(جريدة الأخبار اللبنانية)
هذا العام ستهتز صورة «بابا نويل». مع ارتفاع سعر صرف الدولار، لن يكون العجوز الملتحي القادم من القطب الشمالي قادراً على تلبية رغبات كثيرين ممن ينتظرونه. قلّة فقط ستنعم بهداياه التي ارتفعت أسعارها أكثر من خمسة أضعاف عمّا كانت عليه في «زيارته» الماضية.
في الأسواق «حركة» على ما يقول أصحاب متاجر الألعاب، تفوق ما كانوا يتوقعونه، لكنها تبقى حركة خجولة وقاصرة عن تعويض الخسائر أو تحقيق أي أرباح تذكر. ووفقاً لمعنيين في هذا المجال، تشكل مبيعات عيد الميلاد 60% إلى 70% من حجم المبيعات السنوية لهذا القطاع. لكن، حتى اللحظة، فإن حجم الأعمال يقلّ بنسبة 70% عمّا كان عليه في مثل هذه الفترة من السنة في الأعوام السابقة. كما تراجع الاستيراد بنسب تفوق 80%، وتتكل غالبية المتاجر على «ستوكات» العام الماضي التي لم يُبَع معظمها، لتزامن فترة الأعياد مع حراك 17 تشرين وما رافقه من احتجاجات وإغلاق.
التمسك بتقاليد العيد، ولو في الحد الأدنى، هو ما يتسبّب في «شبه الحركة»، ولكن مع تغيّر في نمط الإنفاق وفي الاختيارات. يؤكد حسن غملوش، صاحب متجر «كادو غملوش»، أن «80% من الزبائن يبحثون اليوم عن الهدايا الأرخص. همهم تأمين هدية ولو رمزية للأولاد. والعائلة التي لديها ولدان أو ثلاثة كانت تنفق بين 500 ألف ليرة و750 ألفاً على شراء الألعاب. اليوم، يحاول هؤلاء شراء ألعاب للجميع بـ100 ألف ليرة». ويضيف: «الـ100 ألف ليرة كانت تشتري في الحد الأدنى 3 هدايا أو هديتين كبيرتين. اليوم باتت تساوي 15 دولاراً، ولك أن تتخيل ما يمكن تشتريه؟».
واقع انعكس على نوعية الهدايا، إذ يشير أحمد قاروط، صاحب متجر «قاروط تويز» في منطقة سليم سلام، الى «عودة لافتة إلى الوراء من حيث نوعية الهدايا التي تميل غالبيتها العظمى إلى البساطة». وفي هذا السياق، يوضح غملوش أن «الطلب ازداد على ألعاب كان كثيرون قد توقفوا عن شرائها منذ سنوات طويلة. نتحدث عن ألعاب نسيناها منذ 10 إلى 15 سنة. فقط فئة محدودة لا تزال قادرة اليوم على شراء ألعاب إلكترونية متطورة، فيما الغالبية عادت إلى الألعاب البلاستيكية البسيطة».
على سبيل المثال، منزل دمية يبلغ سعره في أحد المتاجر 840 ألف ليرة، ما يكفي لسداد دفعة إسكان لمنزل، ولعبة جيب نوع «هامر» سعرها 560 ألف ليرة، فيما يبلغ سعر لعبة Parking Lot نحو 460 ألف ليرة، أي أقل بقليل ممّا قد يتقاضاه عامل Valet Parking. أما الـPlay Station 5 التي أطلقتها الشركة منذ شهر في الأسواق، فيبلغ سعرها في لبنان 1200 دولار، أي نحو 10 ملايين ليرة، ما كان يكفي لشراء سيارة صغيرة. يسأل أحد الآباء: «ممّا تشكو الـ Monopoly. سعرها 38 ألف ليرة، وهي لعبة ممتازة تعلمنا كيف نستثمر أموالنا في العقارات عوض وضعها في المصارف».
تراجع حجم الأعمال 70% وعودة الإقبال على الألعاب البلاستيكية
«ناس ما بتسأل، وناس ما عم تقدر تشتري»، هكذا تلخص سابين بجاني، صاحبة متجر «Big Fun» في المنصورية، كيف انقسم اللبنانيون بين من يملكون دولارات ومن لا يملكونها. وتلفت الى أن متجرها افتقد كثيرين من زبائنه المعتادين، لكن «عدداً من الزبائن طلبوا ألعاباً محددة مسبقاً وأوصوا عليها، رغم أن أسعار بعضها يصل إلى مليوني ليرة. واللافت أنها بيعت بأكملها بعد يوم واحد من وصولها»!
إن كان من «حسنة» لـ«كورونا»، فهي أنها ستشكّل هذا العام الحجة الأبرز لتبرير عدم قدرة «بابا نويل» على تلبية الطلبات هذا العام. رشا ستخبر أولادها بأن «بابا نويل أصيب بالكورونا وسيضطر إلى حجر نفسه في المنزل. والله يعيننا إذا وجدوا علاجاً لكورونا قبل العيد». أما ليال التي تمكنت من شراء هدية متواضعة لابنها، فستشرح له أن السبب يعود إلى «أن بابا نويل وجد المحال مقفلة بسبب كورونا. والحمد لله أننا نعيش في محيط يشبهنا حتى لا تنفضح كذبتنا».