كشفت عالمة بريطانية، أن هناك العديد من الأسباب التي تساعد على انتشار فيروس "كورونا" المستجد بشكل مخيف، أهمها أنه من الفيروسات التي تطور نفسها بشكل مستمر، ما يصعب على الباحثين اختراع لقاح سريع وفعال، بالإضافة إلى أن الجهاز المناعي يحتاج إلى مدة طويلة حتى يستطيع تكوين خلايا مضادة لـ"كورونا".
جاء ذلك في مقال نشر بصحيفة "الجارديان" للباحثة في علم المناعة الفيروسية بجامعة برمنجهام "زانيا ستاماتاكي"، والذي حمل عنوان: "لماذا ينجح فيروس كورونا بشكل مخيف؟".
وطرحت الباحثة في مقالها مجموعة من الأسئلة حاولت الإجابة عليها في مقالها، مثل:
ما الذي يجعل الفيروس مميتًا أو مجرد مسبب للإزعاج؟
ما الذي يحدد ما إذا كان الفيروس ينتشر بسرعة ليصبح جائحة مثل سارس؟
ماذا يعني "النجاح" من حيث درجة الفيروسية؟
هل يمكن أن يكون الوباء القادم أسوأ من ذلك الذي نعيشه؟
ولكي تتم الإجابة على تلك التساؤلات، قالت إن الفيروسات بشكل عام تتطور للتغلب على الجهاز المناعي للإنسان، وهناك قواعد عامة يتبعها الفيروس حتى يمضي قدما ويستطيع العيش واختراق أجهزة الإنسان، وعلى رأس تلك القواعد هي التخفي حتى يستطيع الولوج إلى خلايا الإنسان أو ما يسمى علميا "الخلايا المضيفة".
وبعد الوصول إلى تلك الخلايا يسعى الفيروس إلى فك شفرة معلوماتها الجينية لإنتاج مكونات لجزيئات فيروسية جديدة، ثم تجميع تلك الجزيئات وإطلاق فيروسات جديدة لإصابة المزيد من الخلايا، ما يتسبب في تلف الأنسجة وفشل العمليات التي يقوم بها عضو الإنسان المصاب بالفيروس، وفق الباحثة.
ولفتت إلى أننا نستخلص من ذلك أن الفيروسات التاجية تعمل بطريقة الجاسوس الذي يتسلل متخفيا إلى أراضي العدو، وهذه النوعية من الفيروسات ماهرة في تمرير مادتها الجينية من خلية إلى أخرى دون تنبيه الاستجابة المناعية للمضيف، وغالبًا ما تقع الفيروسات المسؤولة عن التهابات الجهاز التنفسي الخفيفة إلى المتوسطة في هذه الفئة، وهي تشمل الفيروس التنفسي، والفيروسات الغددية، وفيروسات الإنفلونزا البشرية، وفيروسات الأنف، والفيروسات التاجية البشرية.
فبحسب الباحثة، تقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة أن البالغين يتعرضون إلى 2 أو 3 نزلات برد في السنة، وهو معدل يزيد لدى الأطفال، لكن نزلات البرد لا تشكل تهديدًا يذكر للأشخاص الذين لديهم أجهزة مناعة صحية، فكما نعلم الآن جيدًا أن "كوفيد" هو أكثر خطورة من "سارس"، لأنه يمكن أن يسبب متلازمة تنفسية حادة في بعض المرضى، ما قد يؤدي إلى معدل وفيات يصل إلى 7%.
وأكملت الباحثة البريطانية أنه كما يجب أن يكون الجاسوس الناجح ماهرا في التنكر، فنفس الأمر ينطبق على الفيروسات، فإذا أرادوا التهرب من التعرف عليهم بواسطة الخلايا المناعية، فيجب عليهم تغيير طبقة البروتين الخاصة بهم بشكل متكرر، ويتم ذلك عن طريق تعديلات طفيفة في مادتهم الجينية تسمى الطفرات، وللأسف فإن فيروسات الإنفلونزا التي تستخدم حمض الريبونويليك سريع التطور (RNA) كمادة جينية، خبراء في هذه اللعبة.
وختمت مشيرة إلى أن الفيروسات التاجية تمتلك RNA كبيرة جدًا ومن السهل رصدها، وهذا يعني أن هناك المزيد من الفرص لحدوث طفرات خاطئة، كما أنها تتغير بسرعة أقل بكثير من تغير الإنفلونزا، وهذه أخبار جيدة لنا ولتطوير اللقاحات، لكننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من المعلومات لتحديد المدة التي قد يكون فيها اللقاح فعالًا.