(موقع العهد الإخباري)
منذ بدء انتشار فيروس "كورونا"، رافقت سمة "المستجدّ" اسم الفيروس الطارئ على العالم. عندما نقول "مستجد" فهذا معناه أنّ هناك الكثير من الحقائق العلمية المتعلّقة بهذا الفايروس لا تزال مجهولة. ومن هنا، أكّد العديد من العلماء أنّ صدور لقاح لهذا الفيروس ليس بالأمر السهل. المسألة تحتاج وقتاً خصوصاً أننا أمام فيروس يُعدّل نفسه جينياً. ولا يخفى أنّ العالم انشغل ومنذ بدايات تفشي الفيروس في البحث عن لقاح يقي الناس شرّ وباء حيّر العالم وتسبّب بتداعيات واسعة. الناس تترقّب بفارغ الصبر بروز لقاح يعيدهم الى حياتهم الطبيعية بعدما انقلبت رأساً على عقب، طبعاً بعيداً عن حرب المختبرات والسباق المحموم الذي يجري بين بعض الدول على قاعدة من يسبق ويفوز أولاً.
ومن المعروف أنّ مجموعة من اللقاحات تُجرى عليها التجارب السريرية، بعضها بات في المراحل الأخيرة. ومن المعروف أيضاً أنّ شركتي "فايزر" و"بيونتيك" تقدمتا بطلب من الوكالة الأوروبية للأدوية "للحصول على ترخيص مشروط لتسويق" لقاحهما، حيث أثبتت الاختبارات أنه فعال بنسبة 95 في المئة ضد "كوفيد-19". وبموازاة ذلك، كان لبنان من أوائل الدول التي سارعت لإجراء مفاوضات لحجز حصّتها من اللقاحات، وسط توقعات بتوفر اللقاحات في الأسواق اللبنانية في الربع الأول من العام القادم. وفي هذا السياق، تُطرح جملة من الأسئلة حول آلية وزارة الصحة اللبنانية لناحية الفئات التي سيستهدفها أي لقاح يثبت فعاليته، وحملات التوعية التي ستقوم بها، فضلاً عما إذا كان هناك تخوف من أي آثار سلبية محتملة.
البزري: لهؤلاء الأولوية في الحصول على لقاح
رئيس اللجنة الوطنية لإدارة ملف لقاح "الكوفيد 19" الدكتور عبد الرحمان البزري يشرح في حديث لموقع "العهد" الإخباري المبدأ الذي يقوم عليه عمل اللقاح، فيوضح أن إعطاء الجسم اللقاح يعني تعريضه لمادة معينة كي يستطيع (الجسم) تشكيل أجسام مناعية ضد هذه المادة، وهي تشبه في تركيبتها المادة التي يستعملها الفيروس للدخول الى خلايا الجسم لإصابته. وفق البزري، فإنّ تعريض الجسم لهذه المواد يدفع به الى تشكيل مناعة وذاكرة مناعية ضدها، وعندما يدخل الفيروس الى الجسم بعد تشكيل الذاكرة يصبح لدى الجسم مناعة جيدة لمحاربة الفيروس. وبحسب البزري، فإنّ اللقاح يعني حماية المواطن بشكل كبير أو متوسط وذلك بحسب ظروف الجسم، فإما أن تكون حماية للجسم من المرض نفسه أو من المرض الشديد، بمعنى حتى لو أصيب الجسم بالفيروس تصبح نسبة الإصابة خفيفة.
ويوضح البزري أنّه من المتوقع أن تصل اللقاحات الى لبنان -اذا لم تحدث أي عوائق إدارية- في الربع الأول من عام 2021 مع ترجيحات أن يصل في شباط أو آذار. في هذه الأثناء تنكب لجنة من الخبراء لوضع الأولويات التي سيوزع على أساسها اللقاح مجاناً للمواطنين من خلال الأخذ بعين الاعتبار أولويات ثلاثا:
-ضرورة حماية الجسم الصحي وخصوصاً العاملين الصحيين المنخرطين في مواجهة "الكورونا"
-ضرورة حماية المواطنين الذين هم أكثر عرضة للإصابة، وفي حال تعرضوا للإصابة يكونون عرضة للإصابة الشديدة. يدخل تحت هذا الإطار المسنون وأصحاب الأمراض المزمنة أو من لديهم نقص في المناعة.
-الأشخاص الضروريون لاستمرار إدارة شؤون المجتمع والبلاد والقطاع الصحي، وفي هذا الإطار تدخل العديد من الأولويات بحسب المهنة.
اللقاحات ستأتي عبر دفعات
ويلفت البزري الى أنّ اللقاحات ستأتي الى لبنان عبر دفعات، وسوف توزع بحسب الأولوية وتعطى مجاناً، على أمل أن تصل لقاحات أخرى الى لبنان في نهاية العام القادم لتكون الكمية المتوفرة للبنان كبيرة وتستطيع أن تغطي الجزء الأكبر من المقيمين سواء لبنانيين أو غير لبنانيين يستحقون اللقاح.
حمرا: لبنان حجز الدفعة الأولى
من جهتها، رئيسة دائرة التثقيف في وزارة الصحة الدكتورة رشا حمرا توضح لموقعنا أن وزارة الصحة تقوم بمفاوضات مع منصة عالمية "كوفاكس"، وهي المنصة التي شكلتها منظمة الصحة العالمية مع الاتحاد العالمي للقاحات "GAVI". هذه المنصة تمهّد الطريق لكل الدول التي تريد الحصول على اللقاح عبر الاشتراك بها. وهنا توضح حمرا أنّ لبنان اشترك بالمنصة ودفع الدفعة الأولى، وحجز 20 % بالمئة من عدد الأشخاص المقيمين في لبنان سواء لبنانيين وغيرهم، لأنّ منظمة الصحة العالمية توصي بأن على الدول أن تلقّح 20 بالمئة من شعوبها في أول دفعة.
لا نعلم علمياً أي لقاح سيتم التوافق عليه ويصل الى لبنان
وتلفت حمرا -وهي عضو مقرّر في اللجنة الوطنية لإدارة ملف لقاح "الكوفيد 19"- الى أنه وعبر منصة "كوفاكس" هناك 8 الى 9 لقاحات. حتى الساعة لم يتم التوافق على أي لقاح منها. جميعها لا تزال في مرحلة التجارب السريرية؛ وبعضها بات متقدماً في المرحلة الثالثة أي على مشارف الانتهاء. وعليه لا نعلم علمياً أي لقاح سيتم التوافق عليه من منظمة الصحة العالمية ويصل الى لبنان -تقول حمرا- التي توضح أنّ الآلية التي ستعتمدها وزارة الصحة اللبنانية تندرج ضمن الأطر العريضة التي وضعتها منظمة الصحة العالمية لناحية الفئات التي يجب أن تحصل على اللقاح. ففي المرحلة الأولى ستكون الأولوية للعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية لمكافحة "كورونا"، وكبار السن وهنا ستحدد اللجنة أي فئة عمرية من كبار السن، بالإضافة الى تحديد فئة الأمراض المزمنة وتصنيفها.
وزارة الصحة ستقوم بحملات إعلامية لتوعية المواطنين
كل هذه المسائل تناقشها اللجنة الوطنية منذ حوالى الشهر ليصدر بشأنها قرارات رسمية. وبحسب حمرا عندما تصدر القرارت وتتحدد الفئات المستهدفة والآلية، ستقوم وزارة الصحة بحملات إعلامية لتوعية المواطنين حول الأولويات والأسس التي تم اتخاذ القرارات بناء عليها، فيما من المرجّح أن يكون هناك برنامج الكتروني للتسجيل المسبق لمن يريد اللقاح لأنه ليس إجبارياً، ومن خلال هذا البرنامج يمكن تسجيل الأسماء ليرشد التطبيق المواطن على أقرب مركز لأخذ اللقاح. كل هذه الأمور لا تزال بصدد المناقشة ولم تتخذ قرارات نهائية بشأنها، تضيف حمرا.
قد يتوفر في الصيدليات لاحقاً لقاحات يتمكن المواطنون من شرائها
وتلفت حمرا الى أنّ الوزارة أجرت مفاوضات جانبية مع شركة "فايزر" التي قدّمت أول لقاح لتتم الموافقة عليه. وفي هذا السياق، قمنا باتفاقية جانبية للحصول على لقاح "فايزر" بأسرع وقت ممكن، ونحن موعودون في أول ثلاثة أشهر من عام 2021 أن نتمكن من الحصول على أول دفعة لتتوالى بعدها الدفعات خلال العام، وهذه الدفعات ستعطى حسب الأولوية.
وتشدّد حمرا على أنّ اللقاح الذي ستشتريه الوزارة سواء عبر "فايزر" أو منصة "كوفاكس" ستشتريه وتوزعه مجاناً، فيما قد يتوفر في الصيدليات لاحقاً لقاحات يتمكن المواطنون من شرائها، لكن لغاية الآن لا معطيات في هذا السياق.
الدراسات تقول إن كل اللقاحات التي تدرس آمنة
وحول ما اذا كانت هناك أي مخاوف من آثار جانبية، تقول حمرا: "اللقاحات لا تزال تحت الدراسات ما عدا "فايزر" الذي تقدم رسمياً للتوافق حوله، ورغم أنّ دراسته تمت بفترة قصيرة جداً إلا أنهم ينفون أن تكون له آثار سلبية حتى اللحظة. الآثار لا تزال بسيطة كتورم موضع إبرة اللقاح، ووجع في الجسم. وهنا توضح حمرا أننا نعمل على تفعيل آلية لكتابة تقارير في حال ظهر أي أثر جانبي للقاح المحتمل وصوله كي تتابع الوزارة هذه القضية مع الشركة، لكنّ الدراسات حتى اللحظة تقول إن كل اللقاحات التي تدرس آمنة.