(موقع العهد الإخباري)
ثمّة سؤال يجري طرحه منذ أيام: هل سيُصار إلى تمديد الإقفال العام الذي تنتهي مفاعيله صباح الإثنين المقبل (8 شباط)؟. الإجابة على هذا السؤال وبشكل قطعي ليست متوفّرة في الوقت الحالي. الصورة غير واضحة وغير مكتملة. ثمّة نقاش يدور لحسم هذه القضية على مستويات عدة بانتظار جملة اجتماعات ستُعقد في الأيام المقبلة. وفي الواقع، ثمّة مؤشرات عديدة يمكن الإستناد إليها لتقييم نتائج الإقفال الممتد منذ أكثر من أسبوعين. تلك المؤشرات توحي بضرورة تمديد الإقفال العام كي يصل لبنان إلى النتائج المرجوّة. صحيح، أنّ فترة الإقفال انعكست ارتياحاً وبدأت المستشفيات تتنفّس الصّعداء قليلاً. وصحيح أنّ الإقفال نجح في الحدّ من التّدهور الصحي، وعدد الحالات الجديدة اليومية انخفض نوعاً ما عن الأعداد المتزايدة السابقة -وفق ما يقول أهل الإختصاص- وسط انخفاض الرقم التكاثري إلى ما دون 0.9، إلّا أنّ ذلك لا يكفي وسط مؤشّر إيجابية الفحوص الذي لا يزال مرتفعاً.
مُقابل هذه القراءة، ثمّة من يرى أنّ تمديد الإقفال غير صحي مطلقاً للوضع الاقتصادي الذي يزداد سوءاً، ليعلّق القرار بين فكي "كماشة" الصحة والاقتصاد رغم تفضيل ذوي العلم والإختصاص الأولى على الثانية. إزاء هذا الواقع، ثمّة من يطرح مبدأ المواءمة بين القطاعين، رغم مخاوف حقيقية من عودة الإستهتار المجتمعي إلى سابق عهده. ثمّة من يرى أنّ زيادة الإستثناءات المعمول بها وفتح بعض القطاعات، والتخفيف التدريجي للإغلاق العام قد يشكّل حلاً وسطياً بانتظار أن تحسم الأيام المقبلة هذه المسألة.
خوري: أرقام وزارة الصحة غير مطمئنة
مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية النائب السابق الدكتور وليد خوري يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ اجتماع اللّجنة العلمية ومنظمة الصحة العالمية اليوم الإثنين خلص إلى ضرورة تمديد الإغلاق العام. بحسب خوري، لا زلنا نبحث في الأرقام، فأرقام وزارة الصحة غير مطمئنة. صحيح أنّ أرقام الإصابات لم تزدد في فترة الإغلاق. وصحيح أنّ الإقفال العام أوقف تطوّر وتفاقم الإصابات، ولكن الأرقام لم تنخفض بشكلٍ مريح يسمح بإعادة فتح البلاد. الوفيات لم تنخفض أيضاً -يقول خوري- الذي يلفت إلى أنّ أوضاع المستشفيات أيضاً غير جيدة. بتقدير خوري، رغم زيادة القدرة الإستيعابية للمستشفيات خاصّة في غرف العناية الفائقة ومضاعفة عدد الأسرة، إلّا أنّ هناك إصابات جديدة، ولغاية السّاعة لا يوجد سوى 10 إلى 15 بالمئة من أسرّة العناية الفائقة فارغة، فيما امتلأت كلياً في بيروت وجبل لبنان.
قد يُصار إلى فتح بعض القطاعات كالصناعة
ويؤكّد خوري أنّ لا قرار نهائي حتّى الساعة يحسم مسألة تمديد الإغلاق من عدمه. وفق حساباته، قد يتمّ فتح قطاعات معينة إذا كانت ملتزمة بالتدابير، مع الإشارة إلى أنّنا لم نقرّر حتى اللحظة أي من القطاعات سيسمح لها ذلك. وهنا يلفت خوري إلى أنّ اجتماعاً ستعقده يوم غد الثلاثاء لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائيّة لفيروس كورونا في السراي الحكومي للبحث في ما اذا كان هناك إمكانية لتمديد الإغلاق، وفي القطاعات التي من المرجّح استثنائها من الإغلاق. طبعاً، كل ذلك في إطار التوصيات فالقرار الأخير تتخذه الحكومة.
سألنا خوري: كم ستكون مدّة التّمديد في حال اتّخذ القرار بذلك؟ أجاب بأنّه لم يتمّ النّقاش في المدّة ولكن عادة ما توصي منظّمة الصحة العالمية بأن يكون الإغلاق بين أربعة إلى ستة أسابيع. نحن أقفلنا نحو 3 أسابيع، فإمّا أن يتمّ التّمديد أسبوع أو ثلاثة أسابيع. ولا يخفي المتحدّث أنّ اتّجاه اللجنة العلمية والحكومة قد يكون فتح بعض القطاعات كالصناعة على أن يكون هناك جملة تدابير كالتزام الصناعيين مثلاً بإجراء فحوص pcr دورية لكلّ الصناعيين، وهذا الأمر قد يسري على بقية القطاعات.
وفي الختام، يوضح خوري أنّ نتائج الإقفال الحالية قد لا نلمسها قبل أسبوع أو أسبوعين، وعليه لا نريد أن "نخرب" الوضع عبر رفع الإغلاق العام خصوصاً على الطريقة اللبنانية التي قد يسود فيها الإستهتار.
مخباط: البلد بين فكي "كماشة"
لدى سؤال عضو اللجنة العلمية في وزارة الصحة لمتابعة كورونا البروفيسور جاك مخباط عن نتائج الإقفال العام وما إذا كان الواقع يستدعي تمديده، يجيب بالقول :"السؤال صعب جداً". برأيه، فإنّ الواقع عالق بين فكي كماشة. بين إقفال البلد الخطوة الضرورية لتخفيف الإصابات وتخفيف الضغط عن المستشفيات، وبين تمديد الإقفال الذي سينعكس حالة من العوز الحاد، خصوصاً لدى من يعمل بنظام "اليومية"، ووسط اضطرار بعض المؤسسات غير المنتجة لطرد موظفيها. وفق مخباط، هناك أزمة كبيرة جداً سنقع فيها، وعليه لا بدّ من اتّخاذ القرار المناسب كي لا نصل إلى مشاكل كبرى.
الإصابات على حالها وعدد الفحوص المخبرية انخفض
ويُعرب مخباط عن قناعته الشخصية القائلة بأنّ الخطوة الصحية للبلد تقضي بتمديد الإقفال العام كي نصل إلى مرحلة تنخفض فيها أعداد الإصابات بطريقة جدية. في الوقت الحالي -يقول مخباط- نرى انخفاضاً في أعداد الإصابات ولكن علينا أن نلتفت إلى أنّ عدد الأشخاص الذين يجرون الفحوصات المخبرية انخفض. وعليه، لا تزال نسبة الإصابات على حالها ولكن عدد الفحوص المخبرية هو الذي انخفض وسط نسبة إيجابية الفحوص المرتفعة. وفي ما يتعلّق بأوضاع المستشفيات، يرى مخباط أنّها بدأت بالكاد تتنفّس، لكنّه لا يخفي في المقابل أنّ عدد الأشخاص الذين يتطلبون دخول مستشفى بدأ ينخفض قليلاً.
إمّا الموت من كورونا أو من السياسة الاقتصادية
وفي معرض حديثه، يُشير مخباط إلى أنّ الدراسات برهنت أنّه ولكي يؤتي أي إقفال أكُله يجب أن يتراوح بين أربع إلى ست أسابيع. هذه المهلة مطلوبة كي نبدأ بتلمّس النتائج الجدية، خاصةً أنّه وفي حالات الإقفال يجب أن نأخذ بعين الإعتبار "الفلتان" الذي يظهر من خارج الإقفال وهذا ما نراه كثيراً في لبنان. وهنا يشدّد مخباط، علينا أن نأخذ ست أسابيع أقلّه حتى نرى نتيجة جدية. ولكنه يستطرد بالقول:" إقفال البلد لست أسابيع قد يوصلنا إلى مكان لا تحمد عقباه خاصة أنّ البلد مأزوم في الأصل". وفق مخباط فإنّ البلد عالق بين مأزقين: إمّا الموت من كورونا أو من السياسة الاقتصادية.