إيهاب شوقي
يتّجه العالم لحالة مشابهة لبَدايات أزمة جائحة كورونا، حيث تصرّ الصين على معالجة جذريّة للجائحة ولا تعترف بمبدأ التّعايش معها.
فقد مدّدت السّلطات الصينيّة الإغلاق العام لمدينة شنغهاي ليشمل جميع سكّانها البالغ عددهم 25 مليون نسمة بعد زيادة جديدة في حالات الإصابة بفيروس كورونا.
ووضعت شنغهاي جميع سكّانها تحت الإغلاق في أكبر مدينة في الصين التي تفرض القيود منذ بَدء الوباء حيث اعترفت السلطات بصعوبة احتواء متحوّر "أوميكرون" سريع الانتشار.
وتُفيد التّقارير بأنّه قد تمّ نشر ما لا يقلّ عن 38 ألفا من العاملين في المجال الطبي في شنغهاي من أجزاء أخرى من الصين.
وقالت وسائل الإعلام الرّسمية إنّ العملية هي الأكبر منذ إغلاق ووهان في أوائل عام 2020، مشيرةً إلى أنّه تمّ إنشاء حوالي 20 ألف نقطة لجمع العيّنات في جميع أنحاء المدينة، وتمّ إرسال 50000 مسعف للمساعدة على اختبار السكّان.
ويحذّر مديرو الخدمات اللّوجستيّة العملاء حاليًا من أنّ الإغلاق الأخير على مرحلتين في شنغهاي قد يكون أسوأ من عمليات الإغلاق الأوّلية لكورونا بمدينة ووهان. ومن بينهم جون مونرو الذي يقول: "ربّما تكون عمليات الإغلاق هذه أكثر شدّة من الحجر الصحي الأوّلي في عام 2020 عندما تمّ اكتشاف كورنا لأوّل مرّة".
ولبيان أهمية شنغهاي ومدى الأزمة الناتجة عن الإغلاق على كلّ من الاقتصاد الصيني والعالمي، فإنّ مدينة شنغهاي تمتلك العديد من الشّركات متعدّدة الجنسيات والتي تتّخذ منها موطئ قدم مثل مصنع تيسلا العملاق ومنتجع ديزني الضّخم، وفي الأيام القليلة الماضية، توقّف نبض المدينة التي تمثّل المركز المالي الصّاخب.
وبالإضافة إلى كونها محورًا رئيسيًا للصناعة المالية، تعتبر شنغهاي مركزًا للإلكترونيّات وتصنيع السيارات، كما تملك أكثر موانئ الشحن ازدحامًا في العالم.
ووفقاً لوسائل الإعلام، فقد رجّح بروس بانج، رئيس قسم الأبحاث الكلية والاستراتيجيّة في "نهضة الصين"، أن يؤدي الإغلاق والاختبار الإلزامي -من منطقة إلى أخرى بالمدينة الأكبر في الصين- إلى تعطيل النشاط التجاري للمدينة، خاصّة مع تشديد بكين سياسة "صفر كورونا"، وفرض سياسات هي الأكثر صرامة في العالم.
وقد علّقت عدّة شركات متعدّدة الجنسيات أعمالها في شنغهاي. وفي مقدّمتها شركة “تسلا” عملاق السيارات الكهربائية الأمريكية التي قرّرت وقف مصنعها بالمنطقة التي تغطّيها المرحلة الأولى من الإغلاق، إلى جانب شركات تأثّرت مثل "تويوتا" و"فولكس فاجن" و"فوكسكون، وسط مخاوف من أن تتسبّب عمليّات الإغلاق في تعطّل سلاسل التّوريد المهمّة.
وتختلف التكهّنات حول تأثير الإغلاق الصيني لشنغهاي على الاقتصاد العالمي، حيث يرى الخبراء أنّ الأمر مرهون بكيفيّة التّطبيق على أرض الواقع، ومجموعة شنغهاي الدولية للموانئ، التي تدير موانئ المدينة، قالت إنّه بخلاف الطقس القاسي، حافظت وحدات الإنتاج على عمليّاتها على مدار 24 ساعة، بينما قالت هيئة النّقل البلدية إنّ مطارين في شنغهاي أحدهما يركز على السفر الدولي، وثلاث محطّات قطار ما زالت تعمل بشكل طبيعي.
وإذا فشلت الصين في احتواء انتشار كورونا، ستعرقل القيود الإضافية على الحركة بَداية الاقتصاد الواعدة للعام الجاري، وهو ما يضعف بدوره ركيزة أساسية لنمو العالم، وباعتبار الدولة المصنّع الفعلي للعالم، فإنّ أي اضطرابات في الصادرات قد تقود إلى نقص، يُمكن أن تؤدّي أيضًا إلى ارتفاع التضخّم على المستوى العالمي.
وفي أواخر مارس الماضي، سجّلت أسعار النفط انخفاضًا بنحو أربعة دولارات مع تنامي المخاوف بشأن تباطؤ الطلب على الوقود في الصين، بعدما قالت السلطات في شنغهاي إنّها ستُغلق المركز المالي للبلاد.
هل يتّجه العالم لحلقة مفرغة من الأمل واليأس؟!