محمد باقر ياسين - خاص كورونا نيوز
أخطاء كثيرة ارتكبتها الحكومة اللبنانية من خلال أجهزتها الرسمية وعلى رأسها وزارة الصحة في تعاملها مع جائحة كورونا، وقد ساهمت فيما وصلنا إليه اليوم من ارتفاع عدد الاصابات بفيروس كوفيد 19 يوميا. فما هي هذه الأخطاء؟ وكيف يمكن أن يعود المواطن الى دائرة الأمان؟
أول خطأ ارتكبته الحكومة هو في تنبهها باكرا لخطر فيروس كورونا، حيث اتخذت قرار اقفال البلاد، الذي جنب آلاف المواطنين الإصابة بكورونا بحكم الاختلاط في الصروح التربوية كافة وأماكن العمل والنقل المشترك.
وخطأ الحكومة الثاني هو تأخير انتشار كورونا واحتواؤه لفترة طويلة، حيث كانت فرصة لوزارة الصحة لتجهيز المستشفيات الحكومية لاستقبال مرضى كورونا، لكي تصبح المستشفيات لديها قدرة استيعابية أكبر في حال تطور كورونا. فلو ان الفيروس انتشر في الايام الأولى لما وجد المواطن مكاناً له في المستشفى مثلما حصل في العديد من الدول.
أما الخطأ الثالث للحكومة فهو في حسها الانساني المسؤول اتجاه المغتربين والمسافرين اللبنانيين من خلالها السماح بعودة من يرغب منهم من الخارج، هؤلاء المغتربين الذين كانوا عالقين وكورونا يحيط بهم ويهدد أرواحهم، فكان يجب عليها ان تبقي المطار مقفلا لكي يموت هؤلاء الأعزاء هناك. وبعض العائدين للبلاد قدّروا للحكومة هذه اللفتة الانسانية وقاموا بـ "واجب نقل الفيروس إلى محيطهم"، حيث نقلت وافدة من السعودية الفيروس لنحو مئتي مواطن بعد إقامتها مناسبة اجتماعية في قريتها.
وتابعت الحكومة أخطاءها، فارتكبت الخطأ الرابع الذي تمثل بالوثوق باللبنانيين والاعتماد على ضمائرهم في الالتزام بالحجر الطوعي في المنازل. والبعض قدر هذه الخطوة بكل احترام وراح يستجم ويتنقل بين مسبح ومطعم ومناسبة اجتماعية، إضافةً إلى لجوء البعض إلى الاحتيال من خلال تقديمهم أرقام هواتف وأماكن سكن مزيفة للوزارة من أجل التفلت من الحجر الطوعي.
وقد أخطات وزارة الصحة في اتخاذها الإجراءات التي ساهمت بشكل ملحوظ في تقليل عدد الإصابات حيث لامست الصفر في بعض الأحيان. ونتيجة تعاملها الشفاف بالاعلان عن ذلك، ساهمت من دون أن تقصد بأن يشعر المواطن بأنه لا وجود لكورونا في بلده.
نعم أخطأت الحكومة وأخطأت وزارة الصحة في مجمل عملية مكافحة كورونا، لذا حصلت على إشادة منظمة الصحة العالمية، واحتل لبنان مرتبة متقدمة بين الدول التي استطاعت التعامل مع الفيروس بشكل جيد رغم ضعف الإمكانيات.
وبما أن وزارة الصحة ممثلة بالوزير حمد حسن أعلنت عن أرقام صادمة تعكس المنعطف الخطير الذي وصلت إليه البلاد، ومن هذه الأرقام أن الشخص الواحد أصبح ينقل العدوى إلى ثلاثة أشخاص نتيجة الاختلاط وعدم الالتزام بتدابير الوقاية من كورونا، وقد قال الوزير "إننا علينا التراجع خطوة إلى الوراء ونعمل بحزم وشدة وكأن الوباء قد بدأ الآن، فكل ما قمنا به في السابق كان ممتازا ويجب العودة إلى ذلك إنما بجدية أكبر وبتعاون الجميع للحؤول دون وقوع كارثة إنسانية صحية".
لا يمكن أن نعتبر الحكومة ووزارة الصحة مخطئتين إذا لم يلتزم الشعب بالإجراءات التي طلبتاها منه. فأي وزارة في العالم لن تنجح إذا ما تشابكت الأيدي في البلاد بين الاجهزة الرسمية والمواطنين والكادر الطبي.
اليوم نحن ننطلق مجدداً من نقطة البداية في محاربة كورونا، بوعي الشعب وبتحمله المسؤولية وبتظافر جهود الوزارة والكادر الطبي، يمكننا الهبوط مرة أخرى في دائرة الأمان، فالإنجاز إن حصل لن يكون مردوده على الوزارة بل على صحة كل الوطن، والكارثة إن وقعت ستطال الجميع، فنحن اللبنانيون معروفون بصلابتنا وبإرادتنا القوية وقد تجاوزنا حروباً ومآسيَ أصعب من كورونا، فهل نستسلم للوباء؟