ايهاب شوقي (كاتب صحافي – مصر)
ربما لا يكون وباء كورونا هو الأول في العالم، ولكنه الاخطر والأكثر كشفا لمكامن الخلل، وكذلك لعواقب العولمة واعراضها الجانبية. فكما ان للتطور حتمية في تقدم المجتمعات، وللتعاون العالمي ايضا ضرورة، الا ان التطور المنفلت وغير المرتبط بقيود صحية او اخلاقية، وكذلك تركيز الاقتصاد الدولي في كارتيلات ضيقة، هي امور بمثابة قنبلة موقوتة تنتظر فتيلا لاشعال مفجرها، ويبدو ان فيروس كورونا كان بمثابة هذا الفتيل.
كما ان التطور الهائل في مجال الكومبيوتر والشبكات العنكبوتية وربط البيانات وانظمة التحكم عالميا، ادخل عاملا جديدا الى عوامل الامن القومي، وهو الامن السيبراني لمواجهة الحروب والارهاب الالكتروني، فإن حركة التجارة والتنقل، وما ترتب عليها من تواصل دولي غير مسبوق، يبدو انه سيدخل عاملا جديدا للامن القومي بعد انتشار فيروس كورونا عالميا وتحوله لجائحة.
وهذا العامل الجديد هو العامل الصحي، او الوقائي من الاوبئة، حيث بدا مع هذا الفيروس سريع الانتشار، ان العالم كله مهدد كما شبكات الانترنت، وان الفاصل قد تلاشى بين الواقع، والواقع الافتراضي.
وهنا تبدو وجاهة العناصر التي تم ادخالها لمفهوم الامن القومي، والتي تعتبر نظرية في معظم البلدان، مثل الامن البيئي وامن الموارد والامن الغذائي وامن الكوارث وامن الموارد، وكلها من العناصر التي يبدو انها اهملت حتى في الدول الكبرى والتي كشف الفيروس انتفاء وجودها.
لقد ركز الامن القومي على الجوانب العسكرية والمعلوماتية والطاقة والحدود وكثير من الامن الجيوستراتيجي، وانفقت في سبيل ذلك تريليونات الدولارات، بينما كشف كورونا عن عوامل خلل كبرى في الامن القومي لم يتم تدبير الموارد الملائمة لها، وربما سيتخطى الانفاق على علاج تداعياتها اضعاف ما كان سينفق للوقاية من مخاطرها!!