(إيهاب شوقي/ صحافي مصري)
بعد ان لجأت أغلبية دول العالم إلى خيار التعايش مع كورونا لأسباب إقتصادية، تم استئناف الاقتصاد كما هو معلن مع ضوابط وإجراءات احترازية.
لكن المتابع لممارسات الشعوب، يرى أن إشارة الاستئناف كانت مرادفاً عند الكثيرين لإعلان انتهاء الجائحة، وبالتالي تحول التعايش إلى تجاهل!
ورغم أن التزام الشعوب بالاغلاق لم يكن على الدرجة المطلوبة، الا ان الاهتمام بالجائحة واحترامها كان متوفراً ولو بالحدود الدنيا، بما يشمله هذا الاهتمام من خوف وحذر أو تأجيل لبعض المناسبات التي تتطلب تجمعات، أو على الأقل متابعة للنصائح والتطورات وترقب لظهور لقاحات وعلاجات.
بينما مع قرارات الفتح والاستئناف، اختفت الكثير من المحاذير رغم أن المنطق يستوجب زيادتها، وبدت مشاهد تنم عن قناعة شعبية بانتهاء الجائحة، وهو جرس انذار خطير يتطلب مزيداً من الوعي والتدخل الحكومي أيضاً.
عندما نوجه انتقادات، فانها لا تشمل الفقراء أو الطبقات التي لا تملك رفاهية الحجر ولا تملك قوت يومها ولا سبيل أمامها إلا العمل، وانما نوجهها لمن يملك هذا الخيار ويتجاهله بدافع الملل أو عدم الاعتياد أو حتى عدم الاقتناع والخضوع لنظريات تفترض أن ما يحدث هو مجرد خدعة، دون تحمل أدنى مسؤولية يحتمها افتراض خطأ قناعته ولو بنسية ضئيلة.
هذه القطاعات ملأت الشوارع والمتنزهات والمقاهي والشواطئ ونسب لا يستهان بها لا تلتزم باجراءات السلامة.
والحكومات التي اتخذت قرار الفتح، تفاوتت سلطتها الرقابية، بين مهتم بمتابعة الاجراءات، وبين حكومات تركت الشعوب ومصيرها بدعوى الرهان على الوعي.
لو تحدثنا عن مصر كمثال، بحكم التواجد والمعايشة، فإن الاهتمام حتى بمتابعة الاحصائيات تقلص ليقترب من التلاشي، والاهتمام بالالتزام بالتباعد او ارتداء الكمامات في ادنى درجاته، وهو يعكس برمجة عقلية تابعة للقرارات الحكومية، فعندما توجب الحكومة الاغلاق فإن هناك شعور بالخطر، وعندما تسمح الحكومة بالفتح فهو مرادف لزوال الخطر!.
كما ان مصداقية الاعلام تلقت ضربات كبرى لم يصبح الاعلام معها مصدرا للتخويف او الطمأنة او الوعي، وانما مجرد مصدر للاخبار والقرارات الحكومية.
في حقيقة الامر، ما نراه الان في دول كثيرة، هو تجاهل وليس تعايش، ولو ان هناك ثقة لدى الحكومات في وجود موجات اخرى من الوباء، فان تجاهل الحكومات لهذا السلوك يعد جريمة، لان ما يحدث ينذر بأعداد مضاعفة، وسط غياب لاي نوع من الاصلاح للقطاع الصحي الذي بدا عاجزا امام الموجة الاولى، وربما ما منع وجود مأساة كبرى، هو قلة الاعداد نسبيا مقارنة مع ما حدث في امريكا واوربا.
تتضاعف المشكلات عندما يغيب الطرف الواعي الذي يمكن مخاطبته وتوجيه النداء اليه، فمستوى الوعي لدى الشعوب المقهورة لا يختلف كثيرا عن وعي حكوماتها، وسلوكيات الاستهانة متبادلة بين كثير من الشعوب وحكوماتها.