أكد وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن أن الاستراتيجية العامة للخطة التي عرضها في اجتماعات السرايا الحكومية حول ترشيد الدعم، "تهدف إلى تأمين الأمن الدوائي بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى ترشيد كيفية استخدامه وصولا إلى تقليص فاتورة استيراد الدواء، ما سيؤدي إلى توفير ما يقارب مئتين وخمسين مليون دولار، علما أن الفاتورة الدوائية في لبنان تعتبر من الأعلى في الشرق الأوسط". وطمأن إلى أن "المبدأ الأساسي يتمحور حول عدم المس بأدوية ذوي الدخل المحدود".
كلام الوزير الدكتور حسن جاء في لقاء خاص مع مجلس نقابة المحررين برئاسة النقيب جوزف القصيفي، وأكد فيه أن خطة الوزارة ترتكز على النقاط التالية:
"- عدم المس بالأدوية الأساسية للأمراض المستعصية والسرطانية والمزمنة وحليب الأطفال واللقاحات، على أن يطال ترشيد الدعم أدوية OTC التي لا تحتاج إلى وصفة طبية وأدوية الصحة العامة غير المزمنة، ومن شأن ذلك تخفيض الإستهلاك العشوائي لعدد كبير من الأدوية وتصحيح الكثير من الممارسات الخاطئة الموروثة ووضع بروتوكولات صحية ودوائية سليمة، ولا سيما لجهة الإستخدام المفرط للمضادات الحيوية الذي أدى إلى ارتفاع كبير في نسبة المناعة ضدها في لبنان، ولعل المثل الواضح في هذا المجال أنه لا حاجة لاصطياد عصفور التين بمدفع.
- إلزامية الوصفة الطبية الموحدة وتطبيق أنظمة متطورة لمتابعة الدواء 2D Barcode بما يؤدي إلى ضبط حركة الدواء ومنع التهريب، وسيبدأ التطبيق بعد أيام.
التأكيد على ضرورة إجراء مناقصات موحدة لكل الجهات الضامنة الرسمية، لأن الشراء بالجملة يؤدي إلى توفير كبير في السعر.
- إعطاء الأولوية للصناعة الوطنية الدوائية ودعم صناعة الجينيريك، وتشجيع التصدير بحيث يتم التعويض عن دولارات الإستيراد بما يكن جنيه من التصدير، كما أن ترشيد الدعم سيطال الأدوية المستوردة التي لها رديف محلي.
- الإسراع في إنشاء المختبر المركزي من ضمن الهيئة الناظمة للدواء".
وردا على الإستفسارات في شأن اللقاح ضد كورونا، أوضح أنه يتوقع "إنجاز الإتفاق النهائي مع بفايزر في الثاني عشر من الحالي، لأن الشركة ستحصل على موافقة الـFDA في العاشر منه". وأعلن أنه "تم الاتفاق في اجتماع حضره أمس، وضم رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب ووزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامه على تأمين أربعة ملايين دولار كدفعة أولى لشركة بفايزر"، منوها بدور وزير المال الذي ذلل العقبات لتسهيل الأمور".
وأضاف: "إن إعداد الأمور اللوجستية لاستقدام اللقاح مستمر على قدم وساق من خلال إعداد حوالى عشرين مركزا في المحافظات والأقضية مجهزة بالبرادات، على أن تكون اللوائح الإسمية للفئات المستهدفة جاهزة لدى وصول اللقاح الذي سيستهدف بشكل أولي الفئات العمرية المتقدمة التي نعتبرها بركة في منازلنا، ومختلف الفئات العمرية التي تعاني من أمراض مزمنة ومستعصية، والكوادر الطبية والصحية والمهنيين الذين هم في تماس دائم مع المجتمع وقد يشكلون مصدر عدوى".
وأعلن أن "اللقاح وبقرار حكومي سيكون مجانا لاعتباره من روزنامة التحصين الشامل"، مشيرا الى أن "الوزارة التي شكلت لجنة لإدارة اللقاح ستنسق مع كل من الصليب الأحمر وعدد وازن من الجمعيات الأهلية في مختلف المناطق". وقال: "إن لبنان سيدفع ثمانية عشر مليون دولار ثمن لقاح بفايزر من الخزينة على أن يدفع ثمانية وعشرين مليون دولار ثمن اللقاح الذي تم حجزه عبر منصة كوفاكس من قرض البنك الدولي".
ولفت الوزير حسن إلى أنه اكتشف في زياراته الميدانية "لكل المستشفيات الحكومية من دون استثناء ما تعانيه من ترهل مزمن إستمر عقودا من الزمن، رغم أن ما تم صرفه من هبات ووصايا وقروض كان كفيلا بجعل لبنان مستشفى الشرق". وأبدى ارتياحه لما حققه من نقلة نوعية في هذه المستشفيات بحيث تم تجهيز في فترة ستة أشهر مئتين وخمسين سرير عناية فائقة، وهو عدد يعادل ما كان موجودا في هذه المستشفيات طيلة السنوات الثلاثين الماضية.
وأكد أن "خريطة تنمية المستشفيات الحكومية تكتمل في أواخر آذار المقبل مع تقدم الخطة المفصلة الموضوعة لتجهيزها بإشراف مجلس الإنماء والإعمار من ضمن قرض البنك الإسلامي البالغ مئة وثلاثين مليون دولار، بحيث ستعمل المستشفيات الحكومية كوحدة متكاملة في كل محافظة من حيث التوزيع العادل والشامل للأجهزة والمعدات". وقال: "لن تبقى صحة المواطن اللبناني مرتهنة لمزاجية وأهواء بعض المستشفيات الخاصة".
ونوه في هذا السياق بما وجده في الوزارة من كفاءات ومؤهلات كانت تنتظر الفرصة لإظهار قدراتها المخبأة، مؤكدا أنه يتعاطى مع فريق عمل كفوء من الوزارة بغض النظر عن الإنتماءات السياسية.
وتناول التحديات الصحية المتعددة التي يخوضها لبنان، فشدد الوزير حسن على أن "المرحلة الدقيقة الراهنة والحافلة بالمتغيرات، تفرض عليه تحقيق أكبر قدر من الأمان الصحي مع دعم نفسي إستثنائي للناس الذين يعانون الكثير على مستويات متعددة". وأكد أن "المنهجية التي يعتمدها ترتكز على التواصل الدائم مع الرأي العام ومصارحته وكسب ثقته على قاعدة أن ليس كل من تبوأ منصبا في الشأن العام هو مرتكبا".
ولفت في هذا السياق، إلى أن "الإعلام لم يسلط الضوء على أن حكومة تصريف الأعمال لم ترتكب مخالفات، بل كانت تعمل وما زالت لتحسين ما أمكن من أوضاع". ورأى أن "الدعم الذي تلقته المنظمات غير الحكومية، لم يحقق المرجو في إعادة الإعمار بعد انفجار المرفأ والدليل أن الكثيرين لم يستعيدوا منازلهم وأرزاقهم كما كانت قبل الإنفجار"، مشيرا إلى أن "هذه المنظمات تشكل في كثير من الأحيان ومن دون تعميم بابا للهرب من الرقابة".
بدوره سجل نقيب المحررين جوزف القصيفي للوزير حسن نشاطه المميز في بدايات ظهور جائحة كورونا والنجاحات التي حققها في حينه، قبل إنفلات الأمور من عقالها جراء التهور وقلة الاحتراس والاستلشاق ما ضاعف عدد الإصابات، وأدى إلى إرتفاع نسبة الوفيات، مضيفا أنه "بطبيعة الحال يبقى الإلتزام بالإجراءات أقصر الطرق إلى النجاة". وقال: "إن ديناميتكم كانت وما تزال علامة فارقة، ومثار إعجاب الجميع، من إتفق معكم في السياسة أو خالفكم، وهي شهادة لكم بأنكم لكل لبنان واللبنانيين من دون تفرقة أو تمييز، في وقت عمت فيه الانقسامات، وتبلبلت الألسنة، وتفشت الاحقاد".
ولفت إلى أنه "مع إقتراب رفع الدعم أو ترشيده عن سلع رئيسة وحيوية، ومنها الدواء، يجب التعامل مع هذا الموضوع بكثير من الانتباه، والحرص على ضمان الدعم للأدوية المزمنة، وتلك المتصلة بالامراض المستعصية، على أن يتلازم ذلك مع شرطين أساسيين: أولا: دعم قطاع صناعة الأدوية الذي ينتج أدوية ذات جودة عالية بمواصفات عالمية، ولا يزال يعمل بفاعلية ويوظف في ملاكاته صيادلة وتقنيين، موفرا فرص العمل للمئات، كما أنه يصدر إلى الخارج ويدخل إلى لبنان عملات صعبة في زمن هجرتها منه. ثانيا: اعتماد "الجينيريك" حيث أمكن وإحياء مكتب الدواء، وصوغ سياسة دوائية تتلازم مع السياسة الصحية في مواجهة الأوبئة، وتأمين اللقاحات المضادة لها. وعسى أن يتمكن اللبنانيون من الإفادة من لقاح كورونا الذي ينتظرون وصوله بفارغ الصبر".
وتوقف أمام الجهد المبذول لتنمية المستشفيات الحكومية، مشددا على أن "الأوان قد حان لتأخذ المستشفيات الحكومية مكانها اللائق على خريطة المستشفيات اللبنانية، وتحديثها وتحصينها بالكفايات الطبية والتمريضية، التي يزخر بها وطننا"، مسجلا "الخوف الكبير من الهجرة التي طاولت قطاعي الطبابة والتمريض، والتي ستقارب العشرين في المائة، خصوصا بعد إنفجار المرفأ، ما يتطلب اتخاذ تدابير عاجلة لوقف هذا النزف".
وتقدم باسم نقابة محرري الصحافة بطلب يتصل بالمنتسبين إليها مباشرة من غير المشمولين بخدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يقضي بتلقيهم العلاج في المستشفيات على نفقة وزارة الصحة، وفق ترتيب يجري الإتفاق عليه بين الوزارة والنقابة، ويقوم على اختصار المعاملات الروتينية، وسرعة التلبية، وبشروط لائقة توفر لكل مريض سبل الراحة والعلاج اللائق.
وختم القصيفي قائلا: "لقد آمنتم أن صحة لبنان من صحة اللبنانيين، وفي هذا قدر من الصواب. لكن الاصح أن صحة اللبنانيين هي من صحة لبنان، عسى نراه معافى في زمن لا نريده أن يطول."