(ويليام هانج \الجارديان)
لم يكن هناك الكثير من الأخبار الجيدة مؤخرا. ولكن مع خروج رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون" من المستشفى والتصريحات التي تفيد بأن ذروة الضغط على المؤسسة الصحية الوطنية ستكون خلال فترة "عيد الفصح"، أخذ الناس الانطباع بأن العاصفة في طريقها للمرور، وأن جائحة "كوفيد-19" ستكون مجرد ذكرى قريبا.
وتغذي هذه الحالة المزاجية تقارير في المجتمعات التي أصابها الوباء تفيد بأنه أصبح بإمكاننا تحديد الأشخاص الذين لديهم مناعة من خلال البحث عن وجود أجسام مضادة لـ"كوفيد-19".
وتشير بعض هذه البيانات بقوة إلى أن العديد من الإصابات قد مرت دون أن يلاحظها أحد، حيث تكون الأعراض مجرد أشياء خفيفة مثل فقدان القدرة على الشم والتذوق.
نتيجة لذلك، قد يكون عدد الأشخاص الذين لديهم مناعة ضد الفيروس أكبر مما كنا نعتقد. وبالتأكيد هذه علامة على أن المجتمعات في جميع أنحاء العالم يمكن أن تتنفس الصعداء والبدء في العودة إلى العمل.
لكن لسوء الحظ، لا شيء من هذا حقيقي!
وربما يكون الحديث عن "الذروة" مضللا، لأنه ليس من الواضح ما إذا كنا نتحدث عن قمة "مدببة" أم "عريضة"، وكلاهما قمة، لكن الذروة أكثر وضوحا في إحداهما من الأخرى.
وفي دول مثل إيطاليا، على عكس ووهان الصينية، لم تتلاش الطفرة الأولية في جائحة "كوفيد-19" بسرعة.
وهناك عدة أسباب لذلك، لكن الأهم هو أن تأثير التباعد الاجتماعي الذي تحقق في الصين كان من الصعب تحقيقه في مكان آخر، ويرجع ذلك في الغالب إلى الحريات التي تقدرها الديمقراطيات الليبرالية بشكل أكبر.
والأسوأ من ذلك، قد يكون هناك موجات من المرض بعضها مرتفع عن الآخر. بعبارة أخرى، ما يحدث الآن يمكن أن يكون مجرد قمة واحدة، وليس الذروة.
والسبب في ذلك أنه على الرغم من كل هذه العلامات الإيجابية من اختبار الأجسام المضادة، فإن الغالبية العظمى من السكان ليست محصنة.
وأفادت افتتاحية في المجلة الطبية البريطانية أن البيانات القادمة من الصين تشير إلى أن ما يصل إلى 4 من كل 5 حالات يمكن أن تكون بدون أعراض.
لكن هذا الأمر قد يقلق أكثر مما يدعونا للاطمئنان.
إذا كانت التقارير من افتتاحية المجلة الطبية البريطانية دقيقة، فسيكون الرقم الفعلي من الإصابات في بريطانيا مثلا مضروبا في 5، وفي هذه الحالة سيكون هناك بالفعل نصف مليون إصابة في المملكة المتحدة.
ويعني ذلك مليون إصابة من الطفرة الأولية في المملكة المتحدة فقط، ونأمل أن يكون جميع هؤلاء الأشخاص محصنين الآن، ولكن من شأن هذا أن يترك نحو 65 مليون شخص في المملكة المتحدة بدون حصانة.
وسأكون متفائلا بشكل غير معتاد هنا، وأفترض أن كل شخص أصيب بـ"كوفيد-19" يصبح محصنا بالكامل، وأن الفيروس أقل قابلية للانتقال من نطاق التقديرات المتاحة حاليا.
وإذا كان هذا هو الحال، فسوف تحتاج إلى أن يكون نصف السكان مصابين بالعدوى لتحقيق مستوى من "مناعة القطيع" من شأنه أن يوقف استمرار الوباء مع ما يعنيه ذلك من سحق أنظمة الرعاية الصحية.
وقبل بداية كتابة هذه السطور، أبلغت المملكة المتحدة عن أكثر من 10 آلاف حالة وفاة بفيروس كورونا الجديد.
ونظرا لظروف جمع البيانات أثناء حالة طوارئ مثل التي نعيشها، فمن المحتمل أن تكون هذه الأرقام أقل من الواقع.
ومرة أخرى، إذا افترضنا أن هذه هي الذروة، وأن نفس العدد سقط من البيانات، فإن إجمالي حالات الوفاة يبلغ إذا 20 ألفا من الطفرة الأولية.
وللحصول على "حصانة القطيع" بين السكان، فيجب مضاعفة ذلك الرقم بضربه في 30 على الأقل، استنادا إلى البيانات الحالية، أي نحو 600 ألف حالة وفاة كحد أدنى للوصول إلى الحصانة المنشودة.
ولا يزال أمر إيجاد لقاح يقدم حلا كاملا لهذا الوباء بعيدا حتى في أفضل السيناريوهات. ولكن ليس من الصعب رؤية العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها إبطاء وتيرة الوباء وإنقاذ الأرواح.
أحد هذه الوسائل هو تحسين أدوات الاختبار بشكل كبير لتحديد الحالات والمختلطين بها، ويمكن دعم ذلك بأساليب رقمية ذكية لتحديد الأشخاص المعرضين للخطر.
وتحاول الحكومات في جميع أنحاء العالم إيجاد طرق لإبقاء الوظائف والشركات على قيد الحياة أثناء عمليات الإغلاق، ولكن هناك ضغوطا غير مناسبة لإنهاء عمليات الإغلاق بسرعة.
وأفهم أن الإغلاق يمثل ضغطا كبيرا على الاقتصاد. لكن وفاة آلاف الناس ستكون كذلك أيضا، فببساطة، لا يمكن عزل الاقتصاد تماما عن تأثير جائحة من هذا النوع.
وحيث أعيش، في كامبريدج، ماساتشوستس، أستمر في سماع صفارات الإنذار. حسنا، يمكنني القول إن هذه الأزمة ليست على وشك الانتهاء، بل على العكس تماما، الوباء قد بدأ للتو فقط.