محمد عيد – إعلامي سوري
أسوأ ما يمكن أن تقوم به معارضة في التاريخ هو التفرغ لتصيد أخطاء شركائها المفترضين في الوطن، دون الشروع في تقديم برنامج وطني جامع، يستقطب لها المريدين في الضفة الأخرى من الوطن، بقوة الحجة بدلا من اختلاق الأكاذيب، وتمني الكوارث السياسية والطبيعية والصحية العظمى لأخوة لهم في الوطن، لمجرد تسجيل النقاط على النظام السياسي الذي تناصبه العداء.
أما مناسبة الحديث عن ذلك فهي استقتال معارضين سوريين لخلق أنباء أقل ما يقال عنها إنها غير دقيقة وتفتقد إلى السند العلمي حول انتشار وباء كورونا في غير منطقة في سوريا، وتسويقها لحالة من التكتم والتخلي المزعوم للحكومة السورية عن دورها في حماية الناس وصولا إلى شطحات أخرى لا يتفتق عنها سوى عقل حاقد مخمور بالكراهية والبغضاء.
أعادتني هذه الأحاديث التي ما انفكت الكثير من وسائل الإعلام المعارضة تعرضها في ابتذال مقيت، إلى الأيام الأولى من عمر "الثورة" السورية.
يومها حبس السوريون أنفاسهم، ووضعوا الأيادي على القلوب، خوفا من عواجل حمراء تعلن عن سفح أول قطرة دم حرام ستسيل على أرض سورية الحبيبة، إلا المعارضين إياهم ممن أصبحوا لاحقا أبطال "عواجل كورونا" حين وقفوا متربصين شامتين على الشاشات، تتسع ابتساماتهم القبيحة بمقدار اتساع دائرة العنف في البلاد، وقد زودتهم دماء الشهداء الذين قتلوا بتحريض منهم ورصاص غادر من أتباعهم ومندسيهم بالحجة المكتوبة مسبقاً، في أدراج الدول العظمى والمختصرة بعبارة "لا حوار مع نظام مجرم يقتل شعبه"، لتغدو هذه التعليمة نقطة التحول الكبرى في مصير بلاد بقيت حتى مرحلة متقدمة من الأزمة محافظة على بنيتها التحتية القوية وعلى قطاع صحي مشهود له، يمكنه مقارعة أي طارئ .
خلاصة القول إن الأسلوب الرخيص الذي سبح بأصحابه إلى أحلامهم الخبيثة - دون أن يتمكنوا من الوصول - وسط بحار من دماء الأبرياء التي أراقوها على مذبح المنفعة الضيقة، لن تجدي معه أكاذيب متواترة حول كورونا وعدادها المتورم إعلامياً في سورية.
فهذه بلاد حماها بأس جيشها وبقية من وطنية جامعة أخذت دائرتها في الإتساع مع الإطلالات المتواترة لأصحاب الابتسامات القميئة ذاتها وهم يرتجلون الأكاذيب عن الحرية وكورونا على السواء.