علي حكمت شعيب (استاذ في الجامعة اللبنانينة)
إن الله سبحانه بفضله تسبّبت الأسباب أي أصبحت فاعلة مؤثرة وشكلت مدخلات لازمة لنتائجها وبالتالي من لم يأخذ بها لا يصل الى نتائجها.
وقد ضرب القرآن الكريم مثالاً عمن لا يعمل بالأسباب الحقيقية الواقعية بقوله تعالى:
"...كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ..." (سورة الرعد 14)
فمن لم يأخذ بسبل الوقاية لا يصل الى السلامة. ومن لم يأخذ بأسباب الدفاع والقتال يجتاح أرضه العدو ويهلكه. من لم يتناول الدواء يقتله الداء.
وقانون السببية هو قانون فاعل وعلى أساسه بُنيت المعرفة الإنسانية وسار السلوك الإنساني الواعي.
والله سبحانه جعل الدنيا دار ابتلاء أي اختبار وامتحان لعباده مع أفضلية للمؤمن فيها إذا ما عمل بالأسباب المادية وشفّعها بالدعاء.
وقد زوّد عباده بأساليب مواجهة التحديات بما مكّنهم من موارد معنوية وبشرية ومادية.
وإن المرء ليَعجب من بعض المسلمين الداعين الى التمسك بالأسباب الروحية المعنوية دون المادية لأنهم بذلك يخالفون المنهجية القرآنية في التعامل مع القضايا والتحديات، فهل يُدفع عدو أو يُعمر بلد أو يُستجلب رزق بالدعاء فقط دونما سعي للأخذ بالأسباب من تحصيل لمعرفة وإتقان لمهارة وإنشاء لسلوك وقيام بفعل؟
فالمطلوب في هذه الظروف أن نعقل ونتوكل، بمعنى أن نعمل بالأسباب المادية الموضوعية التي هي من صنع الله سبحانه وأن نتوجه اليه بالدعاء.
فالدعاء من أهم الأسباب المعنوية التي تساعد على تعزيز روحية الصمود في الأزمات، لأنه يبني الثقة بالنجاح ويشحذ العزيمة ويوجد التفاؤل بالفرج وهذه منائح معنوية من الله تعالى تقوّي المناعة، لأنها تبعد ما يضعفها من قلق واكتئاب وانفعال وتوتر. والأسباب المعنوية مع الأسباب المادية أمور ضرورية لا يستقيم تخطي الصعوبات والأزمات دون اجتماعها.
والله من وراء ذلك هو الشافي والمعافي لأنه سبحانه هو المهيمن على الأمور وبيده ملكوت كل شيء.