محمود ريا (مدير موقع الصين بعيون عربية)
يشبه التعرض لأزمة فيروس كورونا التي تعم العالم الكثير من الصور التي اعتدنا على استخدامها في وصف الأحداث.
بدأنا بالتجاهل التام على مستوى مختلف الدول، و"الفرجة" على ما يحصل في الصين، ثم انتقلنا إلى مرحلة "الصدمة والترويع"، حين بدأ الانتشار وبدأت دول العالم تدرك أن ما يحصل ليس "فرجة"، وإنما هو خطر حقيقي يتهدد الجميع، ويشكل رعباً قادماً لن ينجو منه أحد، إلا من استنفر كل قواه للوقوف بشكل جدي في وجهه والتصدي له بكل الإمكانيات المتوفرة، وغير المتوفرة أيضاً.
اليوم، نحن انتقلنا إلى مرحلة جديدة، مرحلة الرقص على الصفيح الساخن.
هي مرحلة التعامل بنفس طويل وبصبر كبير وبتحمّل عالٍ مع هذا المرض، ومع تداعياته الصحية وآثاره الاقتصادية ونتائجه المستقبلية.
لا بد لنا من "الرقص" على هذا الصفيح الحامي، ليس فرحاً وحبوراً، ولكن هرباً من لسعات هذا الصفيح، وتوفيراً على أنفسنا مشقة الاحتراق بناره، والتعرض للتشوّه، وربما الانقراض بسببه.
وفي هذه الرقصة هناك أعراف وأنغام وحركات مدروسة، كي تكون ناجعة ومنجية، وإلا نكون نخبط خبط عشواء، فلا رقصة ولا من يرقصون.
والمُشكِل في رقصتنا هذه أنها رقصة جماعية، يجب أن يشارك فيها الجميع بلا استثناء، فلا ينفع أن يتحرك بعض أهل البلد، فيما الآخرون يتفرّجون، لأن عندها يختلط الحابل بالنابل، وتضيع الرقصة ويضيع البلد، و"لا يبقى حجر على حجر".
والأكثر إشكالاً في قضيتنا هذه هو أن الرقصة طويلة، طويلة جداً، قد تمتد على أسابيع، وربما على شهور (لا سمح الله)، لذلك ينبغي التعامل معها بكل صبر وطول أناة. كما أنه لا يمكن في هذه الرقصة أن يتعب أحد أو أن يستسلم ويجلس في الأرض، لأن الأرض ساخنة جداً و"الطيران" ممنوع، فلا مجال للهرب، ولا مجال للتراخي، ولا مجال للتسليم.
من أجل ذلك كان الشعار في ووهان: شدّي الهمّة يا ووهان، وكذلك في الصين، ومن ثم في أنحاء العالم، وهنا في عالمنا العربي الشعار هو نفسه: شدّوا الهمّة، شدّوا الحيل، لا تستسلموا، لا تتهاونوا، لا تتركوا الصفيح الساخن يحرقكم ويحرق من حولكم ويحرق أوطانكم.
كي نتجنب كل ذلك ينبغي أن نبقي على حركتنا المتناغمة فوق الصفيح الساخن، فنلتزم بالتعليمات ونبقى في البيوت، وندعو الله أن تمرّ هذه المرحلة بأقل الخسائر وأهون السبل، وما ذلك على الله ببعيد.