نقلا عن الجزيرة نت - حسن المصري
علامات استفهام بلا إجابات شافية في مصر إزاء فاعلية استخدام لقاح فيروس كورونا الصيني "سينوفارم" الذي تسلمت مصر الدفعة الأولى منه كهدية من دولة الإمارات يوم الخميس الماضي بواقع 50 ألف جرعة تكفي 25 ألف شخص، باعتبار أن كل فرد لا بد من أن يحصل على جرعتين.
وفور تسلم الدفعة الأولى من اللقاح أعلنت هالة زايد وزيرة الصحة المصرية توفيره مجانا للمصريين بناء على توجيهات رئيس الجمهورية، على أن تكون الأولوية للطواقم الطبية بمستشفيات العزل والحميات وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، علما أن مصادر مصرية توقعت أن تصل دفعة ثانية من اللقاح إلى القاهرة خلال ساعات.
لكن في المقابل خرجت كثير من الأصوات الرافضة استخدام اللقاح حاليا، أبرزها لجنة الشكاوى بنقابة الأطباء التي طالبت بعدم استخدام اللقاح إلى حين الكشف عن النتائج المتعلقة بمدى أمانه.
وتم توزيع لقاح سينوفارم الصيني على نحو مليون شخص في الصين بموجب برنامج للطوارئ مثير للجدل، ولم تنشر بيانات خاصة بتجارب المرحلة الثالثة للقاح بشكل مفصل حتى الآن.
لكن ناتاشا قسام خبيرة الشؤون الصينية في معهد "لووي" الأسترالي، قالت لوكالة الأنباء الفرنسية إن "غياب الشفافية في النظام الصيني أدى إلى تلقيح آلاف الأشخاص حتى الآن، دون أن تنشر بيانات التجارب السريرية".
ومنحت كل من مصر والبحرين والكويت وتركيا والفلبين اللقاح "موافقة طوارئ "، في حين منحته الإمارات الموافقة النهائية، حيث أعلنت مطلع الأسبوع الحالي أن النتائج الأولية لتجارب المرحلة الثالثة أظهرت فعاليته بنسبة 86%.
ويعتمد لقاح سينوفارم على تقنية الفيروس غير النشط (تحتوي على جزيئات فيروسية ميتة يتم إنشاؤها في المختبر قبل أن تقتل، وهي غير معدية).
ويقول مختصون في الشأن الصحي إن اللقاحات الصينية يمكن أن تمنح الأمل للبلدان النامية والفقيرة التي لا تستطيع تحمل تكاليف تخزين اللقاحات الغربية.
تساؤلات الأطباء
اللقاح الصيني أثار جدلا كبيرا وسط الأطباء المصريين، ففي منشور عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قالت الدكتورة منى مينا، رئيسة لجنة الشكاوى بنقابة الأطباء، إن هناك حاجة بالفعل إلى لقاح فعال ضد الفيروس مع ارتفاع نسب الإصابات والوفيات بين الفرق الطبية بالمستشفيات، حيث تضاعفت هذه النسب مع الموجة الثانية لكورونا، مضيفة "لكن ذلك ليس مسوّغا لاستخدام أي لقاح دون دراسته جيدا".
وتابعت مينا أن هناك أسئلة بحاجة إلى إجابة، مثل نسبة أمان اللقاح في المرحلة الثالثة المتعلقة بالتجارب الإكلينيكية على المتطوعين، والأعداد الرسمية الموثقة والمعلومات الخاصة بها، وأهم الأعراض الجانبية ونسب حدوثها، فضلا عن نسب فاعلية اللقاح ذاته.
بدوره قال أشرف محمد، وهو طبيب علاج طبيعي كان يعمل بأحد المستشفيات الحكومية، إنه لا يشكك في اللقاح الصيني بقدر ما يرغب في التيقن من نتائج المرحلة الثالثة من اللقاح وتوضيح ما يتصل به، حيث اكتفت الصين بالإعلان عن تجربته على مليون شخص هناك، ولم تفصح عن تفاصيل النتائج.
وفي حديثه للجزيرة نت أوضح الطبيب المصري أن لديه تجربة مريرة لا يزال يعاني آثارها منذ عام 2010 إبان مرحلة تفشي إنفلونزا الخنازير التي ظهرت فيها الكثير من اللقاحات، ولكنه بسبب تلقيه التطعيم بصورة خاطئة أصيب بشلل رباعي وتآكل في الأعصاب الطرفية مما منعه من مواصلة ممارسة مهنته، وهو ما يمكن أن يقع مجددا مع آخرين لغياب المعلومات.
من جانبه أكد الدكتور خالد سمير، استشاري القلب والأوعية الدموية، أنه لن يأخذ اللقاح بسبب عدم القدرة على التيقن من معدلات الأمان الخاصة بأي لقاح قبل مرور شهور وبشروط تضمن الرقابة والحيادية بإعلان النتائج بعيدا عن التلاعب السياسي، ناصحا الفرق الطبية بالالتزام بالكمامات والتباعد الاجتماعي كوسيلة مؤكدة لمواجهة كورونا.
وعدّ سمير انجراف الحكومة المصرية وراء دعاية الإمارات للقاح الصيني بمنزلة قرار خاطئ لأنه لم تنشر أي نتائج للمرحلة الثالثة بأي دورية علمية حتى الآن، بل إن دولة بيرو قامت أخيرا بإيقاف اللقاح بعد ظهور مشكلات في الجهاز العصبي لأحد المتطوعين من أصل 12 ألف شخص تلقوا اللقاح، وفقا لبيان الحكومة الرسمية، مما يجعل اللقاح بحاجة إلى الدراسة المتأنية.
ويرى الدكتور أشرف الفقي، استشارى الأبحاث الإكلينيكية والمناعة بواشنطن والزميل السابق بهيئة سلامة الدواء الأميركية، أن إعلان توفير اللقاح الصيني كان ينبغي أن تسبقه موافقة دوائية وتقييم علني وإجازة رسمية ليكون جاهزا للاستخدام.
وخلال منشور عبر موقع التواصل الاجتماعي، تساءل الفقي عن وظيفة هيئة الدواء المصرية التي تأسست بقرار جمهوري في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى دورها في إجازة اللقاح من عدمه، حيث لم تخرج بياناتها إلى النور حتى الآن، وهو الأمر الذي يتناقض مع لقاح شركة فايزر المجاز حديثا من منظمة الصحة العالمية للاستخدام الطارئ.
تأكيد حكومي
في المقابل هناك حالة من الزهو والتفاخر داخل الحكومة المصرية والترويج لنجاحها في توفير اللقاح، حيث أعلن وزير الإعلام أسامة هيكل، في تصريحات صحفية بعد تسلم الدفعة الأولى من اللقاح، أن مصر أول دولة أفريقية تحصل على اللقاح وثاني دولة عربية بعد الإمارات، معتبرا أن الحصول عليه سريعا يعطي مصر الأسبقية، ويؤكد نجاح الحكومة في جهودها لمواجهة الفيروس.
وفي لقاء تلفزيوني قال الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة، إن اللقاح الصيني آمن وليس هناك ما يدعو للقلق منه، مؤكدا دراسة اللقاح من قبل اللجنة العلمية المصرية التابعة لوزارة الصحة، لكن المثير أن مستشار الرئاسة عندما أراد أن يدلل على الثقة في اللقاح اكتفى بالقول إن "الصين لا يمكن أن تغامر بخروج لقاح يهز الثقة بمؤسساتها العلمية".