خاص كورونا نيوز
بعد الإنخفاض البارز بعدّاد إصابات ووفيّات كورونا الجديدة في لبنان مؤخّراً، تتّجه الأنظار إلى حملة التّلقيح التي تقوم بها وزارة الصحّة العامّة وما رافقها من تسهيل لعملية أخذ اللّقاح عبر "الماراثونات" التي شهدت إقبالاً كثيفاً من قبل المواطنين. فكم بلغت نسبة التّلقيح؟ وما المطلوب في هذه المرحلة وسط المؤشّرات الوبائية الإيجابية؟
رئيس اللّجنة الوطنية للّقاحات كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري لفت في حديثه لموقع "كورونا نيوز" إلى أنّه تمّ إعطاء 1،100،000 جرعة لقاح تقريباً، موضحاً أنّ حوالي 750،000 مواطن تلقّوا جرعة واحدة من اللّقاح، و350،000 تلقوا الجرعتين.
وقال: "إذا أخذنا بالحسبان أنّ عدد سكّان لبنان تقريباً يبلغ 6,8 مليون - بحسب الإحصاء الرسمي-، فيكون حوالي 15.5 % تلقوا اللّقاح، ولكنّنا نعتقد أنّ هذا الرّقم غير دقيق"، مضيفاً: "سيتمّ مراجعة هذا الرّقم في دوائر الإحصاء في الدولة اللبنانية بالتّعاون مع المؤسّسات الدّولية، وباعتقادي فإنّ الرّقم الأصح قد يكون 5.8 مليون، وبذلك ترتفع نسبة الملقْحين لتصبح 21 %".
وتابع البزري: "لكن وفقاً للرّقم الرّسمي الموجود، فإنّ لبنان بلغ حتّى اليوم نسبة تخطّت الـ 25% من المناعة المجتمعية، سواء عبر اللّقاح أو عبر الإصابة بالفيروس، في حال اعتبرنا أنّ 10 % أصيبوا بالكورونا وتكوّنت لديهم المناعة الطبيعية".
البزري أردف أنّه "إذا نظرنا إلى تجارب الدّول واطّلعنا على الدّراسات، سيتبيّن لنا أنّ وراء كلّ حالة كورونا معروفة حالات ليست معلومة، ممّا يعني أنّه لدينا أضعاف أعداد الإصابات الرّسمية المسجّلة"، مؤكّداً أنّ هذا الأمر يدلّ على أنّ المناعة المجتمعية بدأت في الإرتفاع في لبنان. واعتبر أنّ زيادة نسبة التّلقيح وإرتفاع منسوب المناعة المجتمعية ساهما بإنخفاض أعداد الإصابات والوفيّات بالفيروس.
وفي السياق، نوّه البزري بانتقال لبنان بحسب منظّمة الصحّة العالمية، إلى المرحلة الثانية من التّفشي الوبائي بعد أن كان في المرحلة الرابعة، وإلى المرحلة الأولى في بعض المؤشّرات، مشيداً بقرار إدراج الإتحاد الأوروبي للبنان على القائمة البيضاء التي يُسمح للمقيمين فيها بالسّفر غير الضروري إلى الدول الأعضاء.
وشدّد البزري على أنّ هذا الإنتقال التّدريجي للبنان من المرحلة الرابعة مروراً بالثّالثة، ومنها إلى الثانية، وهو الآن بدأ يلامس المرحلة الأولى ما هو إلّا دليل على قدرته على التّعافي التّدريجي من وباء الكورونا، وفي هذا دعوة إلى الجميع للإستمرار في الحيطة والحذر وعدم التّفريط بالمكاسب التي تحقّقت، خصوصاً أنّ الكورونا سيظلّ يمثّل تهديداً كبيراً في المستقبل القريب لسببين.
السّبب الأوّل المقلق أنّ المدارس والجامعات قد تلعب دوراً مهماً في انتشار العدوى، ونحن مقبلون على العودة إلى التعليم الحضوري وبَدء العام الدراسي الشبيه بالطّبيعي في الخريف المُقبل. والثاني، وفقاً للبزري، هو تفلّت المواطنين في فصل الصيف، حيث تكثر السّهرات والتّجمعات والمناسبات. وهنا، أصرّ البزري على ضرورة اتّخاذ الإجراءات الوقائية بانتظار تحقيق مناعة مجتمعية أكبر وتطوّر مفهوم العدوى من هذا الوباء، -كي لا نواجه موجة جديدة كالتي واجهناها في الأعياد الماضية-، وأبرزها المحافظة على التّباعد الاجتماعي في التّجمعات.
البزري وصف لبنان كالمريض الذي بات في مرحلة التّعافي التّدريجي، معتبراً أنّه إذا اتّبع إجراءات الوقاية سيصل إلى الشّفاء التّام، أمّا إذا استهتر بصحته في هذه المرحلة، فصحّته ستعود إلى التدهور مجدداً.
وأكّد أنّنا في مرحلة جيدة جداً، مشيراً إلى أنّ حملة اللّقاح الناجحة بدأت تُعطي ثمارها ومن واجبنا أن نحافظ على نتائجها، بل علينا أن نطوّرها ونحافظ على المكاسب التي حقّقتها عبر الإلتزام ببعض الإجراءات الوقائية. فنحن في مرحلة مفصلية حيث أنّ العلامات والمؤشّرات الوبائية إيجابية وهذا يدعونا أكثر للإستمرار بالوقاية مع زيادة نسبة التّلقيح.
وأشار رئيس اللّجنة الوطنية للّقاح كورونا إلى أنّ النّجاح الذي تحقّق في السّيطرة على الإنتشار المجتمعي لوباء فيروس الكوفيد-19 قد أوجد فسحة أمل للّبنانيين من أجل إستعادة جزء كبير من دورتهم المعيشية والإقتصادية خصوصاً في موسم فصل الصيف السياحي الهام لإقتصاد البلاد، مشدّداً في المقابل على الحذر وعدم السعي وراء تعويض الخسائر المالية على حساب الحفاظ على الصحة عبر التفلّت من كلّ الإجراءات بذريعة الوضع الإقتصادي.
وأضاف: "للأسف فإنّ خطر فقدان المحروقات، والتّغذية الكهربائية والمائية، وإنقطاع الإتصالات، والغلاء الفاحش، هي عوامل تُهدّد بخسارة المكاسب التي تحقّقت، وتضع اللّبنانيين وأمنهم المعيشي والصحّي في خطر داهم، وتهدّد موسم الإصطياف والسياحة الواعد أكثر من الفيروس".