إيهاب شوقي
بعد فترة هدوء لجائحة كورونا وشواهد عمليّة لانحسارها، بدأت الشعوب معها تتنفّس الصّعداء، إلّا وفوجئت بفيروس جديد يطرق أبوابها وتتصاعد نذره بنفس الطّريقة التي تسلّل بها فيروس كورونا في بدايته.
فقد اتّخذ كورونا مسارًا تصاعديًا بداية من اكتشاف حالات محدودة عدديًّا وجغرافيًّا، ثمّ توالت التّقارير بأنّه ليس حديثًا وإنّما عاد وتحوّر وانتشر، ثمّ توالت التّقارير بعدم وجود لقاحات ولا علاجات، واتّخذ مساره المأساوي الذي عرفته الشعوب بتداعيّاته الصحيّة والاجتماعية والاقتصادية، وعلى رأسها الرّعب وحالات القلق التي تسبّبت في خلل بالصحة النّفسية لدى العديد من القطاعات.
وقبل الإشارة إلى لعبة الفيروسات التي بدأت تتّضح دلائل كبيرة عليها بعد الكشف الروسي عن معامل أمريكا البيولوجيّة في أوكرانيا، وبعد كثير من الشواهد التي انتصرت لكثير ممّا تمّ تصنيفه تحت بند "نظريات المؤامرة" وحولها لحقائق واكتشافات وليس افتراضات أو دعايات، يجدر بنا إلقاء الضّوء على بعض الحقائق الرئيسيّة عن فيروس جدري القرود وفقًا لما جاء بمنظّمة الصحّة العالميّة:
تقول المنظّمة ما يلي:
- لا يوجد أيّ علاج أو لقاح مُتاح لمكافحة المرض رغم أنّ التّطعيم السابق ضدّ الجدري أثبت نجاعة عالية في الوقاية أيضاً من جدري القردة.
- يُنقل فيروس جدري القردة إلى البشر من طائفة متنوعة من الحيوانات البرية، ولكن انتشاره على المستوى الثانوي محدود من خلال انتقاله من إنسان إلى آخر.
- جدري القردة مرض نادر يحدث أساساً في المناطق النائية من وسط أفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية الماطرة.
- جدري القردة مرض فيروسي نادر وحيواني المنشأ (يُنقل فيروسه من الحيوان إلى الإنسان) وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنّه أقلّ شدّة. ومع أنّ الجدري كان قد استُؤصِل في عام 1980 فإنّ جدري القردة لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء أفريقيا..
وعن العلاج واللّقاح، تقول المنظمة:
لا توجد أيّة أدوية أو لقاحات مُحدّدة متاحة لمكافحة عدوى جدري القردة، ولكن يمكن مكافحة فاشياته. وقد ثبت في الماضي أن التطعيم ضدّ الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القردة، غير أنّ هذا اللقاح لم يعد متاحاً لعامة الجمهور بعد أن أُوقِف التطعيم به في أعقاب استئصال الجدري من العالم. ورغم ذلك فإنّ من المُرجّح أن يفضي التطعيم المسبق ضدّ الجدري إلى أن يتّخذ المرض مساراً أخف وطأة.
ومن مجمل التقارير الصحفية والطبية، فإنّ البلاد التي يتوطّن فيها جدري القرود هي "بنين والكاميرون وأفريقيا الوسطى والكنغو والجابون وساحل العاج ونيجيريا وجنوب السودان"، والدول التي أصبح يظهر بها مؤخرًا هي"أمريكا وبريطانيا وكندا وأستراليا وإسبانيا والبرتغال وألمانيا وبلجيكا وفرنسا وهولندا وإيطاليا والسويد و(إسرائيل) وسويسرا".
وعن الحد من خطورة إصابة الناس بعدوى المرض تقول منظمة الصحة العالمية، أنّ المخالطة الحميمة للمرضى أثناء اندلاع فاشيات جدري القردة البشري هي من أهمّ عوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بعدوى الفيروس المسبّب للمرض.
وأنّه، وفي ظلّ غياب علاج أو لقاح محدّد لمكافحته، فإنّ الطريقة الوحيدة للحدّ من إصابة الناس بعدواه هي إذكاء الوعي بعوامل الخطر المرتبطة به وتثقيف الناس بشأن التدابير التي يمكنهم اتخاذها من أجل الحدّ من معدّل التعرّض له. ولا غنى عن تدابير الترصّد والإسراع في تشخيص الحالات الجديدة من أجل احتواء الفاشيات.
وتنصح المنظمة أن تركزّ رسائل التثقيف بشؤون الصحة العمومية على الحد من الخطرين التاليين:
1- الحد من خطر انتقال العدوى من إنسان إلى آخر. بتجنّب المخالطة الجسدية الحميمة للمصابين بعدوى جدري القردة، ولابد من ارتداء قفازات ومعدات حماية عند الاعتناء بالمرضى، كما ينبغي الحرص على غسل اليدين بانتظام عقب الاعتناء بهم أو زيارتهم.
2- الحد من خطر انتقال المرض من الحيوانات إلى البشر. بتركيز الجهود المبذولة للوقاية من انتقال الفيروس في البلدان الموبوءة به على طهي كلّ المنتجات الحيوانية (الدم واللحوم) بشكل جيّد قبل أكلها، كما ينبغي ارتداء قفازات وغيرها من ملابس الحماية المناسبة عند مناولة الحيوانات المريضة أو أنسجتها الحاملة للعدوى وأثناء ممارسات ذبحها.
وقبل الخوض في لعبة الفيروسات والريبة الكبيرة التي تحيط بهذا الانتشار الجديد للفيروس، يجب أن نرصد أنّ المستفيد الأكبر من تفشي جدري القرود، هو الطرف الذي تتأهب أسهم شركاته للانتعاش، وهو شركات الأدوية واللقاحات !
كيف تنبأ مؤتمر ميونيخ للأمن بـ "جدري القرود"؟!!
وهنا يمكننا إيراد ما يدفع للريبة باختصار شديد كما يلي:
1- تنبأت ورقة بحثية مشتركة بين مؤتمر ميونخ للأمن (MSC) ومبادرة التهديد النووي ( NTI) تمّ إصدارها في مارس 2021 بموعد انتشار وعدد ضحايا وباء جدري القرود.
2- توقع البحث المنشور تحت عنوان «تعزيز النظم العالمية للوقاية والاستجابة إلى التهديدات البيولوجية عالية النتائج»، أن تكون الكارثة العالمية التالية ناجمة عن سوء استخدام متعمد لأدوات البيولوجيا الحديثة.
3- افترضت التجربة الافتراضية للبحث التي جاءت خلال شهر مارس من العام الماضي، وجود وباء عالمي مميت يتضمن سلالة غير عادية من فيروس «جدري القرود» ظهرت في دولة خيالية أسماها «برينيا» وانتشر على مستوى العالم على مدى 18 شهراً.
4- كشف سيناريو البحث -تمّ تطويره بالتشاور مع الخبراء التقنيين والسياسيين- أنّ التفشي الأول جاء نتيجة هجوم إرهابي باستخدام عامل ممرض تمّت هندسته في المختبر مع عدم كفاية أحكام السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي والرقابة الضعيفة، وبحلول نهاية التّمرين، أدّى الوباء الخيالي إلى أكثر من 3 مليارات إصابة و270 مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم.