محمد باقر ياسين - خاص كورونا نيوز
الانسان بطبيعته عدو ما يجهل، وأحد مصادر المعرفة الوقوع في التجربة، لكن هذه القاعدة محفوفة بالمخاطر إن طبِّقت على فيروس كورونا لأنّ المصير مجهول ويمكن أن يودي بحياة صاحب التجربة، ومن هنا ضروري الإستماع إلى شخص يعاني من الإصابة بالفيروس لكي ينقل تجربته ويخبر عمّا يعانيه من آلام ومصاعب ترافق مواجهته لهذا الفيروس، ولهذا الغرض أجرى موقع كورونا نيوز مقابلة مع الفتاة نور عبيد التي أُصيبت بفيروس كورونا قبل نحو أسبوعين، فماذا قالت عن كيفية إصابتها؟ وماذا يعني أن تكون مصاباً ومحجوراً؟
لم تكن نور عبيد إبنة الواحد والعشرين عاماً والطالبة الجامعية في كلية الإعلام تتوقع أن تصاب بفيروس كورونا، فنور كانت ملتزمة بالحجر المنزلي ولم تخرج من منزلها سوى ثلاث مرات، حيث كانت كفيلة بأن يتسلل إليها الفيروس ويصيبها على غفلة، فرغم ارتدائها للكمامة لم يحل ذلك دون وقوعها في براثن الجائحة التي كانت تنتظر منها هفوةً صغيرة، وهذه الهفوة تعتقد نور بأنها يمكن أن تكون حينما لمست شيئا كان قد لمسه شخص مصاب قبلها ووضعت يدها على عينها بشكلٍ تلقائي.
تتحدث نور بصوتها المرتجف وبسعالها المتكرر، عن بداية الأعراض التي شعرت بها، حيث بدأت يوم الأربعاء في 28 شهر تموز المنصرم بآلام في اللوز وقتها ظنت أنها بسبب تناول المثلجات، وفي اليوم الثاني ارتفعت حرارتها حتى وصلت إلى أكثر من 38 درجة، تبعها ألم في الجسم وخمول، عندها استشارت طبيباً أخبرها بأنها تعاني من عوارض الإصابة بفيروس كورونا ونصحها بأن تتوجّه نحو مستشفى الحريري لتُجري فحص ال PCR، انتظرت ثلاثة أيام وهي تعاني الألم والخوف من المصير، وكانت الصدمة بالنتيجة التي أتت إيجابية، وقد نصحها الأطباء بحجر نفسها في المنزل وتناول الباندول.
تابعت الحديث عن آلام المرض التي كانت تشتدّ وكل يوم تشعر بآلامٍ جديدة لم تشعر بمثلها من قبل، شملت معظم أعضائها، بين آلام الرأس والأذنين إلى أوجاع في الظهر والكلى، وقد فقدت حاسة التذوق وكل ما تتناوله أصبح مر المذاق، والشعور باضطرابات في الجهاز الهضمي، إضافةً إلى السعلة وسيلان في الأنف والعيون، كل هذه الآلام التي عانتها كانت كفيلة بأن تجعل الفرد ينهار، لكن نور كانت تصر على تحمل تلك الآلام من أجل من تحبهم ويحبونها.
وتكمل نور سرد قصتها وتتحدث عن الأثر النفسي الذي أوجده كورونا بداخلها حيث أصيبت بالذعر وباضطرابات نفسية خلال الثماني أيام من الحجرالذي أطلقت عليه نور بتعبير السجن، وقد آلمها معاناة أمها جراء إصابتها إذ زادت الأعباء عليها وحرصها على التعقيم بعد كل ما تلمسه نور من آوانٍ وألبسة، كما عانت نور من انفصالها عن أهلها وعدم قدرتها على التواجد معهم في نفس الغرفة، وكل من يودّ الدخول إلى غرفتها بحال الضرورة يجب أن يضع الكمامة وهي تتخذ إجراءات الوقاية خوفاً عليه، ومن معاناة الحجر الشعور بالوحدة، حيث أنها لم تعتد البقاء بمفردها كل ذلك الوقت، وخصوصاً أنّ أهلها بعيدون نسبيًا عنها والباب أيضا مغلق، فهو أشبه بسجنٍ اختارته لنفسها وذلك لأنّها تتحمّل مسؤولية كبرى تجاه عائلتها كي تقيهم خطر الإصابة بالفايروس القاتل. فأن تكون مصاباً بكورونا يعني أنك ستبتعد عن من تحبهم ويحبونك وهو أسوأ شعور يمكن لأي فرد أن يشعر به، وهناك شعور آخر ألا وهو الخوف من الموت بأي لحظة وأنت بعيد عن أحبابك.
وختمت نور برسالة "أحببت أن أوصلها لكل فردٍ "لا يؤمن" بوجود كورونا ومن يستخف بالإجراءات ولم يشعر بخطورة الإصابة، كورونا قوي ويمكن أن يكون أقوى من تحمّل أي فرد لعوارضه وآلامه وهو ليس مزحة فقد قتل الكثيرين وأنا أرى الموت كل يوم بعيني وأحسّ بأنها ستكون آخر لحظاتي، فأنا بعمر 21 أي في عز شبابي وكان وقع كورونا بهذه القسوة علي فما بال الأطفال والكبار في السن ومن يعاني من أمراض مزمنة؟ فإذا نحن الشباب لا نبالي بأنفسنا فلنفكّر بهؤلاء ولنفكّر بمن نحب، فأنا كنت ملتزمة بالاجراءات الوقائية وقد أصبت نتيجة الإختلاط ، لذا أدعوكم جميعاً من أجل من يحبّكم وتحبّونه، إيّاكم مخالفة الإجراءات الوقائية و لا تخرجوا من منازلكم لزيارة غير ضرورية وعليكم بالتباعد الإجتماعي، وأتمنى لكل من سيقرأ قصتي أن يأخذ العبر، كما أتمنّى الشّفاء لكل مصاب بكورونا والرحمة لمن أخذهم الوباء عن محبيهم. وهذا ما حصل بالفعل قبل نشر قصتها بساعات حيث أخبرتنا نور بأن الفحص الأول جاء سلبياً وتنتظر فحصها الثاني لكي تتأكد من شفائها بشكلٍ تام من الفيروس.