لم يثن العدوان الإسرائيلي عمّال جنوب لبنان عن مواصلة جهاد العمل. شأنهم شأن مجاهدي الميدان، أبوا الا أن يكافحوا ويقاتلوا بقوت يومهم وعلى طريقتهم. في عيد العمال هذا العام، عمال في قرى المواجهة الحدودية فقدوا أعمالهم بسبب قصف العدو المتواصل الذي دمّر البيوت والمنشآت وحرق المواسم الزراعية بالقذائف الفسفورية.. كل ذلك لم يحبط أصحاب العمل والعمال ممن لا يألفون البطالة والاعتماد على برامج الإغاثة، من الكفاح حتى الرمق الأخير كي يؤمّنوا قوت عيالهم سعيًا إلى تعزيز صمودهم في أماكن النزوح عبر تأسيسهم لموارد رزق بديلة، بعضهم افتتح محال وأنشطة تجارية في البلدات والمدن، ومنهم من ارتضى أن يكون عاملاً يوميًا بعدما كان رب عمل.
"الحاجة أم الإختراع"، هذا الواقع حتّم على أصحاب المهن الأخرى أن يبتكروا أعمالاً بطرق بسيطة، إذ أن أحد العمال كان يملك "كاراج" تصليح سيارات بات يعمل كـ"ميكانيكي ديليفري" في صور. ومثله، فعل آخر كان يملك محلاً لصيانة الإطارات في عيتا الشعب وتحول إلى "بنشرجي ديليفري". صاحبة صالون لتزيين الشعر تستقبل زبائنها في منزلها الجديد في العباسية. صاحب محل للفروج فتح فرع آخر في صور، وكذلك فعل لحّام.
قلة من تصدى لملف النازحين ومد يد العون لعمال الجنوب، سُجّلت مبادرات من بلديات وجمعيات محلية لتأمين رواتب شهرية وأدوية وكلفة طبابة بدعم من مغتربين جنوبيين، فيما كان أكبر التقديمات من قبل "جمعية العمل البلدي" على صعيد تأمين الكهرباء والمياه والاستشفاء في بلدات الصمود. ولكن ما لم يكن متوقعًا تحقيقه في ظل حياد المجتمع الدولي، حققه وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، إذ تمّكن من إدراج بند خلال اجتماع وزراء العمل العرب في بغداد، يقضي بتخصيص هبة ماليّة لعمّال لبنان وخصوصاً في الجنوب الذين تهجّروا ودُمِّرَت ممتلكاتهم من مصانع ومحال ومنشآت مختلفة بفعل القصف الصهيونيّ، حيث تمّت الموافقة على البند بالإجماع وأدرج في البيان الختاميّ الذي صدر الثلاثاء.
واشار بيرم الى أن "الإقتراح اعتمد تقديم مساعدة أو هبة تشغيلية للعمال وأصحاب العمل الذين تضررت منشآتهم وأعمالهم في الجنوب اللبناني، بإجماع الدول العربية كلها". وفي حديث خاص وصف بيرم إقرار المساعدة بالإنجاز، موضحًا أن "هذا البند لم يكن على جدول أعمال المؤتمر، وإنما أنا من طالبت بذلك، بحكم إنتخابي كرئيس فريق عمل الحكومات لـ 21 دولة عربية، وبصفتي أنني كنت أدير الجلسة، اقترحت هذه المسألة وتمت الإستجابة".
بدوره، أشار فراس زعيتر، مستشار الوزير بيرم، الى أن "البند صار من ضمن الموازنة بإنتظار الإجراءات التنفيذية"، لافتًا الى أن "المبلغ لم يحدد من قبل اللجنة المالية في المنظمة"، موضحًا أن "البند أقر خلال مناقشة دعم عمال قطاع غزة المتضررين من العدوان الإسرائيلي، وذلك انطلاقًا من أن جبهة جنوب لبنان هي جبهة مساندة لغزة"، وأضاف زعيتر أن "بيرم سيتابع لدى وصوله الى لبنان إجراءات تنفيذ البند مع اللجنة مباشرة".
مطلب بيرم الذي أدرج في البيان الختامي خلال اجتماع وزراء العمل العرب في العراق، عبارة عن مبادرة إنسانية عسى أن تفتح الباب أما الحكومة لتحصيل المزيد من الدعم والمساعدات للعمال المتضررين من العدوان الإسرائيلي الهمجي على الجنوب، وأن تتحرك منظمات العمل الدولية للقيام بواجبها اتجاه هؤلاء العمال.