نقلا عن الجزيرة نت - محمد عبد الله
تبددت آمال ملايين المصريين في الحصول على لقاحات ضد فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، أسوة بباقي دول العالم التي سارعت إلى توفير اللقاحات مجانا لمواطنيها، وسط استغراب وانتقادات واسعة سواء بين المواطنين أو الأطباء.
في مساء اليوم الذي أطلقت فيه وزيرة الصحة المصرية هالة زايد، حملة تلقيح اﻷطقم الطبية ضد فيروس كورونا، الأحد 24 يناير/كانون الثاني 2021، من مستشفى أبو خليفة للعزل، في محافظة الإسماعيلية، بلقاح سينوفارم الصيني، كشفت أن اللقاح لن يكون بالمجان.
وأوضحت الوزيرة، في مداخلة تلفزيونية، أن توزيع اللقاح بين المواطنين سيكون بمقابل مادي؛ ويبلغ سعر الجرعة الواحدة 100 جنيه (حوالي 6.3 دولارات)، و200 جنيه للجرعة الثانية، واستثنت الطواقم الطبية، وغير القادرين فقط الذين يتلقون مساعدات من الحكومة، رغم تخوف ورفض البعض من أخذ اللقاح.
تتسق تصريحات الوزيرة مع بيان رئاسة الجمهورية الصادر مطلع الشهر الجاري، الذي أوضح أن صندوق "تحيا مصر" سيقوم بدعم توفير لقاحات فيروس كورونا للفئات المستحقة، خاصة من الكوادر الطبية، والحالات الحرجة والمزمنة، والحالات المصابة وكبار السن فقط.
لقاحات كورونا في مصر
وتعاقدت الحكومة المصرية مع عدة شركات لتأمين 100 مليون جرعة من لقاحات فيروس كورونا، والتي ستكون كافية لـ50 مليون مواطن، بحسب تصريحات هالة زايد.
وأشارت الوزيرة إلى 3 أنواع من اللقاحات؛ تتضمن 40 مليون جرعة من لقاح "سينوفارم" Sinopharm الصيني و40 مليون جرعة من التحالف العالمي لإنتاج الأمصال واللقاحات (غافي) Gavi, The Vaccine Alliance، و20 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا AstraZeneca.
بشأن تكلفة اللقاحات المطلوبة لتطعيم (تلقيح) المواطنين، كشف وزير المالية المصري محمد معيط، في وقت سابق أن حكومته خصصت ما يتراوح بين 1.5 مليار دولار و1.6 مليار دولار لشرائها ومنحها إلى 70%-100% من السكان.
وقبل أيام، دشن صندوق تحيا مصر حملة من أجل جمع تبرعات مالية لتوفير لقاح فيروس كورونا لغير القادرين تحت شعار نتشارك من أجل الإنسانية، لجمع نحو ملياري جنيه (حوالي 127 مليون دولار)، من أجل المسجلين في برنامجي تكافل وكرامة الاجتماعيين.
تخوفات من اللقاح
ويتخوف جزء غير قليل من الأطقم الطبية من الحصول على لقاح سينوفارم الصيني، حيث كشف المتحدث باسم وزارة الصحة، عشية إطلاق حملة التطعيم، أن 78 طبيبا فقط، من أصل 200 يعملون في مستشفى أبو خليفة للعزل وافقوا على تلقي اللقاح.
وكشف عضوان في مجلس نقابة الأطباء رفض عدد كبير من أعضاء النقابة الحصول على هذا اللقاح، لعدة أسباب؛ من بينها انتظار أنواع أخرى من اللقاحات، واكتفائهم بأدوية البروتوكول المعتمدة كبديل عن اللقاح (الصيني) المتوفر حاليًا، وفق موقع "مدى مصر".
وهو ما أكده عضو مجلس النقابة العامة للأطباء السابق، أحمد شوشة للجزيرة نت، وقال إن هذه التخوفات مشروعة بسبب غياب الثقة في اللقاح الصيني ونتائجه السريرية، وانتظارا للقاحات الأقوى من دول مثل بريطانيا وأميركا.
وانتقد مقرر اللجنة القانونية سابقا، توفير اللقاح للمواطنين بمقابل مادي، قائلا "اللقاح يجب أن يكون مجانا للجميع؛ لأن تحديد سعر له يعني عزوف ملايين المصريين عن شراء اللقاح؛ وهناك جزء غير يسير لا يعترف بكورونا، ولا يكترث لها، مما يعني أن خطر كورونا سيظل قائما".
وارتفع عدد حالات الوفاة بين الأطباء إلى 345 طبيبا؛ حيث نعت نقابة الأطباء، الأربعاء، وفاة إميل نظمي بشارة فرج أخصائي باطنة بالتأمين الصحي بمحافظة كفر الشيخ، الذي توفي نتيجة الإصابة بفيروس كوفيد-19.
اللقاح حق لكل المواطنين
وانتقد الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة (مجتمع مدني)، قرار وزارة الصحة بعدم توفير اللقاحات مجانا لكل المواطنين، وقال "على الحكومة أن تدعم حق المواطن في الحصول على لقاح آمن ضد فيروس كورونا؛ لأنه تحصين للمجتمع والدولة معا".
وأشار في تصريحات للجزيرة نت إلى أن كل المجتمع الآن في خطر، ومن أجل وقاية الشعب من مخاطر هذا الفيروس يجب تطعيم من 70% إلى 80% من المواطنين باللقاحات المتوفرة.
وأعرب عن تخوفه من عدم قدرة الكثيرين على الحصول على اللقاح؛ بسبب غياب حملات التوعية بضرورة أخذ اللقاح، بل على الحكومة حثهم وإجبارهم على أخذ اللقاح، خاصة أن نسبة الفقر في مصر تصل إلى نحو 30% من تعداد السكان.
ولا يعبر عدد المستفيدين من برنامجي تكافل وكرامة البالغ نحو 3 ملايين ونصف مليون شخص عن العدد الحقيقي للفقراء غير القادرين؛ الذين يبلغ عددهم أكثر من 30 مليون مواطن.
ووصل عدد مستفيدي برنامج تكافل إلى مليونين و175 ألفا و603، كما وصل مستفيدي برنامج كرامة إلى مليون و237 ألفا و582 شخصا، وفق آخر إحصاء لوزارة التضامن الاجتماعي.
ووفق آخر إحصاء للفقراء في مصر؛ بلغت معدلات الفقر 29.7% من عدد السكان البالغ أكثر من 101 مليون نسمة، لعام 2019/2020، مقارنة بـ 32.5% عام 2017/2018.
مصر تتراجع 23 مركزا
وتراجعت مصر 23 مركزا، دفعة واحدة، إلى المركز 47، في يناير/ كانون الثاني، على مؤشر وكالة بلومبيرغ الذي يقيس قدرة البلدان المختلفة على التكيّف خلال جائحة كورونا، وهو ثاني أكثر تراجع على مستوى العالم بعد أيرلندا.
ويعتمد المؤشر على عدة مقاييس، من بينها معدلات الإصابات والوفيات، والنسبة المئوية للسكان الذين تغطيهم اتفاقيات توريد اللقاحات، وقوة نظام الرعاية الصحية الخاص بها، وتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي.