إيهاب شوقي
يبدو أنّ مفهوم "التّعايش مع كورونا" أصبح مرادفاً للتأقلم مع الحياة وضرورة قبولها بحلوّها ومرّها، حيث أصبحت الجائحة أمراً واقعاً جديداً، ويبدو أنّها معركة وجوديّة بين البشر وهذا الفيروس بغض الطّرف عن أسبابه وكلّ النّظريات التي حاولت تفسير نشأتَه.
نحن حالياً في واقع يُفيد بأنّ فيروس كورونا بات بمتحوّراته جزءاً من الحياة، وهذه الحياة لا بدّ وأن تتأقلم مع واقعها الجديد، وأنّ هناك أطروحات مختلفة لهذا التأقلم، قد يصحّ بعضها وقد يُخطئ، وقد تكمن النّوايا الطّيبة وراء بعضها وقد يكمن الاستغلال والتآمر وراء الأخرى، إلّا أنّ الثابت هو ضرورة تغيير نمط الحياة السابق للجائحة.
ولتوضيح أكبر لهذه المُقاربة، يجدر بنا إلقاء الضّوء على بعض المستجدّات والتّصريحات، لعلّها تُفيد في استيعاب الواقع الجديد ثمّ نتبعها ببعض الملاحظات:
في أوروبا، أعلن مسؤول في منظّمة الصحّة العالميّة، أنّ أوروبا أصبحت مركزاً لتفشي جائحة كورونا، مشيراً إلى أنّ المتحوّر "دلتا" أصبح المتحوّر السّائد في أوروبا، موضحاً أنّه "لا يزال هناك الكثير ممّا لا نعرفه عن المتحوّر أوميكرون، ولكن لا سبب لدينا للاعتقاد بأنّ فترة حضانة أوميكرون تختلف عن أي متحوّرات أخرى لفيروس كورونا"، مشدّداً على أنّه "من الضّروري أن يستمر الناس في ارتداء الكمامة والالتزام بقواعد التّباعد والنّظافة الشّخصية حتّى عند تلقّي التّطعيم".
وأعلن المسؤول أنّه "تمّ رصد أكثر من 40 تحوّراً مرتبطاً بسلالة أوميكرون"، لافتاً إلى أنّه "لا دليل على تراجع فاعلية اللّقاحات بسبب المتحوّر أوميكرون، ونعتقد أنْ لا حاجة لتطوير لقاح جديد".
وفي أمريكا، اعتبر مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسيّة والأمراض المعدية، أنتوني فاوتشي أنّه من السّابق لأوانه معرفة ما إذا كان متحوّر "أوميكرون" من فيروس كورونا سيؤدي إلى مرض شديد"، وأضاف فاوتشي: "إذا لم تتلقّ التّطعيم فاحصل عليه. وإذا كنت قد حصلت عليه، فخذ جرعة تنشيطية".
في روسيا، حثّ عالم الأوبئة، العضو في الأكاديمية الروسية للعلوم، غينادي أونيشينكو، على عدم الذّعر بسبب سلالة كورونا الجديدة "أوميكرون"، ورأى عالم الأوبئة الروسي عدم وجود أسباب للذّعر من جرّاء ظهور سلالة كورونا الجديدة "أوميكرون"، لعدم وجود بيانات حول خطورتها الاستثنائيّة.
وقال أونيشينكو بها الشأن: "لا داعي للذّعر"، لافتاً إلى أنّه "وفقاً لمنظّمة الصحّة العالميّة، فإنّ أوميكرون أكثر عدوى، لكن هذا يحدث مع جميع المتغيّرات الجديدة للفيروس".
أمّا منظّمة الصحّة العالميّة، فقد قرّرت عقب اجتماع طارئ، تصنيف النّوع الجديد من فيروس كورونا المكتشف في جنوب إفريقيا على أنّه باعث على القلق.
واعتبر المدير العام لمنظّمة الصحّة العالميّة، تيدروس أدهنوم غيبريسوس، أنّ الإجراءات التي تتّخذها الدول رداً على بَدء انتشار سلالة "أوميكرون" لفيروس كورونا يجب أن تكون متكافئة مع خطورتها.
ودعا تيدروس، خلال مؤتمر صحفي، جميع الدول الأعضاء في المنظّمة "إلى اتّخاذ إجراءات عقلانية ومتكافئة مع الخطورة بالتوافق مع القواعد الطبية الصحية الدولية".
وهنا لنا عدّة ملاحظات:
1- تكاد تجمع التصريحات المختلفة على أنّ خطر المتحوّرات لا يدعو إلى الذّعر ولكنّها تجمع أيضاً على الدّعوة للّقاح دون ضمانات لكفايته، بل ينبغي معه التزام الإجراءات الاحترازيّة.
2- جميع التّصريحات لا تقدّم ضمانات باقتراب أو احتمال نهاية الجائحة من أساسه، كما لا تقدّم إجابات مؤكّدة حول حجم خطورة المتحوّرات.
3- تصريحات منظّمة الصحّة بصفتها جهة مسؤولة تشي بقلق من تحمّلها مسؤولية تدهور الاقتصاد العالمي، فهي لا تستطيع التّهوين من المتحورات كي لا تتحمّل مسؤولية طبية، ولا تستطيع التّهويل كي لا تتحمّل مسؤولية الإنهيار الاقتصادي الناجم عن الإغلاق.
نحن إذن أمام مأزق من عدم اليقين ومن تفشي الغموض والضبابيّة، ولا نملك كالعادة إلّا الدّعوة لأمرين:
الأوّل: عدم الإلزام باللّقاح وتركه خياراً ذاتيا.
الثانية: حتمية الإلتزام بالاجراءات الاحترازية وعدم التّهاون مطلقاً مع هذه الجائحة ومتحوّراتها الغامضة.