إيهاب شوقي
من الواضح أنّ عنوان "عدالة توزيع اللّقاحات" سيكون هو العنوان الأبرز للعام الجديد، بعد أن كثُر الحديث عن سوء عاقبة تخزين اللّقاحات والأنانيّة التي ميّزت سلوك الدّول الكبرى على حساب البلدان الأخرى، ممّا تسبّب في مزيد من انتشار الفايروس وانتقاله وعودته لهذه البلدان.
وقد استهلّ رئيس منظّمة الصحّة العالميّة العام الجديد بالتنبيه على ذلك، حيث نشر تصريحاً متفائلاً ولكنّه مشروطاً، وقال إنّ القضاء على الوباء بات ممكناً شريطة أن تعمل البلدان معاً لاحتوائه.
وحذّر الدّكتور تيدروس أدهانوم غيبريسو في كلمته في العام الجديد من "القومية الضيّقة وتخزين اللّقاحات"، وكرّر تحذيره من أنّ استمرار عدم المساواة في توزيع اللّقاحات يزيد من خطر تطوّر الفيروس.
وأوضح ملخّص فكرة منظّمة الصحة بأنّها: إذا أنهينا عدم المساواة، فإنّنا نقضي على الوباء.
يتزامن ذلك مع تقرير دولي هام أعدّه المجلس الأطلسي، حيث يصدر تقريراً سنوياً للتنبّؤ بالاتّجاهات والتّطورات العالمية بتكليف من مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي، حيث تمّ تكليف المجلس الأطلسي بتزويد القادة الأمريكيين بتحليل ورؤية بعيدة المدى.
وقد حدّد المجلس في تقريره أهم اثني عشر خطرًا وفرصًا في عام 2022 للعالم، وقد وضع التقرير كورونا على رأس المخاطر، حيث قال أنّ الإفتقار إلى لقاح COVID-19 في البلدان النامية يؤدي إلى ظهور أنواع جديدة من المحتمل أن تكون أكثر عدوى وفتاكة.
وقال التقرير أنّه، وعلى الرّغم من أنّ غالبيّة صغيرة من سكّان العالم قد حصلوا الآن على جرعة واحدة على الأقل من لقاح COVID-19، إلّا أنّ بعض المناطق مثل إفريقيا، على سبيل المثال، تلقى 12 بالمائة فقط من السكان جرعة واحدة اعتبارًا من ديسمبر.
وقد فشلت البلدان المتقدّمة إلى حدّ كبير في حماية نظيراتها الأضعف والأفقر، على سبيل المثال، قام التّحالف العالمي للقاحات COVAX بتوزيع 400 مليون جرعة فقط ، أي أقل بكثير من الهدف الأوّلي لعام 2021 البالغ 1.9 مليار.
وبالمعدّل الحالي، لن يتمّ تطعيم السكّان الأفارقة بشكلٍ كبير حتّى وقت ما في عام 2023 أو بعد ذلك، ممّا سيؤدي على الأرجح إلى انخفاض النمو الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي.
وأضاف التّقرير أنّه، وإلى جانب الانعكاس المُخزي على القيَم الإنسانية للغرب، فإنّ الأعداد الكبيرة من غير الملقّحين يُمكن أن تكون خطيرة للغاية بالنسبة للمواطنين الغربيين، حيث تمّ اكتشاف متغيّر دلتا لأوّل مرّة في الهند وهو أكثر عدوى بكثير من السّلالات السّابقة، وسرعان ما انتشر في جميع أنحاء العالم، ممّا أدّى إلى اكتظاظ المستشفيات في البلدان الغنيّة وحتّى اختراق دفاعات أولئك الذين تمّ تطعيمهم بالفعل.
ومتغيّر Omicron، الذي تمّ تحديده لأوّل مرّة في جنوب إفريقيا، يبدو الآن أكثر عدوى من دلتا، على الرّغم من أنّ شدّته لم يتمّ تحديدها بالكامل بعد.
وقال التقرير أنّه، كلّما طالت مدّة بقاء سكّان العالم غير محصّنين، زادت فرصة حدوث طفرات فيروسيّة تؤدّي إلى حدوث عدوى أكثر، وشدّة،أو المتحوّرات المراوغة للّقاح، وحتّى لو زادت تغطية العالم بالتّطعيم بشكلٍ كبير، فإنّ العديد من الخبراء يعتقدون أنّنا يجب أن نكون مستعدّين للتّعايش مع تهديد متحور من COVID-19.
يبدو أنّ تقديرات الموقف الاستخباراتيّة الأمريكيّة لها تأثير على تصريحات رئيس منظّمة الصحّة العالميّة بسبب التّطابق الظاهر بين تصريحاته وبين التّقرير، ويبدو أنّ عنوان العام الجديد على الصعيد الإعلامي الدّولي سيكون هو "عدالة توزيع اللّقاحات".