إيهاب شوقي
يَشهد عدد من البلدان عودة لزيادة الإصابات بفيروس كورونا، ورغم انتشار اللّقاحات وحصول قطاعات شعبية كبيرة عليها، إلّا أنّ هناك زيادة للأعداد ومن ضمنها الحاصلين بالفعل على جرعات اللّقاح، وهو ما يُطلق سؤالا كبيرًا عن جدوى اللّقاحات ومدى فاعليتها في الوقاية من المَرض.
قد يرَى البعض أنّ هناك تفاوتًا في مستوى اللّقاحات بين الشركات المنتجة له، ولكن الإصابات في البلاد المختلفة تعني أنّ جميع أنواع اللّقاحات لم تمنع من الإصابة، كما أنّ نظريات المؤامرة حول اللّقاحات لا تفسّر الأمر، بلحاظ إصابة عدد كبير من المشاهير والأغنياء بالمرض، ناهيك عن الإعلان عن إصابة الرّئيس الأمريكي جو بايدن بالفيروس، وكذلك كبار المسؤولين الصّهاينة.
وهنا تقف الشّعوب حائرة أمام اللّقاحات، فهل تُقدم على تناولها، أم أنّ الأمر غير ذي جدوى ولا داعي للمخاطرة بتناولها وسط ما يُشاع عن أضرارها الجانبية وما يرتبط أيضًا بها من شائعات تمّ ترويجها عبر نظريات متعدّدة للمؤامرة؟
هنا يُمكننا رصد ما تقوله منظّمة الصحّة العالميّة بشكلٍ رسمي على موقعها، حيث حرصت المنظّمة على تناول هذه القضية بسبب انتشار الإصابات رغم انتشار اللّقاحات ووصولها لمعظم دول العالم ومعظم قطاعاته الشعبية:
وتقول المنظّمة في سياق إجاباتها على التساؤلات نصًّا ما يلي:
أوّلًا: تقول المنظّمة أنّه، ورغم أنّ لقاحات كوفيد – 19 فعّالة للغاية في الوقاية من المرض الوخيم ودخول المستشفى والوفاة، فإنّه لا يوجد لُقاح فعّال بنسبة 100 في المائة. ونتيجة لذلك، سيُصاب عدد من الأشخاص الحاصلين على التطعيم بالعدوى وقد يمرضون بكوفيد – 19 رغم حصولهم على التطعيم الكامل. ويُعرف ذلك باسم "العدوى الاختراقيّة" أو "الحالة الاختراقيّة". ومع تزايد متحوّرات الفيروس المُعدية، مثل دلتا، نشاهد المزيد من العدوى والحالات الاختراقية.
ثانيًا: تنصح المنظّمة بالاستمرار -حتّى بعد تلقّيك التّطعيم الكامل- في تطبيق نفس التّدابير الوقائيّة لكي تحمي نفسك.
ثالثًا: تقول المنظّمة أنّ لقاحات كوفيد – 19 أداة مهمّة لوقف الجائحة، ولكنّها لن تفعل ذلك بمفردها. فلا غنى عن تدابير الصحّة العموميّة والتدابير الاجتماعية، كالترصّد وتتبّع المُخالطين والعزّل، والسّلوكيّات الوقائية الفرديّة، كالابتعاد مسافة متر على الأقل عن الآخرين، وارتداء كمامة مُحكمة على الأنف والفم، وتجنّب الأماكن والأوساط السيّئة التّهوية، والمكوث في البيت في حالة التوعّك، وتغطية السّعال والعطس، وتنظيف اليدين باستمرار، لكسر حلقة انتقال العدوى.
رابعًا: ينبغي أن تحصل على التّطعيم حتى ولو سبق أن أُصبت بكوفيد – 19. وتختلف الحماية التي يكتسبها الشخص نتيجة إصابته بكوفيد – 19 اختلافاً كبيراً من شخص إلى آخر. ودائمًا ما تكون المناعة، التي يكتسبها الناس من التطعيم بعد إصابتهم بعدوى طبيعيّة، قوية جداً. فإذا تلقّيت التّطعيم حتّى وإن سبقت إصابتك بكوفيد – 19، فمعنى ذلك أنّك ستكتسب على الأرجح حماية لفترة أطول.
ولكن الملاحظ على تقارير منظّمة الصحّة العالميّة هو غياب اليَقين، حيث تقول المنظّمة أنّ العدوى الاختراقية قد تحدث مع كلّ لقاح، ولا تعني هذه العدوى أنّ اللّقاح غير فعّال!!
وهي مُقاربة تبدو غامضة ولا تقدّم أي إجابات شافية للشعوب.
ولكن ما يمكن قوله أنّ كثيرًا من القطاعات الشعبية تناولت اللّقاحات ولم يشكّل ذلك ضررًا في ذاته، وربّما أنّ الأحوط هو تناول اللّقاحات حتّى لو لم تكن فعّالة فإنّها لن تضرّ، أو ترك التّقييم للأشخاص دون التأثير عليهم لا بالتّرغيب ولا التّرهيب.
وما يمكن قوله بشكلٍ أكثر مسؤولية هو استمرار اتّباع التّدابير الاحترازيّة وعدم الرّكون لطمأنينة زائفة بانتهاء الجائحة حتّى لو اختفت الإصابات، حيث أثبتت التّجربة العملية وجود متحوّرات وموجات متتالية من المرض.