نقلا عن صحيفة الأخبار - راجانا حمية
في وقت تؤجَّر فيه جرعة الأوكسيجين بـ 500 ألف ليرة يومياً، يحتجز مصرف لبنان معاملات تلك الأجهزة، كما الأدوية، وكأن فيروس كورونا يحصد الأرواح في مكانٍ آخر. يصرّ «بنك البنوك» على أن يكون شريكاً في موت كثيرين بسبب تلكؤه في تسيير معاملات الدواء والمستلزمات التي تكاد توازي قيمة رغيف الخبز. اليوم، في ظل الآلية التي فرضها المصرف مدفوعاً بـ«نقص العملة الأجنبية»، يتسبب تأخير المعاملات والتحويلات في تأخير استيراد الأدوية والأدوات الطبية اللازمة التي تستخدم في معظمها لمواجهة فيروس «كورونا». وإذ لم يعد الواقع يحتمل مزيداً من التأخير، خرج «تجمع المستشفيات الجامعية» ببيانٍ، أمس، طالب فيه المصرف المركزي بـ«الإفراج» عن المعاملات العالق بعضها منذ أشهر، إذ إن «ازدياد النقص في المستلزمات الطبية والأدوية لدى المستشفيات يزيد من تعطيل دورة العمل فيها ويجعلها أقل قدرة على تقديم الخدمات الاستشفائية، وخصوصاً في ظلّ جائحة كورونا حيث إن عدد حالات الدخول الباردة يتقلص وينحصر بالحالات الطارئة».
صحيح أن ما يجري لا يعبّر عن أزمة مستجدّة، وإنما خطورتها اليوم تكمن في أن النظام الصحي الاستشفائي في مواجهة خاسرة إلى الآن مع فيروس كورونا. فكلما ازداد النقص واشتدت الأزمة، زادت الخسائر التي يسجلها عدّاد الوفيات، وهو الذي أعلن أمس عن 57 حالة وفاة خلال 24 ساعة. وما يزيد الطين بلّة التسارع الذي تسجّله المؤشرات الأساسية، ولا سيما الحالات الحرجة في المستشفيات ونسب إيجابية الفحوص، كما الحدوث. فقد ارتفع عدد الحالات الحرجة في غرف العنايات الفائقة إلى 892 حالة، منها 289 مع أجهزة تنفس اصطناعي. أما إيجابية الفحوص، فقد تخطّت عتبة العشرين في المئة، حيث سجلت أمس 21%. إلى ذلك، تراجع عدّاد الإصابات بنسبة طفيفة عما كان عليه أول من أمس وما قبله، الى 3220 إصابة من أصل 20 ألفاً و137 فحصاً أجريت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. مع ذلك، لا يعدّ هذا التراجع دليل «عافية» في ظلّ بقاء العدّادات الباقية على مسارها التصاعدي.
أما خطورة هذا التصاعد، فهو أنه يحدث في وقت تتناقص فيه الأسرّة الشاغرة القليلة المتبقية، وفي ظل «امتلاء الطوارئ في معظم المستشفيات»، على ما قال أمس المدير العام لمستشفى بيروت الحكومي، فراس أبيض، داعياً في الوقت نفسه «المستشفيات الخاصة إلى رفع قدرتها الاستيعابية لتجاوز هذه المرحلة الصعبة. أما الدعوة الأخرى، فوجّهها أبيض الى المواطنين على اعتبار أن «الالتزام الجيد للمواطن اليوم هو انعكاس للجدية التي عملت فيها الدولة».