خاص كورونا نيوز - إيهاب شوقي
يبدو أنّ انزلاقات الاحتجاجات على التّطعيم الإجباري بدأت في الدخول لمنحنيات خطيرة، وبدت كرة الثّلج في التّدحرج بما يهدّد السّلم المجتمعي، وبما يشكّل ظاهرة قابلة للتّصدير والانتقال لبلاد مختلفة، وهو ما يتطلّب تدخّلاً سريعاً وحكيماً لاحتواء الخطر.
ومن المعلوم أنّ هناك مظاهرات في بلدان عدّة انتشرت في الشهور الأخيرة، وتكثّفت في الأسابيع الأخيرة، في عدد من البلاد الأوروبيّة وفي الولايات المتّحدة وانتقلت مؤخّراً لمنطقتنا وبشكلٍ محدّد إلى لبنان.
فقد احتشد المئات في العاصمة اللبنانية بيروت احتجاجاً على الإجراءات المفروضة على غير المحصّنين ضدّ كورونا، مؤكّدين أنّه يجب أن يكون للأفراد الحقّ في اختيار تلقّي اللّقاح ضدّ الفيروس من عدمه.
ورغم أنّ التّطعيم ضدّ كورونا في لبنان ليس إلزامياً، لكن في الفترة الأخيرة فرضت السّلطات إجراءات صارمة على الأشخاص الذين لم يتلقّوا اللّقاح أو الذين لم يقدّموا اختبار "بي سي آر" سلبي النتيجة.
وجاء الاحتجاج بعد أيّام من فرض السّلطات قيوداً جديدة، بما في ذلك شرط الحصول على شهادة التّطعيم أو اختبار "بي سي آر" سلبي النتيجة للدّخول إلى المطاعم والفنادق والأماكن المماثلة.
وهناك أسباب مُضافة للاحتجاجات اللبنانية تتعلّق بالأزمة الاقتصادية، حيث لا يستطيع الكثير من موظّفي الحكومة دفع تكاليف اختبارات "بي سي آر" المنتظمة، على خلفية انهيار العملة الوطنية بسبب الأزمة الاقتصادية الشديدة في لبنان.
ومحلّ الخطورة هنا، هو أنّ الاحتجاجات بدت سلميّة في بلاد كثيرة مثل فرنسا، لكنّها تحوّلت حالياً لأشكال أخرى تشي بالعنف وبالتّهديد بالقتل لمسؤولين، وهو ما يخشى انتقاله وتطوّره لبلدان أخرى بفعل تشابه التّطورات وقانون انتقال الظواهر.
ففي فرنسا، قال العديد من أعضاء البرلمان الفرنسي إنّهم تلقّوا تهديدات بالقتل أثناء مناقشة بطاقة كوفيد 19، التي من شأنها أن تمنع غير المطعّمين من ممارسة معظم أوجه الحياة العامّة.
وتسعى الحكومة الفرنسية لإصدار قانون يطالب الناس بإظهار دليل على التطعيم لدخول الأماكن العامّة ووسائل النّقل مع بعض الاستثناءات.
وفي البرلمان، ندّد وزير الصحة، أوليفييه فيران، بالتّهديدات بالقتل وما أسماه "أنانية" معارضي اللّقاح.
كما قال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، الأسبوع الماضي إنّ الشرطة ستعزّز الحماية للمسؤولين المنتخبين قبل التّصويت على بطاقات اللّقاح.
واتّهم معارضو حكومة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، السلطات بانتهاك الحريّات عن طريق فرض قيود كوفيد 19، ونُظّمت احتجاجات منتظمة ضدّ هذه القواعد.
وتقول التقارير، أنّه ومنذ أشهر تطلب فرنسا من الجماهير إظهار دليل على التّطعيم أو نتيجة مسحة سلبية لدخول العديد من الأماكن العامّة، لكن الحكومة الفرنسية قرّرت التخلّي عن خيار إظهار نتيجة اختبار سلبية استجابة للزيادات القياسية في الإصابات، مدفوعة بمتغيري أوميكرون ودلتا شديدة العدوى.
ويواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقادات شديدة بعد استخدامه كلمات وُصفت بالمُسيئة والمُثيرة للانقسام، إذ لجأ إلى استخدام تعبير عامي ليقول إنّه يريد تضييق الخناق على الأشخاص غير الحاصلين على لُقاح ضدّ فيروس كورونا.
وقال ماكرون في مقابلة لصحيفة "لو باريزيان": "أريد حقاً أن أنغّص عليهم حياتهم، وسنواصل ذلك حتى النهاية"، فيما قال معارضو ماكرون إنّ كلماته لا تليق برئيس دولة.
هنا ينبغي توخّي الحذر لتشابه بدايات الاحتجاجات وتشابه تطوّراتها، وهو ما ينبّئ بتطوّرات قد تصل لتهديدات وتخرج عن نطاق الاحتجاج السلمي، وهو ما يتطلّب علاجاً حكيماً ورصيناً وليست حلولاً سلطويّة أو أمنيّة.