نقلاً عن الجزيرة نت
ما أن علمت بأنها مصابة بكورونا حتى أصابها الخوف والهلع، وزاد من معاناتها الأمراض المزمنة التي تعاني منها، إضافة لذلك فالأخبار القادمة من المرضى والمستشفيات لا تسر بال أحد.
الحاجة الستينية أم سالم نصيرات القاطنة بإحدى القرى المجاورة لمدينة السلط غربي العاصمة الأردنية عمان فزعت للعشابين باحثة عن وصفات مقاومة للمرض، مضيفة للجزيرة نت أنها أحضرت أدوية الحرارة والفيتامينات المطلوبة والمضادات الحيوية، وإلى جانبها الكثير من الأعشاب الطبية والنباتات البرية، فأي وصفة ينصحها بها مريض تقوم بإحضارها وتناولها.
حالة النصيرات يشابهها آلاف الحالات من المرضى بفيروس كورونا، ممن يبحثون عن علاج ناجع بين الأعشاب الطبية والعسل ومنتجاته.
الشاب الثلاثيني رائد الكوزة اصطحب معه العسل المخلوط بالأعشاب الطبية لغرفة العزل الطبي بأحد المستشفيات الحكومية، وذلك بعدما أصابه كورونا، وحرص على تناوله صباح مساء لاعتقاده أن العسل والأعشاب تساعد في الشفاء من الإصابة.
وسجلت الأردن حتى بداية الأسبوع الجاري 257 ألف حالة هي إجمالي الإصابات، منها 213 ألف حالة شفاء، ونحو 3335 وفاة، و40 ألف حالة نشطة، وبدأ المنحنى الوبائي خلال الأسبوع الماضي بالتسطح والاستقرار إيذانا بتراجع نسبة الإصابات والوفيات التي تراوحت بين 12% و14% من فحوصات المصابين.
رحلة البحث عن وصفات
في البلدة القديمة بالعاصمة الأردنية عمّان، يدور الأربعيني فارس العمارين على محال العطارة والعشّابين مصطحبا معه زوجته، يبحثان عن عشبة برية أو وصفة طبية يواجهان بها مخاطر فيروس كورونا بعدما أصاب عائلتهما.
وصفات كثيرة ومتعددة دوّنها العمارين على ورقة، منها ما يختص برفع جهاز المناعة ومنها للأنفلونزا وأخرى لأمراض الشتاء، فـ"الأعشاب الطبية ومنتجات العسل سلاحنا في معركتنا مع كورونا طالما لم يتوفر لقاح ودواء فعّال لعلاجها" يقول العمارين للجزيرة نت.
يتشابه مع العمارين الكثير ممن يعانون الأمراض المزمنة مثل السرطان والأمراض الصدرية، والمصابون بفيروس كورونا، اعتقادا منهم أنها تساعد في العلاج، مما رفع الطلب على الأعشاب الطبية بنسبة زادت على 200% وفق تجار الأعشاب.
وعلى مدى الأشهر الماضية، ازدحمت وسائل التواصل الاجتماعي بوصفات الطب الشعبي التي يعتقد بعضهم أنها تشفي من كورونا، بينما يحذر مختصون من تلك الوصفات الهادفة للربح المادي على حساب صحة المرضى والمصابين، في ظل عجز الأبحاث الطبية عن إيجاد العلاج.
ويعتبر إقبال الأردنيين على تناول الأعشاب الطبية موروثا شعبيا، توارثه الأبناء عن آبائهم وأجدادهم في وقت لم يوجد به الطب والأدوية لعلاجهم قبل عشرات السنين.
في محل مليء بأكياس وأرفف الأعشاب الطبية بوسط البلد، جهّز صاحب أقدم محل عطارة في عمّان العشّاب محمد الحنّ كميات كبيرة من الأعشاب الطبية والزهور البرية ومنتجات العسل لتلبية طلبات الزبائن، فـ"الزبائن يبحثون عن أعشاب ووصفات عشبية لرفع المناعة ومقاومة التحسس وأزمة التنفس، لاعتقادهم أنها تفيد في مواجهة كورونا"، يقول الحنّ للجزيرة نت.
ويضيف تتركز طلبات الزبائن على أعشاب محددة مثل القسط الهندي والشيح والينسون والقزحة والكراوية ونجمة البحر، ومختلف الأعشاب الساخنة، ويقصد المحل زبائن من مختلف الطبقات الاجتماعية الفقيرة والغنية.
زيادة الطلب على الأعشاب الطبية رفع من أسعارها، ونتيجة لحالة الحظر الشامل خلال إبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين، وتوقف استيراد البضائع من الخارج لفترات، شحّت الكميات الموجودة في الأسواق وارتفعت أسعارها لدى التجار.
يتعلقون بقشة
في سوق العطارة المجاور للمسجد الحسيني يبتاع المتسوقون العسل إلى جانب الأعشاب، حيث ترافق مع زيادة الطلب على الأعشاب الطبية، ارتفاع في الطلب على العسل ومنتجاته، العشّاب شادي قويدر صاحب محلات حريز للأعشاب قال للجزيرة نت إن الطلب ارتفع على العسل ومنتجاته خاصة عكبر النحل بنسبة 100%.
والمريض -حسب وصف قويدر- متعلق بقشة، فأي وصفة يسمع بها أو يجد أن غيره من المرضى استفاد منها، يقوم بتناولها، ويبيع العطّارون الأعشاب للمستهلكين بوصف بسيط لكيفية استخدامها، في حين يحمل تناول الأعشاب الطبية بكثرة ودون مقادير محددة مخاطر صحية كبيرة، فبعضها قد يحدث فشل كلوي أو تسمم بالدم أو غيرها، وفق مختصين.
نتائج عكسية
التداوي بالأعشاب الطبية والنباتات البرية لطالما كان محل خلاف بين الأطباء والمختصين بما يعرف بـ"الطب البديل"، عضو لجنة الأوبئة في وزارة الصحة الأردنية الطبيب بسام حجاوي لا ينصح بتناول الوصفات العشبية دون ضوابط طبية، وعلى أسس علمية محددة بدراسات.
وأوضح حجاوي للجزيرة نت أن المستهلكين يتناولون الأعشاب البرية والصفات المتنوعة كإجراءات وقائية، لكن دون دراسات علمية وطبية محكمة توضح فوائد ومخاطر تلك الأعشاب وطريقة تناولها، مما قد يعرضهم لمخاطر طبية أكثر من الفوائد المرجوة.
وبين خلافات الأطباء حول فوائد ومضار التداوي بالأعشاب، يبقى اللجوء لها خيارا مطروحا بقوة، إلى حين الحصول على لقاح للفيروس وعلاج ناجع منه.