أم البنين مصطفى
تحولُ جائحة كورونا هذا العام دون إقامة التّجمعات الهادفة إلى إحياء مراسم عاشوراء كما في كلِّ عام.
وفي وقت يشهد لبنان تفاقماً خطيراً في انتشار وباء كورونا في الآونة الأخيرة مشكلاً تهديداً جدّياً لصحة وسلامة الأفراد والمجتمع، ألغت قيادتا حركة أمل وحزب الله الاجتماعات والمجالس العامة والمسيرات وكل ما من شأنه الازدحام والتجمعات التي تكون عُرضةً لتهديد السلامة الفردية للمشاركين. وبناءً على توصيات المرجعيات الدينية بمراعاة الضوابط الصحية دعت القيادتان في بيان مشترك المحبين والعاشقين للإمام الحسين (ع) إلى تركيز الإحياء في المنازل من خلال المشاركة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حيث تُبَثّ المجالس والخُطب الحسينية، مؤكدة أهمية الإحياء عبر إظهار مظاهر السواد والحزن في الأحياء وسائر الأنماط المشابهة.
القرار ورغم أنّه متوقّع منذ ارتفاع أعداد المصابين بكورونا وبَدء إجراءات التعبئة والتزام المنازل، إلا أن وقعه كان صعباً على الموالين والمحبين نظراً لتناقضه مع دعوات الأعوام السابقة التي كانت تحثّ على المشاركة والحضور المباشر في كافة أماكن العزاء. ولِما تعوّد عليه الموالون من إقامة المجالس بأعداد تغصّ بها القاعات والساحات، وإعداد الولائم أو من خلال قصد الأماكن المقدّسة لأداء مراسم الزيارة والعزاء في الأضرحة المباركة. لكن أهل الوفاء وكما عادتهم يقرأون الوضع متفهمين خطورته وحيثياته. فانطلق الناشطون عبر مواقع التواصل معبرين عن تقديرهم للحرص الذي تبديه قيادتا الحزب والحركة على صحتهم وأرواحهم، مؤكّدين عدم تنافي القرار مع المفاهيم الكربلائية في ظل الوضع الراهن.
"الذي حمانا بعباءته في حرب تموز وفي باقي الحروب من البديهي أن يخاف على شعبه وأن يطلب منه الإحياء في المنازل حفاظاً عليه، القرار لم يلغ الإحياء.. بل حافظ عليه"، هكذا قاربت غدير مطر الموضوع، معتبرةً أنّ من الأولويات اليوم المحافظة على الأرواح في هذا الوضع الصحي الصعب". وقالت زينب علوه إن تعليق المجالس بدون شك أفضل للجميع، وكتبت: "المجلس بالبيت "مش غلط"، الإمام موجود إن كان في البيت أو الحسينية، في أجمل منها أن تكون الزهراء في ضيافتكم!" آملةً أن يعود إحياء الشعائر إلى ما كان عليه في الأعوام السابقة.
رأي آخر يصبّ في الخانة نفسها عبّرت عنه فاطمة فرحات بالقول إن "الدفاع عن النفس في مواجهة أي عدو واجب فكيف بعدو خفي كفايروس كورونا الذي خطف أرواح الكثيرين حول العالم".
فيما كتب أبو جواد أنه " قبل الحزن والبكاء على إلغاء المجالس يجب التعرف جيدا على معاني عاشوراء ومحرّم ومعاني الصبر والبصيرة حق المعرفة وأن لا نكتفي بالشعارات واللطم فقط"، دعمه علي القاضي ناقلاً الحديث الذي يقول إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً؛ معلقاً على ذلك بأنّ "تجمعاتنا كل عام هي للتعبير عنها، عدم التجمع لن يبرد تلك الحرارة أبداً".
ولأن مراسم عاشوراء ليست مجرّد طقوس تعودها المؤمنون منذ الصغر أوضح الشيخ أبو جعفر ضيا عبر موقع فسيبوك أيضاً أنّ "كل شعيرة باسم الحسين مطلوبة لنتيجتها وليست مطلوبة بذاتها ولسنا مأمورين بالالتزام الظاهري للإحياءات دون أن نعيش الحسين في كل حياتنا"، مضيفاً أن "الالتزام بعدم التجمعات والحشد في الحسينيات بسبب الفيروس يوازيه التزام بنشر السواد وتعظيم الشعائر المتاحة في هذه المرحلة والإعداد للتكافل الاجتماعي باسم الحسين (ع)".
كورونا التي غيّرت معالم الكثير من المناسبات والعادات حول العالم، فعّلت أنشطة الهيئات ونوادي الإحياء الحسيني في مواقع التواصل الاجتماعي. وفي حين عملت هذه الهيئات على بثّ ونقل الأدعية واللطميات والمجالس عبر البثّ الحيّ في تلك المواقع في مناسبات عدّة خلال الفترة الماضية بسبب كورونا، ستستمر خلال أيام عاشوراء في ذلك بشكل مكثّف إحياءً لذكرى ملحمة استشهد فيها أعظم مفجّر ثورة في كل العالم.