(إيهاب شوقي\ كورونا نيوز)
في بلد يشتهر بأنّه "أمّ الدّنيا" بسبب تنوّعه وتنوّع المزايا وكذلك الغرائب به، أصبحت قضية التّعاطي مع فيروس كوفيد-19 مثيرة للعجب حقاً، من حيث فلسفة المصريين في التّعامل مع الجائحة.
وبالطّبع ليس المصريون كتلة واحدة وإنّما شرائح متباينة، ولكن الحديث هنا عن السواد الأعظم أو ما يُطلق عليه عرفاً "الشّعب"، وهو ما تميّز بالتعاطي النادر مع الجائحة يمكن أن تتشابه معها ممارسات في كافّة الشعوب العربية باعتبار الأخوة ووحدة الثّقافة وتشابُه الوعي.
ومن أبرز هذه العجائب في مصر يمكن رصد بعض من هذه الظواهر:
1- الانتقادات الموجّهة للملتزمين بالإجراءات الاحترازية، وكأنّها نوع من التكلّف أو المُبالغة، أو الحرص الزائد المذموم على النّفس!
2- الالتزام الإجباري فقط بوضع الكمامات لدى المصالح الحكومية أو البنوك أو الهيئات التي تشترط الدخول بالكمامات، ثمّ خلعها فوراً بعد قضاء المصلحة، مع تنفّس الصّعداء مرفقة بنفخة معناها الخلاص من همٍّ كبير، دون مبالاة بمصير هذه النّفخة ووصولها لأوجه الآخرين!
3- تعامل سائقي الباصات مع الكمّامات بمنطق الخوف من الغرامة المفروضة على عدم ارتدائها، وبالتالي ارتدائها قرب الوصول للجان التفتيش، ثمّ المبادرة بخلعها فوراً بعد مغادرة اللّجان!
4- ارتداء الكمامات بشكلٍ عبثي وخاطئ وكأنّه أداء للواجب فقط، حيث يرتديها الكثيرون على الفم فقط، مع ترك الأنف مكشوفاً، وهو ما تشترك به فئات متفاوتة، منها بعض المسؤولين!
5- التّعامل مع بيانات وزارة الصحة الرسمية بشكلٍ متناقض، فبينما يراه الكثيرون بياناً كاذباً لا يعبّر عن الأعداد الحقيقية، إلّا أنّهم يحرصون على متابعته يومياً ووضعه كمؤشّر للقلق أو الطمأنينة على الوضع الوبائي.
6- هناك ظاهرة أخرى لا زالت موجودة رغم خفوت حدّتها عن الأشهر الماضية، وهي أنّ البعض لا يزال يرفض الاعتراف بوجود جائحة أو فيروس ويرى أنّ الأمر كذبة كبرى!
7- الأحدث في سلسلة الغرائب، هو خوف المصريين من اللّقاحات، والتّعاطي بجدية شديدة مع نظريات المؤامرة المحيطة بها، وأنّها تغيّر من الجينات أو تحتوي على شرائح التّحكم عن بعد، أو أنّ هناك مواد بها تُحدث الموت البطيء بحيث لا يتخطّى متلقّي اللّقاح بضعة سنوات على قيد الحياة، وهو ما نتج عنه إحجام عن تسجيل طلبات الحصول على اللقاح، رغم قلّة عدد اللّقاحات المُتاحة لمصر!
رغم هذه الغرائب، والتي لاشكّ أنّها لا تقتصر على المصريين، وإنّما لها نظائر في كافّة دول العالم وخاصة العربي، إلّا أنّها ربّما ساعدت الشعب على العبور من أزمة كبرى لا تتحمّلها شعوبنا التي لا تحتمل الإغلاق الكامل، وربّما ساعدت الحالة المعنوية الخالية من الهلع على رفع المناعة وتحجيم الكارثة، وربما حدث نوع من أنواع مناعة القطيع التي خفّفت من آثار وحدة المرض.
هذا ليس دفاعاً بالطّبع عن الإهمال أو اللامبالاة، وإنّما رصد للُطف الله بعبادِه المستضعفين.