محمد كسرواني - خاص كورونا نيوز
هنا حالة مصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19)، هنالك حالة مخالطة! في ذلك الحيّ عائلة وافدة من السفر، وفي الشارع المقابل عائلة اختلطت مع مصاب...
هذا الواقع يعيشه اللبنانيون يومياً، وهم يسمعون اخبار انتشار الفيروس. بالمقابل هنالك فرق صحية في حالة "استنفار" عالٍ تعمل منذ خمسة أشهر بالوتيرة ذاتها، للحد من انتشار الوباء.
فمنذ اعلان الهيئة الصحية الاسلامية، دخولها في المواجهة مع انتشار فيروس كورونا، سخّرت كل الامكانيات للخدمة. رصدٌ للحالات، متابعة للمحجورين، فحوصات PCR، تحليل للبيانات وتقديم للنصائح والتوجيهات، كلها باتت ضمن مهام الهيئة الصحية.
فكيف يتم تتبع الحالات المصابة بفيروس كورونا؟ وكيف تكون رحلة المصاب او المخالط واهله حتى الشفاء؟
مسؤولة دائرة الارشاد والتثقيف الصحي في الهيئة الصحية الاسلامية لمى الحموي تشرح لموقع "كورونا نيوز" آلية العمل، فتقول: "تبدأ الرحلة بتبليغ الهيئة الصحية الاسلامية عن وجود حالة مصابة بفيروس كورونا في منطقة معينة (اسم الحالة وعنوانه) ورقم الهاتف اذا توفر. مصادر المعلومات متنوعة، فإما وزارة الصحة او البلدية او مسؤول القطاع في حزب الله او من المريض نفسه".
تضيف: "مباشرة ترسل الهيئة فريقها الميداني المؤلف من مشرف صحي وطبيب وعدد من الممرضين، بعد اتمامهم كل الاجراءات اللوجستية من الثياب الواقية والكمامات وغيرها".
وتشير الحموي الى ان "أول خطوة هي زيارة الحالة المصابة، فإن كان وضعة الصحي في خطر كعوارض شديدة او ذا امراض مزمنة او متقدما في السن، يتم نقله الى مستشفى بيروت الحكومي او المستشفى المعني في المنطقة وتسليم ملفه الى الوزارة وتبدأ آلية العمل مع العائلة".
وتوضح: "اما إذا كان وضعه الصحي مستقرا (عوارض خفيفة وخاليا من اي مرض مزمن) فيتم حجره منزلياً وتكون آلية العمل معه ومع عائلته. لكن في الحاليتين تقوم الفرق الميدانية في الهيئة الصحية بشرح مفصل لحال المريض وعوارض الفيروس والاجراءات الوقائية اللازمة حول التباعد والحجر". لافتة الى انه "في هذه الزيارة ايضاً يتم ملء استمارات المخالطين. ليس كل فرد قابل المصاب يعتبر مخالطاً. فللمخالط شروط محددة، يتم تعريف المريض وذويه عليها ليتم جمع اسماء جميع المخالطين واماكن سكنهم وارقام الهواتف".
تقول الحموي: "ترفع داتا المخالطين الى وزارة الصحة، ويتم تحديد موعد لإجراء فحوصات الـ PCR. غالباً ما يكون الموعد بعد 3 أيام اقلها، من تأكد المريض من اصابته، وذلك لأن الفيروس يحتاج للحضانة لعدة ايام في جسم المخالط المصاب حتى تظهر نتيجته ايجابية في الفحص".
خلال مهلة الثلاثة ايام، تكون فرق الهيئة تواصلت مع جميع المخالطين واعلمتهم عن موعد الفحص، وطلبت منهم حجر أنفسهم منزلياً حتى ظهور النتائج.
فحوصات المخالطين
في حديثها عن شروط مكان اجراء الفحوصات توضح الحموي أن "لهذا المكان شروطا معينة أبرزها الهواء الطلق والقدرة على استيعاب عدد كبير من الافراد دون الازدحام. غالباً ما تساعد البلدية في اختيار المكان وتفرز عناصر شرطة لضبط الامن وحركة الدخول والخروج. وخلال مهلة الايام الثلاثة تقوم فرق الهيئة بتعقيم المكان وتجهيزه بما يلزم من معدات طبية ولوجستية".
تضيف: "لأن امكانيات لبنان محدودة لجهة اجراء الفحوصات وتحليلها، يملأ كل وافد الى مركز الفحوصات استمارة، يحدد وفقها إذا كان مخالطاً للمصاب ام لا. إذا لم يكن مخالطاً وفق الشروط يتم صرفه دون اجراء فحص، لأنه يحضر عادة الى المكان عدد كبير من الجيران وابناء الحيّ للتأكد من سلامتهم حتى دون معرفتهم المصاب احياناً".
تضيف الحموي:"خلال عملية ملء الاستمارة، تقوم فرق الهيئة الصحية بإبلاغ الوافدين بإجراءات الوقاية، وتشدد عليهم بضرورة الحجر المنزلي حتى صدور النتائج. قد تضطر احياناً الفرق الصحية بمؤازرة البلدية الى عزل المباني ريثما تصدر النتائج النهائية، منعاً لأي تسرب من الحجر وانتشار الوباء".
تقدر مهلة صدور النتائج بين 24 و72 ساعة، يتم بعدها ابلاغ الافراد هاتفياً بها. إذا كانت سلبية وجب الحجر المنزلي 14 يومياً مع اتخاذ كافة الاجراءات الوقائية، يجري خلالها متابعة المحجور يومياً عبر اتصال هاتفي وزيارات ميدانية لمراقبة اجراءات السلامة وطريقة الحجر. وفي حال ظهور اي عوارض ولو طفيفة على المريض يتم اعادة الفحص واخذ الاجراءات اللازمة.
وتقول الحموي إنه " في حال صدور نتائج فحوصات ايجابية عند المخالطين، فتعاد آلية العمل الواردة اعلاه كاملةً، على ان الخالط المصاب حالة جديدة. قد تكون اجراءات المخالط المصاب أسهل إذا كان من العائلة الضيقة للمصاب الاول (مصدر العدوى) لجهة تحديد المخالطين المشتركين بين الحالتين".
ختاماً، هذه الشبكة العنكبوتية من العمل المتواصل مرهقة ومتعبة لكل الفرق الصحية العاملة على خط مواجهة كورونا. فسهولة انتشار الفيروس ونقل العدوى يجعل تتبع المصدر امرا صعبا جداً، لذلك تبقى الوسيلة الافضل للوقاية من الاصابة التباعد الاجتماعي واتباع الاجراءات الوقاية بدقة بدءاً من الكمامة وحتى غسل اليدين والوجه وتعقيم كل ما هو ممكن تعقيمه.