الأيام الخمسة التي تقع بين 23 و27 ديسمبر/كانون الأول الجاري، يمكن أن تشكل 3 أسر "فقاعة عيد الميلاد"، ويمكن لأعضاء تلك الفقاعة "الافتراضية" التنقل بحرية كمجموعة صغيرة.
وبحسب أسوشيتد برس، تدرس الحكومة البريطانية في الوقت الراهن تقليل مدة الحجر الصحي عقب العودة من خارج البلاد من 14 يوما لتصبح 5 أيام فقط بعد الوصول، أو من خلال عمل اختبار كورونا في اليوم الخامس للوصول، وذلك لتذليل عقبات السفر استعدادا للم شمل الأسر خلال عطلات أعياد الميلاد.
وقد وقع المستشارون العلميون الحكوميون على ذلك الاتفاق، على الرغم من تحذير علماء مستقلين من زيادة احتمال معدلات انتشار كورونا.
الاختبار واللقاح
وأوضح خطاب رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون خطة البلاد لما بعد الإغلاق، حيث أكد سعي المملكة المتحدة للعمل سريعا من أجل الحصول على اللقاح، حيث طلبت المملكة المتحدة 350 مليون جرعة، منها 100 مليون جرعة من لقاح أكسفورد.
وبدأت بالفعل دائرة الصحة الوطنية في إعداد برنامج التحصين على المستوى الوطني، وبالتوازي مع إجراءات توزيع اللقاح، تتوسع المملكة المتحدة في تجربة الاختبارات السريعة بعد أن طبقتها على كافة سكان ليفربول والبالغ عددهم 200 ألف شخص، في حملة اختبار مجتمعية ساهمت بصورة كبيرة في وقف تفشي الفيروس.
وأشار رئيس الوزراء إلى إمكانية تعميم الفكرة إن اضطر الأمر لذلك في المناطق المصنفة مناطق عالية الخطورة.
فيتامين "دي"
وأعلن مسؤولون حكوميون بالمملكة المتحدة أن الحكومة ستقدم إمدادات مجانية من فيتامين "دي (D)، بحيث تكفي الجرعات المقدمة مدة تبلغ 4 أشهر، وتقدم لأكثر من 2.5 مليون شخص من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19)، حيث أوصت الهيئة القومية لخدمات الصحة بإنجلترا بجرعة 10 ميكروغرام (400 وحدة دولية) من فيتامين "دي" يوميا بين شهور أكتوبر/تشرين الأول وبداية مارس/آذار للحفاظ على العظام والعضلات.
كما أكدت التحديثات المتعلقة بجائحة كورونا على ضرورة الحفاظ على مستوى فيتامين "دي" في الدم وفقا للمبادرة، وسيتم تسليم الجرعات للمقيمين في بيوت الرعاية أولا بوصفهم هم أكثر عرضة لنقص فيتامين "دي" بسبب قضائهم وقتا طويلا دون التعرض للشمس بسبب الجائحة.
ولم تكن إعادة فتح المتاجر وصالات الألعاب الرياضية من أجل التوجه الاقتصادي فحسب، بل جاءت في إطار خطة شاملة للوقاية وتعقب تفشي الوباء بحسب الهيئة الوطنية للصحة، إلا أنها أتت بثمارها من حيث خفض مؤشرات التفشي بالمجتمع، رغم استمرار فتح المدارس والجامعات طوال فترة الإغلاق واقتصار الغلق على الفصول والقاعات الدراسية التي يظهر بها المرض فقط.
ومع ذلك استمرت الإحصائيات في الانخفاض واتجهت المملكة المتحدة نحو سيطرة نسبية على الأعداد المصابة استعدادا لاستقبال أعياد الميلاد.