إيهاب شوقي (كاتب وصحافي مصري)
لا شك ان السيناريوهات الثلاثة التي حددها علماء مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية التابع لجامعة مينيسوتا، والذين توقعوا خلالها استمرار الجائحة لما بعد موجتها الأولى لفترة تتراوح بين 18 و24 شهرًا، كلها تتطلب استعدادات استثنائية، كما تطرح اسئلة وجودية.
والسيناريوهات باختصار كما ورد بتقرير شبكة "سي إن بي سي" كانت:
1- ستستمر الموجة الأولى من الفيروس خلال ربيع عام 2020 وستتبعها "سلسلة من الموجات الأصغر المتكررة" التي ستقع طوال فصل الصيف، ثم يبدأ الفيروس بالاختفاء تدريجياً "في وقت ما في عام 2021".
2- ستمتد الموجة الأولى خلال الربيع تليها موجة أكبر في خريف أو شتاء عام 2020. وستأتي موجة واحدة أو أكثر بعد ذلك في عام 2021.
3- ستتبع الموجة الأولى "تزايد بطيء" للعدوى الحالية ولكن بدون نمط واضح للموجات. قد يختلف النمط جغرافيًا وقد يتأثر بدرجة تدابير الإغلاق المعمول بها في مناطق مختلفة.
وقد اورد محللون من مختلف المشارب تحليلات مختلفة تعقيبا على هذه السيناريوهات، ولكن قد تتحكم خلفيات جهات التحليل في نتائج التحليلات، حيث يمكن تسييسها وفقا لمتطلبات الاقتصاد او النوازع الشخصية للمحللين وميولهم او التطوع الذاتي للتبشير او التحذير.
لكن هناك اشياء مجردة يمكن استنتاجها من هذه السيناريوهات يمكن رصدها كما يلي:
اولا: لا يوجد اتفاق علمي على تحليل انتشار الوباء وموجاته وابعاده، وهو امر يمكن تفهمه لوباء مستجد، مع عدم اغفال توجيه اللوم للمجتمعات العلمية ومراكز الابحاث على هذا الضعف والارتباك في مواجهة فيروس له عائلة معروفة وتطورات محتملة منذ فترة، وخاصة مع التقدم العلمي الرهيب والامكانات المتاحة لمراكز الابحاث.
ثانيا: جميع السيناريوهات تصب في محصلة واحدة مفادها استمرار الجائحة على الاقل حتى نهاية هذا العام وبدايات العام القادم دون تبشير بلقاح يمكنه مواجهة تفشي الوباء.
وهو ما يطرح سؤالا هاما حول مدى استعداد العالم لتحمل وضع استثنائي بهذه المدة بعد التداعيات التي نجمت عن الشهور القليلة الماضية!
وهل سيتم استمرار الاغلاق واعتماد اجراءات العزل، ام ستتم الموازنة بين الاقتصاد والحجر، ام سيتم تغليب الاقتصاد وترك البشر لمناعتهم واعتماد قانون الانتخاب الطبيعي والذي مفاده البقاء للأقوى؟!
وفي دولنا التي تعاني من التردي الاقتصادي، هل ستفلت الامور من ايدي السلطات وتفرض موازنة الناس بين احتياجاتها الاقتصادية الملحة وانتقال العدوى المحتمل، نفسها على الساحة، لنرى انفلاتا شعبيا يحطم كل القواعد الاحترازية؟
الوضع الراهن يشي بأن الوقت ليس في صالح الاحتراز واجراءات الحجر، وان الامور تتجه لتجاهل شعبي للوباء والعودة لاستئناف الحياة بشكلها الطبيعي عملا بمثل شعبي مصري شهير يقول "وقوع البلا ولا انتظاره"، اي ان حلول البلاء اهون من حالة الخوف والترقب لحدوثه.
هناك سباق فعلي بين حل طبي علمي وقانون انتخاب طبيعي، ولا عزاء لاموال اهدرت في سباق التسلح دون تركيزها في خدمة البشرية وتقدمها الطبي بشكل يوازي تقدم اسلحة الفتك واجهزة التجسس والذكاء الاصطناعي!