محمد كسرواني
مع بَداية انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) حول العالم، وضرورة تشخيصه وتحديد المُصابين، لم يكن متوفّراً سوى فحص الـ PCR، الذي كان وما يزال الفحص الأدقّ في تشخيص فيروس "SARS-CoV-2".
في لبنان كانت المختبرات المجهّزة بأجهزة PCR وحائزة على خبرة في هذا المجال، تُعد على عدد الأصابع. مع تزايد عدد الحالات والفحوصات، كانت قدرة هذه المختبرات تتخطّى إمكانيّاتها البشرية والتّقنية وبذلك ظهرت الحاجة إلى تجهيز مختبرات جديدة تنتشر على كافّة الأراضي اللّبنانية.
وبالفعل أقدمت الكثير من المختبرات على شراء أجهزة الـ PCR و الـ automated extractors، وتدريب وتوظيف أعداد كبيرة من العاملين في المجال الطبّي والمخبري. كذلك كانت الحاجة لمبرمجين وتقنيين يعملون في مجال المعلوماتية للإسراع في إدخال داتا المرضى وإرسال نتائج الفحوصات بسرعة ودقّة، والتّقليل من الأخطاء البشرية. كما شملت مهام المختبرات إرسال الرّسائل النصية على هواتف الأفراد الذين أجروا الفحص وإرسال كلّ الداتا يومياً إلى مركز التّرصد الوبائي لمتابعة الحالات وعزلها وإعداد جداول الإحصاءات يومياً.
اليوم .. وقد بدأ الوباء بالإنحسار تدريجياً، ماذا ستفعل المختبرات بكلّ هذه التّجهيزات (ومنها ما مكلفٌ جداً ودُفع سعره بالدولار وفق السعر في السوق السوداء) والطاقم الطبي؟ مديرة مختبر الهادي الطبّي والأخصائية في الطبّ المخبري والجزيئي الدكتورة يمنى مراد تجيب موقع "كورونا نيوز".
تقول الدكتورة مراد إنّه "ممّا لا شكّ فيه إنّنا أصبحنا على جهوزية تامّة لمواجهة أي وباء جديد لا سمح الله، و لكن مثل هذه الأوبئة لا تأتي إلّا بعد مئات السنين". وتُضيف أنّ فحص الـ PCR هو تقنية يُمكن استخدامها لتشخيص العديد من الأمراض وليس فقط فيروس كورونا، منها:
1- تشخيص الأمراض الجرثومية كافّة (من فيروسات وبكتيريا وفطريات وطفيليات) إضافة إلى أمراض السلّ والسّحايا والإلتهابات الرئوية والملاريا وغيرها ...
إنّ العيّنة التي تصلح لفحص PCR ليست حكراً على الأنف والبلعوم بل من أي مكان من جسم الإنسان (من الدم أو نقي العظم أو الجلد أو الشعر أو البول وغيرها ...). وهذا الحقل هو متمّم لقسم العلوم الجرثومية ( clinical microbiology) ويُعطي تشخيصاً أدقّ و أسرع من الزّرع التّقليدي.
2- يُمكن استخدام فحص الـ PCR لتشخيص الأمراض الجينية (مثل حمى البحر المتوسط، التلاسيميا، والتّجلّطات وغيرها ...)
3- ومن أهمية تقنية الـ PCR أنّها تُساعد في تشخيص الأمراض السّرطانية و تحديد علاجاتها (من أمراض الدّم كاللوكيميا إلى سرطان الكولون و الثدي و غيرها...)
وتؤكّد الدكتور مراد في حديثها لـ "كورونا نيوز" أنّ عالم مختبر الجزيئيات هو عالم واسع جداً ويحتاج دراسة عميقة وخبرة واسعة. وأنّ إجراء كلّ هذه الفحوصات يحتاج إلى خبرة واسعة تتخطّى تلك الخبرة التي اكتسبتها معظم المختبرات الجديدة في فحوصات الكورونا.
أمّا عن الموظّفين الجُدد الذين استقدموا إلى المختبرات خلال ذروة الجائحة وعددها بالمئات تلفت مديرة مختبر الهادي الطبّي إلى أنّ الأعداد الفائضة في المستشفيات في قسم الكورونا سيتمّ نقلها إلى أقسام أُخرى أو إلى المختبرات الخاصّة، ومع بقاء وجود الفائض سيتمّ الإستغناء عن الجزء الأكبر.