(الوكالة الوطنية للإعلام)
تكثر الأبحاث والدراسات حول خفايا فيروس كورونا الذي ضرب العالم منذ اكثر من سنة، لمعرفة ما يخبئه هذا الوباء الخبيث من مخاطر على حياة الانسان وسبل الحماية والعلاج الى ان تم التوصل الى لقاح، مع ان لا شيء يؤكد حتى الان مدى فعاليته، لا سيما على كورونا المتحور او السلالة الجديدة والوقت الذي يستغرقه للقضاء على الوباء.
لبنان على موعد مع وصول اللقاح في منتصف شباط الحالي، ولديه عدد لا يستهان به من الخبراء والأطباء يعملون ليلا ونهارا لمواكبة تطورات الفيروس، من بين هؤلاء الاختصاصي في الامراض الجرثومية رئيس اللجنة الوطنية لإدارة اللقاح ضد كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري الذي يعمل ليل نهار على البحث في كل ما يتعلق بالوباء واللقاحات ومدى فعاليتها، مع الحرص على وصولها الى غالبية المواطنين، حتى نصل الى المناعة المجتمعية والحد من انتشار الفيروس.
وفي حديث إلى "الوكالة الوطنية للإعلام" قال الدكتور البزري: "من الواضح جدا أن المؤشرات الوبائية في لبنان تدل على واقع صعب لجائحة كورونا لأن نسبة الإصابات، وإن انخفضت نتيجة الاقفال العام، إلا أن نسبة الفحوص الإيجابية من عدد الفحوص التي تجرى يوميا ما زالت مرتفعة جدا وتفوق الـ 20% وقد تصل أحيانا الى 23% وهذه مؤشرات وبائية خطيرة وتنذر بواقع صعب جدا".
وأكد أن "نسبة الوفيات في الـ 14 يوما الأخيرة بالنسبة إلى عدد السكان، غير مريحة، فقد كانت افضل في السابق"، معتبرا أن "الاقفال ربما أثر على عدد الإصابات لكن هذا لا يكفي". وقال: "الاقفال ليس هو الحل وتمديده، رغم أنه مفيد وبائيا، الا ان لديه ارتدادات سيئة اقتصاديا و معيشيا و نفسيا، لذلك الحل الأنسب هو إعادة الفتح التدريجي المدروس الذي يأخذ في الاعتبار مصالح المواطنين ورغبتهم في العودة الى العمل، لكن مع ضرورة الحماية والمراقبة والحفاظ على صحتهم. نتمنى ان تكون الأمور هذه المرة اكثر جدية في التعامل مع هذا الملف".
وطلب الدكتور البزري من المواطنين والهيئات الممثلة لهم التقيد بتوصيات الفتح التدريجي، وقال: "القرار بتمديد الاقفال أو الفتح التدريجي يعود لمجلس الوزراء لا للاختصاصيين. فمجلس الوزراء واللجنة الوزارية التي تعنى بالكورونا يقرران، مع أخذها في الاعتبار استشارات الأطباء والاختصاصيين، بالإضافة الى الواقع المعيشي والاقتصادي والأمني".
بالنسبة إلى اللقاح، أوضح أنه "سيبدأ فعليا في لبنان في الأيام المقبلة ولبنان سيدخل مرحلة جديدة هي مرحلة التمنيع المجتمعي وسنحاول تلقيح اكبر عدد ممكن من اللبنانيين بأسلوب شفاف وعادل، مبني على دراسات علمية دولية، وعلى واقع لبناني يأخذ في الاعتبار خصوصية المجتمع". ودعا المواطنين الى "التسجيل لأخذ اللقاح عبر المنصة، إما فرديا وإما قطاعيا من خلال القطاعات التي تتواصل مع وزارة الصحة".
وتابع: "التمنيع واللقاح هما أحد الحلول الرئيسية المتاحة للإنسانية للخروج من أزمة كورونا التي يبدو انها طالت وستكون كارثية في حال استمر تفشي الفيروس سواء في لبنان او غيره من المجتمعات. يجب التعامل الإيجابي مع اللقاح، وعلى وسائل الاعلام التعامل المسؤول مع عملية التلقيح وأخذ الآراء فقط من الاختصاصيين الذين يملكون المؤهلات في هذا الموضوع، فنحن بحاجة الى جبهة وطنية عريضة متحدة من اجل الانتصار على هذا الفيروس".
وقال: "صحيح أن الواقع اللبناني صعب ومفتت، لكن يجب على اللبنانيين جميعا ان يتضامنوا لمواجهة هذا العدو الخطير الذي يعصف بهم كما يعصف بكل دول العالم، وطمأن اللبنانيين إلى ان اللقاحات المقبلة الى لبنان متعددة ووزارة الصحة اختارت افضل أنواع اللقاحات ونحن اليوم بصدد دراسة إدخال لقاحات أخرى، بهدف توسيع حملة التمنيع والإسراع بها حتى نصل الى المناعة المجتمعية المرجوة وأي ما نسبته 85%".
وأكد أن "لقاح استرازنكا سيصل قريبا جدا واللقاح الروسي نجح بامتحان المرحلة الثالثة و قدم لنا ملفا كاملا نحن الآن في صدد درسه، وسنبدي رأينا به الجمعة المقبل"، مشيرا إلى أن "هذه الدراسة موجودة في احدى اهم المجلات العلمية "لانست" وبالتالي يستطيع الأطباء الاطلاع عليها". ورأى أن "هذا الموضوع يتيح لنا خيارات أخرى، لأننا نصر على ادخال اللقاح الذي اثبت جدواه وسلامته من خلال دراسات علمية مدروسة، لا من خلال أخبار متواترة". وقال: "لدينا خيارات عدة متاحة وسنحاول أن نعطي اللبنانيين أفضل اللقاحات بأفضل السبل والطرق".
وعن استيراد القطاع الخاص اللقاح، قال: "هناك شقان، الأول ان معظم الشركات الدولية الكبرى التي تصنع اللقاح لا تريد ان تتعامل مع القطاع الخاص، بل تود ان تتعامل مع الدولة مباشرة او من خلال المنصة الدولية كالكوفكس ولبنان تعامل مع الفايزر والاسترازنكا والكوفكس مباشرة. اما بعض الطلبات التي ترد من أصحاب مستودعات الادوية عن لقاحات غير مدروسة حتى الآن، فسندرسها ونطلب كل الملفات العلمية المتعلقة بها وسوف نقاربها بانفتاح شديد، لكن نصر على ان يكون لدينا معلومات علمية كافية ووافية لأننا نريد ان نعطي اللبنانيين افضل اللقاحات".
وتابع: "إننا موعودون ب 6,3 ملايين لقاح من خلال اتفاقيات مباشرة او من خلال الكوفاكس ونحن بحاجة الى 3 او 4 ملايين لقاح آخرين، وهناك رغبة لدى عدد من القطاعات المجتمعية والمهنية الجامعية ان تكون شريكا معنا في هذه المبادرة، نرحب بها ونسهل لها الأمور كي تستطيع الإتيان بلقاحات نوافق عليها وندخلها تحت مظلة المبادرة الوطنية. وأعتقد أنه في حال تحققت كل تطلعاتنا بالإتيان بعدد أكبر من اللقاحات وسرعنا في عملية التلقيح كان هناك تجاوب مجتمعي واعلامي في المساعدة بعملية التلقيح، إن شاء الله ستكون سنة 2021 هي آخر السنوات التي نعاني فيها بهذه الطريقة من هذا الوباء الخطير".
وقال: "إن العديد من اللقاحات المتوفرة لدينا أثبتت فاعليتها ضد السلالات الجديدة أو الفيروسات المتحورة من فيروس كورونا، لكن الأهم من ذلك ان الفيروس يتحور إذا سمح له بالانتشار داخل المجتمع من دون حسيب أو رقيب، لذلك علينا أن نمنع انتشاره، وفقا لخطتين: الاولى أن يتبع المواطن الارشادات والتعليمات بالتباعد الاجتماعي والحماية الفردية و الجماعية، والثانية الاسراع في تلقي اللقاح وإقبال المواطنين عليه، عندئذ نستطيع ان نرتاح من الفيروسات ومن المتغيرات الجديدة لها. كل الشركات التي تصنع اللقاح تدرس فعالية لقاحاتها ضد المتغيرات الجديدة ونحن نتابع هذا الموضوع عن كسب لكي نقدم للبنانيين افضل ما يستحقونه".
وتابع: "ثبت ظهور السلالات الجديدة للفيروس لكن لا يمكننا معرفة النسبة لأن اللبنانيين منتشرون في كل العالم، وبالتالي الفيروسات التي تدخل لبنان تأتي من مصادر عدة، يمكننا محاربتها بالوقاية باتباع نفس الارشادات الخاصة بكورونا".
وعن فيروس النيباه، قال:"انه موجود منذ 30 او40 عاما و مرتبط وجوده بالخفافيش والخنازير، ينتقل من الحيوان الى الانسان او كما يقال في الدراسات من خلال عصير التمور و الفواكه التي تتلوث من الخفافيش وهو موجود في العديد من الدول الآسيوية البعيدة عنا، لكن لا أعتقد أن هذا الفيروس على قاب قوسين او ادنى من الانتشار ومنظمة الصحة العالمية حذرت منه منذ أعوام".
اللقاح سيكون متوافرا منتصف الشهر الحالي، ولكن لا غنى عن الكمامة والمسافة الآمنة والتعقيم. فيروس قاتل لكن بالتلقيح وباستمرار اتباع الإجراءات الوقائية ننتصر عليه بإذن الله.