(جريدة الأخبار اللبنانية)
للمرة الأولى منذ أسابيع طويلة، يسجّل عداد كورونا عدد إصابات على مقربة من الألف، إذ سجّل أمس 1039 إصابة، وأول من أمس 984 إصابة. عملياً، لا تعني هذه الأرقام أن الوضع العام بخير، ولكنه «مقبول بحذر»، على ما تقول وزارة الصحة العامة. هذا الحذر مردّه إلى سببين أساسيين: أولهما أنه لا يمكن التعميم بالنظر إلى ثلاثة أو أربعة أرقامٍ سجلها العدّاد، نزولاً، في الأيام القليلة الماضية، وثانيهما - وهو الأهم - قراءة الأرقام للأيام الأربعة المقبلة؛ فاستناداً اليها، إما يكون الوضع مقبولاً فعلاً أو أن كرة الأعداد ستعود إلى دحرجتها السابقة، أي ارتفاع أعداد المصابين من جديد.
اليوم، لا شيء يشي بأن الوضع جيد، في ظل استمرار عدّاد الوفيات على حاله من الصعود، إذ سجل أمس 21 ضحية رفعت العدد الإجمالي للضحايا إلى 1136. ويضاف إلى ذلك، أيضاً، الارتفاع في حالات الاستشفاء، والتي تقارب ألف حالة (942)، من ضمنها 385 حالة في العناية المركّزة و140 موصولة إلى أجهزة تنفس. وهو ما يمكن أن يستتبعه المتابعون بنسبة الفحوص الإيجابية التي استقرت عند 14,7%، وهي لا تزال نسبة عالية جداً. وهذه كلها مؤشرات لا تسمح بالتمادي في التفاؤل.
مع ذلك، يمكن فهم ما تقوله مصادر وزارة الصحة عن أن الأرقام التي سجّلت أمس وما قبله هي نتيجة «طبيعية» للإقفال العام الأخير. وإن كان يبدي هؤلاء، سنداً إلى تلك الأرقام، بعض التفاؤل، إلا أن ثمّة خوفاً كامناً من الناحية الأخرى من أن يسترجع عداد الإصابات زخمه في الأيام القليلة المقبلة، حيث من المفترض أن تظهر نتيجة العودة إلى الحياة الطبيعية بعد أسبوع تقريباً من فكّ العزلة الكاملة. ومكمن خوف هؤلاء أن العودة أتت دفعة واحدة، ولم تكن تدريجية كما نصّت عليه خطة العمل التي وضعتها اللجنة الوزارية لفيروس كورونا، بالتعاون مع وزارة الصحة العامة. فمن ناحية، لم يلتزم الناس بالإجراءات التدريجية للعودة ولا حتى المعنيون بالخطة التزموا بالرقابة لمدى تطبيق الخطة، فكان البناء نظرياً.
هكذا، «ع الشوفة»، يمكن تقدير ما يمكن الوصول إليه، والمشهد العام في البلاد يوحي بذلك، مع ضعف الالتزام بالإجراءات الوقائية، التي يسهل حصرها بارتداء الكمامة والنظافة الشخصية والتباعد الاجتماعي. وهذه الإجراءات نادرة اليوم. وعلى هذا الأساس، يقدّر رئيس لجنة الصحة النيابية أن «ما ننتظره في الأيام المقبلة هو العودة إلى تسجيل إصابات أعلى ممّا يسجل اليوم، خصوصاً مع عودة المخالطة بين الناس بشكل طبيعي». ويذهب عراجي أبعد من ذلك في تقديراته للقول إن من الممكن أن «نشهد أعداداً أعلى مما كان قبل الإقفال مع الدخول في شهر يعدّ ذروة، مع تفشّي فيروس كورونا والإنفلونزا»، مشدّداً على أن «ما نراه اليوم من أرقام هو الأثر الإيجابي الذي تركه الإقفال، والذي لامس في بعض المناطق السبعين في المئة».