(جريدة الرأي الكويتية)
رغم حالة القلق إزاء السلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد، خلص خبراء وعلماء بيئة، إلى أنها لم تكن أمراً مفاجئاً، بل متوقع، ولاسيما أن الباحثين رصدوا الآلاف من التغييرات المجهرية في الفيروس وهو يجوب العالم بأكمله، وأكدوا أن اللقاحات الحالية، فعالة في الوقاية منها.
لكن نيلسون مايكل، رئيس قسم الأوبئة المعدية في مركز وولتر ريد العسكري التابع للجيش الأميركي، أشار إلى أن هناك «دائماً قلقاً من أن اللقاحات قد لا تعمل إن تحوّر (ظهرت سلالات جديدة) من الفيروس بصورة كبيرة».
وأضاف أن العلماء في وولتر ريد لا يزالون يتوقعون أن اللقاح الحالي سيكون فعالاً ضد «كوفيد - 19»، وقال: «من المعقول بأن هذا التحوّر لا يشكل تهديداً، ولكن لا يمكننا الجزم، ويلزمنا البحث أكثر».
وبدأ العلماء في المركز، الخميس، بتفحص التسلسل الجيني للسلالة المتحورة.
وفي برلين، قال وزير الصحة الألماني يانس سفان، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، «وفق ما نعلمه حتى الساعة وإثر محادثات بين خبراء السلطات الأوروبية» فإن السلالة الجديدة «لا تؤثر على اللقاحات» التي تبقى «على درجة الفعالية نفسها».
وأكد وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران، أنه «نظرياً... ما من سبب يدعو للاعتقاد بأن اللقاح لن يكون فعالاً».
وأشار إلى أن السلالة الجديدة ربما تكون وصلت إلى فرنسا، لكن الفحوص التي أجريت أخيراً لم ترصدها.
ودعت منظمة الصحة العالمية، الحكومات إلى اتخاذ ما في وسعها من تدابير للحد من انتشار سلالتين جديدتين، تم اكتشافهما في بريطانيا وجنوب أفريقيا.
وقال الناطق باسم المنظمة طارق يشاريفيتش، أمس، «إن الفيروسات تتغير أثناء تداولها وقد يؤدي ذلك إلى تغير خواصها.
على الجميع بذل كل التدابير الممكنة لإبطاء انتشار هذا الفيروس ووقف انتشاره في نهاية المطاف».
وأشار إلى أن القرار في شأن تقييد الرحلات إلى بريطانيا يعود إلى الحكومات، مضيفا أن منظمة الصحة «تنصح باتخاذ مواقف مبنية على تقييم مدى التهديد».
وذكر أن المنظمة تظل على اتصال مستمر مع مسؤولين طبيين وعلماء في بريطانيا وجنوب أفريقيا، «لتحديد ما إذا كان هذا الفيروس ينتقل بين البشر بسهولة أكبر وإن كان يتسبب في أعراض أكثر خطورة من المرض، وإن كان باستطاعته أن يؤثر على أداء الفحوصات واللقاحات».
ويتوقع أن تبدأ أوروبا بحملة تلقيح واسعة على خطى الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين بدأتا حملات التطعيم باستخدام لقاح «فايزر - بيونتيك»، الذي وافقت عليه الوكالة الأوروبية للأدوية أمس.
وترى جيسي بلوم، باحثة البيولوجيا التطورية في مركز «فردي هوتشينسون» لبحوث السرطان في سياتل الأميركية، أن هذه الطفرة تكشف أهمية أن يبقى العلماء في يقظة من أمرهم، وتقول «علينا أن نرصد هذه الطفرات حتى نحدد منها ما قد يحدث آثاراً».
وتتسم السلالة البريطانية بـ20 طفرة، بعضها يرتبط على نحو وثيق بالطريقة التي يظهر بها الفيروس للخلايا البشرية، وكيف يصيبها ويتسلل إليها.
ويرى الخبير والباحث في الأمراض المعدية في جامعة سانت أندروس الاسكتلندية ميوج سيفيك، أن الطفرة الجديدة تتيح للفيروس أن يتكاثر وتنتقل عدواه بشكل أكبر.
وفيما ذكرت الحكومة البريطانية إن السلالة الجديدة أكثر قدرة على الانتقال بنسبة 70 في المئة، أوضحت أن هذا التقدير مبني على نماذج حسابية نظرية، وليس بالاستناد إلى تجارب في المختبر.
لكن ما يشغل العالم في الوقت الحالي هو احتمال أن تؤثر هذه السلالة على نجاعة اللقاحات التي ترقبتها البشرية طيلة العام الجاري، أملاً في العودة إلى الحياة الطبيعية.
وتؤكد الباحثة بلوم، في تصريح يبدو داعياً للطمأنينة، أن لا داعي للقلق من احتمال تسبب طفرة كارثية واحدة في نسف كل الأجسام المضادة وما يقوم به الجهاز المناعي لدى الإنسان.
وأضافت أن «الأمر ربما يستغرق سنوات طويلة حتى يحصل، أي أن تتراكم طفرات كثيرة، لأن المسألة ليست شبيهة بالضغط على زر».
وكانت أوراق علمية سابقة كشفت أن فيروس كورونا يستطيع أن يتغير من أجل تفادي التعرف عليه من قبل جسم مضاد أو مواد أخرى، لكن من حسن الحظ، أن الجسم يؤدي دوره بشكل ذكي في هذه الحالة.
ويحتاج الفيروس إلى سلسلة كبيرة من الطفرات حتى يستعصي على رصد الجهاز المناعي لدى الإنسان، وهدف كل طفرة من الطفرات هو خداع الدفاع الذي يقوم به الجسم والتغلب عليه.
وتشرح بلوم أنه حتى فيروس الإنفلونزا يحتاج إلى ما بين 5 و7 سنوات لمراكمة ما يكفي من الطفرات حتى يصبح الجهاز المناعي عاجزاً عن رصده.
في غضون ذلك، يراهن العلماء على تلقيح ما يقارب من 60 في المئة من سكان العالم خلال العام المقبل، وهو أمرٌ لا يخلو من التحديات، فضلاً عن خفض عدد الإصابات الجديدة قدر الإمكان.
وفي الولايات المتحدة، أوصى مجلس خبراء، الأحد، بتلقيح من تفوق أعمارهم 75 عاماً في المرحلة التالية مع 30 مليون «عامل أساسي على الخطوط الأمامية»، مثل المدرسين والعاملين في المتاجر والشرطة.
كما بدأت روسيا والصين بتطعيم سكانهما بلقاحات أنتجهما البلدان محلياً.
السعودية وعُمان تعيدان تعليق الطيران وإغلاق الحدود
قرّرت السعودية وعُمان، تعليق كل الرحلات الجوية وإغلاق حدودهما البرية والبحرية بسبب ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد في المملكة المتحدة.
في الرياض، نقلت «وكالة واس للأنباء» الرسمية عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية، ليل الأحد - الاثنين، انّ قرار إعادة الإغلاق جاء «بناءً على ما رفعته وزارة الصحة عن انتشار نوع جديد متحور من فيروس كورونا المستجد في عدد من الدول، وحتى تتّضح معلومات طبية عن طبيعة هذا الفيروس».
وأوضح أنّ المملكة قرّرت «تعليق جميع الرحلات الجوية الدولية للمسافرين - إلا في الحالات الاستثنائية - موقتاً لمدة أسبوع، قابلة للتمديد أسبوعاً آخر».
كما قرّرت «تعليق الدخول إلى المملكة عبر المنافذ البرية والبحرية موقتًا لمدة أسبوع قابلة للتمديد أسبوعًا آخر»، مطالبة كل من عاد من دولة اوروبية ظهرت فيها السلالة الجديدة بالعزل المنزلي لمدة اسبوعين وإجراء فحص للفيروس كل خمسة أيام.
وتستثنى حركة نقل البضائع والسلع وسلاسل الإمداد من الدول التي لم يظهر فيها «الفيروس المتحور».
وفي مسقط، أوردت «وكالة الأنباء العمانية»، أنه تقرّر «منع الدخول إلى السلطنة والخروج منها عن طريق مختلف المنافذ البريّة والجويّة والبحرية ابتداء من الساعة الواحدة من صباحِ 22 ديسمبر 2020 ولمدة أسبوع».
وأضافت في بيان أنه سيتم استثناء«طائرات وسفن الشحن والشاحنات»، بينما ستستمر اللجنة المكلفة بمتابعة وضع الوباء «في متابعة الوضع الوبائي للسلالة الجديدة من فيروس كورونا وستتخذ القرارات المناسبة وفقاً لذلك».
بريطانيا في شبه عزلة وإيطاليا تتهمها بـ«التكتم»
أصبحت بريطانيا، شبه معزولة، بعد ما أوقفت دول عدة رحلات السفر منها وإليها، بسبب المخاوف من السلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد، مما سلط الضوء على حالة الذعر على مستوى العالم والتسبب في ارتباك حركة السفر واحتمالات تعرض بريطانيا لنقص في الغذاء قبل أيام فقط من خروجها عملياً من فلك الاتحاد الأوروبي.
وأوقفت المزيد من الدول، أمس، روابط السفر مع المملكة المتحدة، بعدما حذر رئيس وزرائها بوريس جونسون من أن السلالة الجديدة من الفيروس شديدة العدوى بنسبة تصل إلى 70 في المئة.
وقررت فرنسا الجارة المباشرة للمملكة المتحدة تعليق مرور الأشخاص والسلع من بريطانيا، فيما قالت هولندا إن المسافرين عبر السفن من بريطانيا سيمنعون من دخول أراضيها.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه الموانئ البريطانية حركة مرور كبيرة، مع قيام العديد من الشركات بالتخزين استعداداً لخروج المملكة المتحدة من السوق الأوروبية الموحدة في الساعة 2300 بتوقيت غرينيتش يوم 31 ديسمبر.
وأعرب مستشار وزير الصحة الإيطالي ڤالتر ريتشاردي عن غضبه من عدم إعلان بريطانيا عن السلالة الجديدة رغم علمها بذلك منذ سبتمبر، ما سيدفع إيطاليا إلى إغلاق صارم للغاية.
وقال إن «السلالة الجديدة لا تعد قاتلة لكنها تنتشر بسرعة أعلى بنسبة 70 - 80 في المئة»، مشيراً إلى أنه وفقا للبيانات البريطانية فإن «الفيروس لديه 3 طفرات لاختراق الغشاء المخاطي للأنف بشكل أفضل».
واكتُشفت الأحد في إيطاليا حالة إصابة بالسّلالة الجديدة. وكان المريض قد عاد أخيراً من بريطانيا بالطائرة. أميركياً، ألمح مسؤولون إلى أن الولايات المتحدة لن تتخذ خطوة مماثلة في الوقت الحالي، في حين سجلت أستراليا، حالتي إصابة لمسافرين قادمين من بريطانيا إلى ولاية نيو ساوث ويلز، في أول تأكيد لإصابات بالسلالة سريعة الانتشار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
بعض أعراض «كوفيد - 19» مازالت تظهر على ماكرون
قال الناطق باسم الحكومة الفرنسية غابرييل أتال، إن بعض أعراض الإصابة بفيروس كورونا المستجد مازالت تظهر على الرئيس إيمانويل ماكرون، لكن حالته العامة مستقرة. وكان ماكرون ترأس مجلس الوزراء أمس، افتراضياً، مشدداً على ضرورة تكثيف اليقظة في مواجهة السلالة الجديدة التي ظهرت في بريطانيا.
«أرجوكم ساعدونا»
وجد عشرات المسافرين الذين وصلوا من المملكة المتحدة أنفسهم عالقين في المطارات الألمانية ليل الأحد - الاثنين، بعد قرار تعليق الرحلات الجوية مع بريطانيا بسبب السلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد التي اكتُشفت أخيراً.
وقالت سيدة ألمانية «أرجوكم ساعدونا على الخروج»، بحسب ما أظهر شريط فيديو نشر على الإنترنت.