إيهاب شوقي (صحافي مصري)
هناك بالطّبع فوارق بين الخطر الحقيقي والهاجس، حيث يستند الخطر على معطيات واقعية وملموسة، بينما لا يستند الهاجس الا على أوهام أو خيالات أو على أخطار محتملة او مؤجلة، ولذلك اعتبر الحذر من المخاطر وعياً، واعتبرت المعاناة من الهواجس مرضا.
وفيروس كورونا مع طول الفترة الزمنية التي حلّ بها ضيفاً ثقيلاً، دون أضواء علمية في نهاية النفق، ودون سقف زمني واضح من الهيئات العلمية ومنظّمة الصحة، وحدوث التضارب بين اجراءات الإغلاق والإقتصاد، وبروز خيار التعايش مع المرض، أصبح التعايش يتحوّل حثيثاً الى إهمال وتجاهل.
وهنا يمكننا أنّ كورونا تحوّل عملياً الى مجرّد هاجس رغم أنّه لا يزال علميا خطر، بل وخطر جسيم.
ولعلّ الخطر الأكبر في كورونا هو عدم انضباط تأثيره وعدم خضوعه لقواعد بعينها، ممّا يجعل احتمالية النجاة متساوية تقريبا مع احتمالية الهلاك، حيث لا يوجد مقياس معتمد لمناعة الشعوب وضمانات لتغلّبهم على الفيروس وتداعياته.
هنا جرس الإنذار لا بدّ وان يتمّ دقّه بكافّة الوسائل المتاحة، حكومياً وإعلامياً، بل وبمبادرات فردية من ذوي الوعي، حيث يجب تدشّن حملات تحذير من التجاهل والنسيان بحجم حملات التحذير التي صاحبت ذروة تفشي الوباء.
نعم هناك تراجع نسبي في أعداد الاصابات في بلادنا العربية، ولكنّها قد تكون خادعة اذا ما قورنت أعداد الفحوصات بالأعداد التي تجري في بلاد مثل امريكا والبرازيل والتي تزداد بها الحالات.
لا نرغب في ان يعيش الناس في بلادنا تحت وطأة القلق والرّعب والتي تشتدّ قسوتها اذا ما أضيفت لمتاعبهم اليومية اقتصادياً والمخاطر المحدقة بهم سياسياً وامنياً، إنّما وبنفس القدر لا نرغب أيضا في إهمال وتجاهل يقود الى تفشّي لوباء لا تستعد له أجهزة دول منطقتنا بامكاناتها الضعيفة وأولوياتها الخاطئة.
إنْ تحوّل كورونا الى مجرّد هاجس ومرض محتمل ومجرد قضاء وقدر، هو منافاة للوعي بل وللإيمان بالقضاء والقدر والذي لا يعفي من حفظ النفس والأخذ بأسباب السلامة.
وفي ظل غموض مستمر وعدم وضوح للرؤية والحلول الجذرية، فليس أمام شعوبنا الّا الحيطة والإلتزام، وهي مسؤولية جماعية لا يستقيم معها انتظار الحكومات سواء بقرارات إغلاق فورية أو حملات توعوية، بل ينبغي أن تكون المبادرات من المجتمع المدني والمنظمات الأهلية ومن الأفراد أيضا، لأنّ المرض ينتشر بشكل عنقودي ولن يجدي معه إلتزام فئة دون اخرى.