إيهاب شوقي
وسط تراجع الزّخم العالمي بشأن لقاحات كورونا وإجراءات الإغلاق والاحتراز، لصالح الاهتمام بالحرب في أوكرانيا ونذر الاشتباكات الدولية المتصاعدة، بدأت نظريات منشأ كورونا وعلاقتها بالمؤامرة تطفو مجددًا على السطح، وتحديدًا بعد الوثائق التي كشفتها روسيا حول استغلال أمريكا للأراضي الأوكرانيّة في إجراء تجارب حرب بيولوجيّة.
وفي تصريح لافت للرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، قال لوكاشينكو لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، "أنت أوقفت جميع فيروسات كورونا في العالم".
وقال لوكاشينكو نصًّا في لقائه مع الصحفيين: "نحن بحاجة إلى التّفكير في كلّ شيء عندما ينتهي كلّ شيء. هناك أيضًا حقيقة أنّ الوضع كان يتصاعد. لكنّه مُفيد لطرفٍ ما. بالأمس أخبرت بوتين: اسمع، لقد قُمت بعملٍ جيّد - الحرب هي الحرب، لكنّك أوقفت جميع فيروسات كورونا في العالم، تعافى الجميع".
وربّما يُمكن فهم هذه التّصريحات على أكثر من محمل، منها مثلاً إيقاف الاهتمام بأخبار الفايروس أو تراجعه في سلّم أولويات العالم، إلّا أنّ مزيدًا من كلمات الرئيس البيلاروسي شكّلت اتّهامات مبطّنة لأمريكا، حيث أشار إلى أنّ العديد من الاختصاصين المشاركين في تحديد متحوّرات جديدة أصبحوا أثرياء بسرعة. وأضاف لوكاشينكو أنّ العالم يُعاد توزيعه الآن، قائلاً: "ما الدّور الذي لعبه الوباء في هذا؟ ما زلت لا أعرف، لكنّني أميل إلى هذا لأنّه لعب دورًا كبيرًا. ربّما، ستكون هذه الحقيقة. عندما نقارن كلّ شيء، سنرسم الاستنتاجات.
وهذه التّصريحات يفهم منها صراحة أنّ هناك طائفة على غرار "أغنياء الحرب" قد استغلّت الفايروس ولقاحاته لتشكّل ثراءً كبيرًا، وهو ما يعني أنّ هناك مؤامرة محيطة بهذه الجائحة وأنّ حرب أوكرانيا أوقفتها.
وربّما تُفيد التّقارير الروسيّة والصينيّة الأُخرى في فهم المزيد من جوانب الصورة، فقد كتبت سفيتلانا ساموديلوفا، في جريدة "موسكوفسكي كومسوموليتس"، حول مخابر الحرب البيولوجيّة الأمريكيّة في أوكرانيا، ومحيط روسيا عمومًا، وتحضيرها لأوبئة فتّاكة جديدة.
وجاء في مقالها أنّ العمليّة الروسيّة الخاصّة على أراضي أوكرانيا أجبرت علماء الفيروسات الأمريكيين على كنس آثارهم على وجه السّرعة. ففي السادس والعشرين من فبراير، اختفت معلومات حول المختبرات البيولوجيّة الأمريكيّة من الموقع الإلكتروني لسفارة الولايات المتّحدة في أوكرانيا.
ووفقًا للخبراء، يعمل 16 مختبرًا بيولوجيًا أمريكيًا على أراضي أوكرانيا. يتمّ تصنيف بعضها، حيث يمكن إنتاج فيروسات قاتلة، بالسريّة. والخطير أنّ هذه المخابر الحيوية ليست في مناطق نائية، إنّما بالقرب من المدن الكبيرة.
ويقول عالم الفيروسات العسكري إيغور نيكولين:"هناك 4 منها في كييف، و3 في لفوف، ويوجد أيضًا مخابر في أوديسا، وخاركوف، ودنيبروبيتروفسك". التّجارب تنفّذ عمليًا بالقرب من حدودنا.
وتقول التّقارير أنّ الأمريكيين قاموا بإبعاد هذه المختبرات الخطرة عن أراضيهم. وهي الآن تعمل كأنّما في منطقة رمادية. مختبراتهم البيولوجيّة لا تقتصر على أوكرانيا، إنّما هي موجودة أيضًا في جورجيا وأذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وأرمينيا. أي تحيط بروسيا كعدو محتمل.
وفي هذه المختبرات، يختبر علماء الفيروسات العسكريون أحدث ما ينتجونه على مجموعات جينية محدّدة: على البشر والحيوانات والنباتات. وبالمناسبة، الصين محاطة أيضًا بالمختبرات البيولوجية الأمريكيّة".
وقالت كاتبة المقال الروسيّة، أنّ لدى الاستخبارات الروسية معلومات تُفيد بأنّ عيّنات من فيروس الجدري نُقلت سراً إلى مختبر خاركوف في حاويات خاصّة. وقد انتشر خبر التقرير الذي أرسل إلى البنتاغون. وفيه، تحدّث علماء الأحياء الدّقيقة الأمريكيون عن نتائج مظفّرة. فقد تمكّنوا من تخليق بِنية فريدة من جينوم فيروس الجدري، يُمكن أن تتنكّر في شكل فيروس كورونا. وقد قال رجل الأعمال الأمريكي بيل غيتس مؤخّرًا إنّ الوباء القادم سيكون الجدري، الذي يتسبّب بوفيات تبلغ 90٪.
وعلى الجانب الصيني، فقد تناولت افتتاحية صحيفة "غلوبال تايمز" الصينيّة ما أعلنت عنه وزارة الدّفاع الروسية حول المعامل البيولوجية التي تموّلها الولايات المتّحدة في أوكرانيا والتي تجري تجارب على عيّنات من "فيروس كورونا الخفافيش".
وقالت الصحيفة إنّه لا يوجد دخان من دون نار. فقد علّق بعض مستخدمي الإنترنت أنّ الأميركيين يبدو أنّ لديهم تفضيلاً خاصاً لصنع أفلام مصاصي الدماء، وأنّ النّموذج الأوّلي لمصاصي الدّماء يأتي من الخفافيش. وأشاروا إلى أنّ تجارب الأميركيين مع فيروس كورونا الخفافيش لها أصول ثقافيّة.
ورأت الصّحيفة أنّ التّصريحات المتناقضة لمختلف المسؤولين الأميركيين جعلت نفي الولايات المتّحدة لوجود مختبرات حيويّة لها في أوكرانيا أمراً مشكوكاً فيه.
وقال لي هايدونغ، الأستاذ في معهد العلاقات الدولية بجامعة الشؤون الخارجية الصينيّة، لصحيفة "غلوبال تايمز"، إنّه خلال عمليّة صنع السياسة الخارجية للولايات المتّحدة، من الشائع أنّ الإدارات المختلفة تحمل روايات مختلفة، وهذا الاختلاف يمكّن الناس من معرفة حقيقة الكذبة التي تحاول الولايات المتّحدة إخفاءها. كلما تناقضت الولايات المتحدة مع نفسها، زاد عدد الأسباب التي تدفع العالم إلى التّشكيك فيها.
يبدو أنّ معركة تشكيل النّظام العالمي الجديد ستكشف الكثير عن النظام قيد السقوط وتفضح الكثير من ممارساته وتخرج بالشّكوك والتّسريبات إلى نطاق الحقائق.