إيهاب شوقي
أصبح الحديث عن متحورات فايروس كوفيد-19 هو الحديث الغالب عند تناول الجائحة، بحيث طغى على حديث اللقاحات وفاعلياتها وعدالة توزيعها، بل وطغى حتى على حديث المؤامرة الذي لازم الجائحة منذ نشأتها.
ومؤخرا، رصد العلماء ظهور لمشتق جديد من المتحور "أوميكرون" في بعض الدول الأوروبية، من بينها الدنمارك، إلى جانب ظهوره في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أطلقوا على هذه النسخة اسم "بي إيه.2" كفرع من النسخة الأصلية لأوميكرون والمسماة علميا بـ"بي إيه.1".
وانتشرت نسخة "بي إيه.2" في الهند والدانمارك، كما تم رصد بضع حالات في فرنسا، ويرجح العلماء أن هذه النسخة تبدو "شديدة العدوى لكنها ليست أكثر ضررا"، وذكروا أن المتحورات المكتشفة يجب ألا تثير تساؤلات حول فعالية اللقاحات.
الأخطر من ذلك، هو أن العلماء قد أشاروا إلى أن المتحور الأحدث ينتشر بسرعة أكبر ولا يظهر في تحليل PCR ما جعل العلماء يطلقون عليه اسم "أوميكرون الخفي".
وقد رجح غابرييل ليونغ، عميد كلية الطب في "جامعة هونغ كونغ"، أن "مشتق متحور أوميكرون قد ينتشر بشكل أسرع من المتحور الأصلي، بنسبة 35%".
وكان العلماء قد أشاروا إلى أنه وبالرغم من أن المتحور أوميكرون لا يسبّب أعراضا خطيرة تتطلب دخول المستشفى، إلا أن لديه أكثر من 30 طفرة في البروتين الشوكي بسطح الفيروس، وهي ما منحته القدرة على سلب اللقاحات كثيراً من الفاعلية.
وتعليقا على المتحور الأحدث، قال مسؤولو منظمة الصحة العالمية، إن المتحور الجديد لفيروس كورونا والذي سيسترعي انتباه العالم، سيكون أكثر عدوى من "أوميكرون"، لكن ما يحتاج العلماء للإجابة عنه حقا؛ هو ما إذا سيكون أكثر فتكا أم لا.
وقالت ماريا فان كيركوف، القائدة الفنية لجهود مكافحة "كوفيد 19" في منظمة الصحة العالمية، خلال جلسة أسئلة افتراضية، إن العالم سجل نحو 21 مليون إصابة خلال أسبوع واحد، وهو رقم قياسي جديد.
كما أكدت منظمة الصحة العالمية أن "أوميكرون" ليست نسخة أخيرة من فيروس كورونا المسبب لعدوى "كوفيد-19"، موضحة أن المتحورات الجديدة قد تكون أكثر عدوى.
وقالت المديرة الفنية لبرامج الطوارئ في المنظمة وخبيرة الأمراض المعدية، ماريا فان كيرخوف، في حديث إعلامي، أن "اوميكرون" لن يكون نسخة أخيرة للفيروس، ومن المرجح مستقبلا بدرجة كبيرة ظهور نسخ جديدة ستثير القلق، موضحة أن ميزات السلالات الجديدة غير معروفة حاليا، لكنها أكدت "أنها ستكون بلا شك أكثر عدوى لأنه سينبغي لها تجاوز النسخ المتداولة حاليا".
وتابعت أن هذه النسخ الجديدة التي يتوقع ظهورها ستستطيع التسبب في حالات الإصابة بالمرض بخطورة أكبر أو أقل، لكنها ستكون قادرة على الالتفاف على الحماية المناعية.
هنا نحن أمام حالتين، أحدهما علمية، والأخرى شعبية تتعلق بشعوب العالم بشكل عام رغم التفاوتات الثقافية والحضارية والاقتصادية:
وتتميز الحالة العلمية بالارتباك وعدم اليقين والتأرجح بين الدفاع عن اللقاحات وبين عدم الوعد بفاعليتها، وكذلك العجز عن وضع حد للجائحة أو حتى التنبؤ بسقف زمني لها.
بينما تتميز الحالة الشعبية باللامبالاة والقدرية، والتخلي شبه الكامل عن الاجراءات الاحترازية والعزوف عن اللقاحات، وهي لا شك حالة يترتب تفشيها على الحالة العلمية المشار إليها.
وهنا يبرز سؤال، هل سيدخل التهديد إلى حلقة مفرغة تتفاقم معها الكارثة، أم ستزول الجائحة تدريجيا عبر مناعة القطيع وتوالي التحور لنسخ أكثر ضعفا من الفيروس الأصلي.
هنا تقف الشعوب والجهات العلمية موقف المترقب على حد سواء!!