لا يمنع اللقاح الإصابة بفيروس كورونا. حقيقة علمية أثبتتها العديد من الدراسات والتجارب الشخصية. لكن اللقاح يجعل الإصابة بهذا الفيروس خفيفة العوارض. لا يظهر على المُصاب المتلقي للقاح عوارض شديدة، واذا ظهر فهي لا تستدعي الدخول الى المستشفى. بعض الحالات استدعت ذلك جراء أمراض مزمنة وحالات خاصة. يروي مصابون بكورونا بعد تلقيهم اللقاح تجربتهم، فيؤكّدون أنهم لم يشعروا بكل ما قيل ويقال عن عوارض كورونا الشديدة. وعليه، ثمّة فارق كبير بين الإصابة بكورونا قبل وبعد تلقي اللقاح، ما يجعل العلماء وأهل الاختصاص يكرّرون أن لا حل للمواجهة سوى بأخذ اللقاح.
نسبة التلقيح في لبنان تسير نحو ارتفاع مستمر
رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ نسبة التلقيح في لبنان تسير نحو ارتفاع مستمر. وبما أننا انطلقنا من قاعدة سكانية أكبر من تلك الموجودة في لبنان، بات بإمكاننا القول إنّ 50 بالمئة على الأقل من سكان لبنان تلقُّوا اللقاح سواء الجرعة الأولى أو الثانية أو حتى الثالثة. وهنا يوضح البزري أنّ نسبة التلقيح بالجرعة الثالثة ترتفع يومًا بعد يوم، وخلال فترة وجيزة ستقارب الـ20 بالمئة وهي نسبة عالية. أما النسب الأخرى فتتحسن شيئًا فشيئًا، متمنيًا أن تسير نحو الأفضل، فاللقاح هو الخيار الوحيد أمامنا وهو الحل الوحيد الذي بإمكاننا تقديمه بعدما بات خيار إغلاق البلد خارج الحسابات، فيما إغلاق المدارس له تداعيات تربوية على الأطفال والنشء الجديد.
من المبكر الحديث عن جرعة رابعة
وفيما يتحدّث البعض عن جرعة رابعة، يرى البزري أنّه من المبكر الحديث عن جرعة رابعة رغم أنها واردة. وفق حساباته، الجرعة الرابعة تصبح مرتبطة بطبيعة الانسان، فمن لديه نقص في المناعة أو يعاني من أمراض تقلّل من تجاوبه مع اللقاح كما يجب، حينها من الممكن إعطاؤه جرعة معزّزة إضافية، ولكن حاليًا فلنركّز على من ينتظر دوره في اللقاح للجرعة الثانية والثالثة.
الجرعة الثالثة تحمي من الإصابة الشديدة لكنها لا تمنع المرض كليًا
وحول أهمية الجرعة الثالثة، يلفت البزري الى أنّ الدراسات كشفت في بريطانيا وأميركا أي في المناطق التي شهدت نسبة تلقيح عالية بالجرعة الثالثة أنّ اللقاح بشكل عام والجرعة الثالثة خصوصًا تحمي من الإصابة الشديدة. وهنا يشدّد البزري على أن لا شيء حتى الآن يقول إنّ اللقاح يحمي كليًا من الإصابة، ولكن ثمة فارق بين التعرض للإصابة كمرض بسيط أو دون أعراض والتعرض للإصابة بعوارض شديدة تعرّض حياة المصاب للخطر وتدخله الى المستشفى، كما تعرض "جيبته" للخطر خصوصا اذا تطلبت حالته الدخول الى العناية الفائقة نظرًا للتكاليف العالية. وفيما يشدّد البزري على أنّ اللقاح يحمينا من الإصابة الشديدة بنسية عالية جدًا، يقول لمن تلقى الجرعة الثالثة إنّه ليس "سوبرمان" محصّنًا كليًا ضد المرض.
مزج اللقاحات قد يعطي إضافة مناعية زائدة
ماذا عن مزج اللقاحات؟ يرى البزري أنّ مزج اللقاحات هو موجة جديدة في العالم وقد يكون لها إيجابيات، لافتًا الى أنّ كثرًا يشجعونها على اعتبار أنّ المزج باللقاحات يقدّم الفيروس الذي ستتعرّف عليه المناعة بطرق مختلفة ما قد يعطي إضافة مناعية زائدة، وهو الأمر الذي دفع دولًا كثيرة ومنها لبنان الى تشجيعه.
لدينا وفرة باللقاحات
ويُطمئن البزري أن وضعنا اللقاحي مريح نسبيًا، ولدينا وفرة باللقاحات، إذ تأتينا لقاحات كجزء أساسي عبر الاتفاق الحاصل بين لبنان والبنك الدولي، كما أنّ ثمّة دولًا صديقة تقدّم لنا أنواعًا مختلفة من اللقاحات يتم استعمالها، وحتى الآن ثمة وفرة لقاحية والكمية الموجودة جيدة.
وحول الوضع الكوروني في لبنان، يؤكّد البزري أن ثمة موجة جديدة تضرب العالم حاليًا ولبنان جزء منه مع فارق أنّ العالم في سباق بين الكورونا و"تمنيع" المجتمعات لتجاوز الأزمة، أما لبنان فلديه بالإضافة الى ذلك تحدي انهيار القطاع الاقتصادي الذي أدى الى انهيار القطاع الصحي. وهنا يوضح البزري أنه وفي كل دول العالم يحملون همّ إن كانت المستشفيات ستتسع للمزيد من المرضى، إلا في لبنان، نحمل هم ما اذا كنا قادرين على إدخال المريض الى المستشفى، وفي حال تسنّى له الدخول نحمل هم ما اذا كان قادرا على الدفع أو اذا كانت الأدوية والعلاجات متوفرة.
وفي الختام، يقول البزري: "في سياستنا وضعنا اللقاح اختيارا وليس جبرا، وعليه يجب أن يقتنع الناس بضرورة أخذه مع الإشارة الى أنّه كأي تدخل آخر له حسنات وسيئات، لكنه الوسيلة الوحيدة الممكنة لتجاوز المرحلة الصعبة والخروج من موجة الفيروس بأسرع وقت ممكن".