يعود شهر رمضان المبارك هذا العام في ظلّ استمرار جائحة كورونا (كوفيد-19)، وارتفاع أعداد الإصابات والوفيات في لبنان. ومع عودة ساعات الصيام الطويلة، يُطرح سؤال عن حكم الصوم كوقاية من المرض أو للمُصاب خلال فترة التّعافي. فما الحكم الشرعي للصيام في ظلّ انتشار الوباء؟
آية الله العظمى الإمام السيد على الخامنئي أفتى بوجوب الصيام خلال الشهر الفضيل، وأنّ تركه يكون بحالات خاصة. ويُشير سماحته إلى أنّ الصّوم بصفته تكليفاً إلهيّاً هو في الحقيقة نعمة خاصّة منّ الله عزّ وجل بها على عباده وهو من أسّس ركائز التّسامي والإرتقاء الرّوحي للإنسان وقد كان واجباً على الأمم السابقة أيضاً.
ويُضيف أنّ الصّوم من ضروريّات الدين وأركان شريعة الإسلام وترك صوم شهر رمضان المبارك ليس جائزاً سوى في حال ظنّ الفرد ظنّاً عقلانياً أنّ الصوم سيؤدّي إلى:
- بروز المرض
- أو تفاقم المرض
- أو ازدياد فترة المرض وتأخُّر التّعافي منه.
ويشرح الفتوى بالقول "يسقط الصّوم في هذه الحالات لكنّ قضاءه يبقى واجباً. من البديهي أنّ الإطمئنان يحصل عند وجود توصية من طبيب مختصّ ومتديّن. لذلك عندما تراود الإنسان مخاوف وهواجس فيما يخصّ الأمور التي ذُكرت سابقاً ويكون لهذه المخاوف منشأ عقلاني، يسقط الصّوم ويجب قضاؤه".
بدوره، أفتى آية الله العظمى السيد علي السيستاني بأنّ وجوب صيام شهر رمضان تكليف فردي، فكلّ شخص توفّرت فيه شروط الوجوب لزمه الصيام بغضّ النّظر عن وجوبه على الآخرين أو عدم وجوبه عليهم.
وفي ظلّ الجائحة يرى سماحته أنّه لو خاف المسلم من أن يُصاب بالكورونا إن صام ولو اتّخذ كافّة الإجراءات الإحتياطية سقط عنه وجوبه بالنسبة إلى كلّ يوم يخشى إن صامه أن يُصاب بالمرض ويلزمه قضاؤه. وإذا أمكنه تضعيف درجة احتمال الإصابة حتّى يُصبح ممّا لا يعتدّ به عند العقلاء ـ ولو من خلال البقاء في البيت وعدم الإختلاط بالآخرين عن قرب واستخدام الكمامة والكفوف الطبية ورعاية التّعقيم المستمر ونحو ذلك ـ ولم يكن عليه في ذلك حرج بالغ لا يتحمّل عادةً لم يسقط عنه وجوب الصيام.
وأمّا ما ذكر من أنّ بعض الأطباء يوصون بشرب الماء في فترات متقاربة تفادياً لقلة الماء في الجسم وجفاف الحلق - لأنّهما يرفعان من احتمال الإصابة بفيروس كورونا - فهو (إن صحّ عنهم) لا يمنع من وجوب الصوم إلّا بالنسبة إلى من بلغه ذلك فخاف من الإصابة بالمرض إن صام ولم يجد طريقاً لتقليل احتمالها بحيث لا يصدق معه الخوف ـ ولو بالبقاء في المنزل واتّخاذ سائر السبل الإحتياطية المتقدّمة ـ وأمّا غيره فلا بد من أن يصوم.
ويُتابع سماحته "أنّ وجوب الصيام في نهار شهر رمضان إنّما يسقط عمّن له عذر شرعي كالمريض ومن يخاف - لنصيحة طبية مثلاً - أن يُصاب بالمرض إن صام ولم يتيسّر له اتّخاذ الإجراء الإحتياطي المؤمِّن له عن الإصابة، وإلّا لزمه ذلك ولم يجز له ترك الصيام".